الدرس 120 _اصناف المستحقين للزكاة 21
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويجوز الدَّفع إلى ربِّ الدَّين بغير إذن الغارم، وبعد وفاته(1)
(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز الدَّفع إلى صاحب الدَّين بغير إذن الغارم؛ وذلك لإطلاق الأدلَّة بقضاء الدَّين عنه الشَّامل لصورتي الإذن وعدمه.
نعم، استشكل العلاَّمة (رحمه الله) في نهايته في جواز الدَّفع إلى صاحب الدَّين بدون إذن المديون.
أقول: لعلَّ منشأ الإشكال أنَّ الغارم هو المستحقّ والآية الشَّريفة نصَّت على كونها له.
ولكن لا إشكال في ضعفه؛ وذلك لإطلاق الأدلَّة.
وأمَّا جواز الدَّفع عنه بعد وفاته فللرِّوايات الكثيرة، والتي:
منها: صحيحة عبد الرَّحمان بن الحجَّاج «قَاْل: سألتُ أبا الحسن (عليه السلام) عن رجلٍ عارفٍ فاضلٍ تُوفّي وترك عليه دَيناً قدِ ابتُليَ به لم يكن بمُفسِدٍ ولا بمُسْرِفٍ، ولا معروفٍ بالمَسْألة، هل يقضى عنه مِنَ الزَّكاة الألف والألفان؟ قَاْل: نعم»([1]).
ومنها: معتبرة موسى بن بكر عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث «قَاْل: مَنْ طلب الرِّزق فغلب عليه، فَلْيستدن على الله (عز وجل) وعلى رسوله ما يقوّت به عيالَه، فإنْ مات ولم يقضِ كان على الإِمام قضاؤه، فإنْ لم يقضه كان عليه وزره، إنَّ الله يقول: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ... وَالْغَارِمِينَ ﴾ ]التوبة: 60[، فهو فقير مسكين مغرم»([2])، وكذا غيرها من الرِّوايات.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ودين واجب النَّفقة وغيره سواء، إلاَّ ما يجب قضاؤه منه(1)
(1) المعروف بين الأعلام أنَّه لا فرق في جواز قضاء الدَّين عن الغارم بين كونه أجنبيّاً أو واجب النَّفقة، وسواء أكان الغارم حيّاً أم ميّتاً.
أمَّا بالنِّسبة للأجنبيّ، فقد عرفت وجهه ممَّا تقدَّم، وأمَّا حكم واجب النَّفقة فمقطوع به أيضاً، قال صاحب المدارك (رحمه الله): «هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب، بل ظاهر المصنِّف في المعتبر والعلاَّمة في التَّذكرة والمنتهى أنَّه موضع وفاقٍ بين العلماء...».
أقول: قد وردت النُّصوص بذلك في الحيّ والميّت.
أمَّا بالنِّسبة لواجب النَّفقة الحي، فتدلُّ عليه موثَّقة إسحاق بن عمَّار «قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلٍ على أبيه دَيْن ولأبيه مؤونة، أيُعطِي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قَاْل: نعم، ومَنْ أحقّ من أبيه؟!»([3])، وكذا غيرها.
وأمَّا فيما لو كان ميّتاً، فتدلّ عليه حسنة زرارة «قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): رجلٌ حلَّت عليه الزَّكاة ومات أبوه وعليه دَيْن، أيُؤدِّي زكاته في دين أبيه وللإِبن مال كثير؟ فَقَاْل: إن كان أبوه أورثه مالاً، ثمَّ ظهر عليه دَين لم يعلم به يومئذٍ فيقضيه عنه، قضاه من جميع الميراث ولم يقضِه من زكاته، وإن لم يكن أورثه مالاً لم يكن أحدٌ أحقّ بزكاته من دَيْن أبيه، فإذا أدَّاها في دَيْن أبيه على هذه الحال أجزأتْ عنه»([4]).
نعم، لو كان الدَّين على مَنْ تجب نفقته كالأب مثلاً مصروفاً في المؤونة التي تجب على الإبن، كالمأكل والملبس والمسكن، فلا يجوز قضاؤه من الزَّكاة الواجبة على الإبن؛ لأنَّ هذه النَّفقة تجب على الإبن، ولا يجوز إعطاء الزكاة لواجبي النَّفقة للصَّرف في مؤونتهم اللاَّزمة عليه، كالمأكل والملبس والمسكن.
ومن هنا فإنّ ما ذكرناه لا ينافي الرِّوايات الدَّالّة على عدم جواز إعطاء الزَّكاة لأبيه وأمِّه وغيرهما ممَّنْ وجبت نفقته عليه، كصحيحة عبد الرَّحمان بن الحجّاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: خمسةٌ لا يعطون من الزَّكاة شيئاً: الأب والاُمّ والولد والمملوك والمرأة، وذلك أنَّهم عياله لازمون له»([5])، وذلك لأنَّ قضاء الدَّين لا يلزم المكلّف بالاتِّفاق، والله العالم.
([1]) الوسائل باب 46 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.
([2]) الوسائل باب 46 من أبواب المستحقين للزكاة ح4.
([3]) الوسائل باب 18 من أبواب المستحقين للزكاة ح2.
([4]) الوسائل باب 18 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.
([5]) الوسائل باب 13 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.