الدرس 246 _ المقصد الثالث في العام والخاص 21
الدرس 246 _ المقصد الرابع في العام والخاص 21
الفصل الثاني: تعريف العام وأقسامه وصيغه / المبحث الخامس: استصحاب العدم الأزلي.
· إيراد السيد الخوئي على كلام الميرزا بجواب نقضي، وحَلّي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا إذا كان الموضوع مركّباً من جوهر وعرض على هذا الجوهر؛ أي مركباً من العرض ومحلّه الخاص؛ كالكرّية المأخوذة في الماء، والعدالة المأخوذة في زيد، ففي هذه الحالة لا محالة يكون المأخوذ فيه العرض بوجوده النعتي؛ ضرورة أنّ الحكم إنّما يترتب على خصوص وجوده في ذلك المحلّ الخاص، والموضوع المخصوص. ومن المعلوم أنّه بعينه وجود نعتي؛ لما عرفت سابقاً أنّ وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه؛ فوجود الكرّية في ماء هو بعينه اتصافه بها وما هو مفاد كان الناقصة، وكذا وجود العدالة في زيد هو بعينه اتصافه بها وما هو مفاد كان الناقصة.
وأمّا إذا كان الموضوع مركّباً من عدم العرض ومحلّه؛ كما لو كان مركّباً من (المرأة) و(عدم القرشية)، فهنا يأتي النـزاع، فهل هذا القيد العدمي مأخوذ في موضوع العام على نحو العدم المحمولي بمفاد ليس التامة، أم على نحو العدم النعتي بمفاد ليس الناقصة؟
اختار السيد الخوئي أنّه مأخوذ على نحو العدم المحمولي؛ لأنّ معنى العدم النعتي هو عدم شيء لشيء، فيكون ذا خصوصية زائدة، وهي إضافة العدم إلى الموضوع المحقق، بينما معنى العدم المحمولي هو عدم الشيء فقط، فيكون أقلّ مؤنة من العدم النعتي، وبالتالي يكون أولى أن يقيَّد الموضوع به.
وتظهر ثمرة تقييد موضوع العام بعد التخصيص بالعدم المحمولي؛ حيث يصبح الموضوع بعد التخصيص (المرأة المقيّدة بعدم الاتصاف بالقرشية)، في أنّه لو شككنا في قرشية امرأة معينة، يمكن استصحاب عدم اتصافها بالقرشية من الأزل، فيلتئم موضوع العام حينئذٍ، ويكون حيضها إلى الخمسين. أمّا لو كان الموضوع مقيداً بالعدم النعتي؛ حيث يصبح الموضوع بعد التخصيص (المرأة المقيّدة باتصافها بعدم القرشية)، فلو شككنا في قرشية امرأة معينة، لا يمكن استصحاب اتصافها بعدم القرشية؛ لعدم الحالة السابقة لها؛ لأنّ صفة القرشية إمّا أن توجد من أوّل الأمر في المرأة أو لا، فلم توجد المرأة متصفة بعدم القرشية ثمّ شككنا في ثبوت القرشية لها. وبالجملة، فليس لها حالة سابقة لتُستصحب. ولا ينفع استصحاب العدم المحمولي؛ أي عدم اتصافها بالقرشية، لإثبات لازمه، وهو اتصافها بعدم القرشية؛ لأنّه من الأصل المثبت الذي لا نقول به.
وفيه: أمّا ما ذكره السيد الخوئي من أنّ الشارع المقدس إذا قيد موضوع الحكم بالملزوم، لا يمكن أن يقيّده بلازمه؛ لاستلزامه اللغوية، ولا يعقل أن يقيّده بنقيض لازمه، ولا أن يطلق؛ لاستلزامه التناقض مع تقييده بالملزوم، وبالتالي لمّا كان العدم النعتي لازماً للعدم المحمولي، فلا بدّ أن يتعين التقييد بأحدهما، فهو وجيه، ولا محيص عنه.
ولكن ما ذكره من أنّ العدم المحمولي أولى أن يتقيّد به موضوع العام بعد التخصيص من العدم النعتي؛ لأنّه أقل مؤنة.
ففيه أوّلاً: أنّ التعبير عن العدم المحمولي بعدم اتصاف الموضوع بشيء؛ كعدم اتصاف المرأة بالقرشية، في غير محلّه؛ لأنّ العدم المحمولي كما تقدم عدم محض لا يضاف إلى شيء إلا إلى الماهية، فهذا التعبير يجعل العدم المحمولي عين العدم النعتي؛ إذ لا فرق في الواقع بين اتصاف المرأة بعدم القرشية، وبين عدم اتصافها بالقرشية، ويصبح الاختلاف بينهما لقلقة لسان فحسب. إذاً التعبير الصحيح عن العدم المحمولي، هو عدم الشيء؛ كعدم القرشية، لا عدم اتصاف المرأة بالقرشية؛ إذ هذا هو العدم النعتي.
ثانياً: أنّ أغلب الأعدام الأزلية قد انتقضت بالوجود؛ فبعد أن وُجِدت امرأة قرشية في العالم، لا يصحّ استصحاب عدم القرشية بالعدم الأزلي بعد ذلك.
نعم، إنّما يصحّ هذا الاستصحاب فيما لو شككنا بوجود امرأة قرشية في الدنيا. وكذا الحال بالنسبة إلى الكرّية؛ فبعد وجود الكرية في الدنيا، لا يصحّ استصحاب عدم الكرّية باستصحاب العدم الأزلي؛ لانتقاضه بالوجود.
ثالثاً: لو غضضنا النظر عن هاتين النقطتين، وقلنا بإمكان استصحاب العدم الأزلي، إلا أنّنا لا نسلّم بأنّ تقييد الموضوع به أولى من تقييده بالعدم النعتي لأنّه ذو خصوصية زائدة، بل المتعيّن هو أخذه على نحو العدم النعتي؛ وذلك لأنّ العدم النعتي ليس عدماً مطلقاً، بل عدم خاص، وهو يعني عدم وصف لموصوف؛ نظير عدم الملكة؛ وهو عدم وصف لموصوف قابل للاتصاف به.
وبالجملة، لا يمكن أخذ العدم النعتي شيئاً بحيال ذاته في مقابل المحلّ المتصف به.
والنتيجة: أنّ المأخوذ في موضوع العام بعد التخصيص هو العدم النعتي، فإن كان له حالة سابقة فنستصحبها، وإن لم تكن له حالة سابقة؛ بسبب مقارنة الوصف للموصوف من أوّل وجوده كصفة القرشية للمرأة، فهنا لا يمكن استصحاب العدم النعتي، ولا ينفع استصحاب العدم الأزلي لإثبات العدم النعتي؛ لأنّه من الأصل المثبت، فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل العملي في الفرد المشكوك دخوله تحت العام، فحينئذٍ إن كان الشك في الوجوب فالمرجع إلى أصالة البراءة منه، وإن كان الشك في الحرمة فالمرجع إلى أصالة البراءة منها أيضاً، وإن دار الأمر بين الوجوب والحرمة فالمرجع إلى أصالة التخيير. والله العالم.
· النتيجة كون العدم النعتي هو المأخوذ في موضوع العام بعد التخصيص.