الدرس47 _اوقات الفرائض والنوافل 27
وفيه أوَّلاً: أنَّه ضعيف السند، لعدم وثاقة القاسم بن محمَّد الجوهري.
وثانياً: أنَّه ضعيف الدَّلالة، إذ لا يدلّ على أنّ التأخير إلى رُبُع الليل للاضطرار، وإنَّما هو لحاجة يمكن الاستغناء عنها، بل في الواقع هذا الخبر يدلّ على جواز التأخير اختياراً، وإذا جاز ذلك إلى ربع الليل جاز حينئذٍ إلى منتصف الليل، لعدم القول بالفصل.
وأمَّا ما حُكِيَ عن الشيخ المفيد وابن بابويه (رحمهما الله) من امتداد الوقت إلى ربع الليل للمسافر : فقد يُستدلّ لهم بخبر عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: وقتُ المغربِ في السفرِ إلى رُبُع الليل»[i]f264، ولكنه ضعيف بسلمة بن الخطاب.
نعم، رواه الشيخ بطريق صحيح[ii]f265، فالرواية حينئذٍ صحيحة، وتعارضها صحيحته الأخرى «قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وقتُ المغرب في السفر إلى ثُلُثِ الليل»[iii]f266.
والإنصاف: أنَّه يتعيَّن حمل روايات الرُّبُع والثُلُث على نفي الكراهة في التأخير في السفر، أو العذر، ونحوهما، وذلك للجمع العرفي بين هذه الأخبار، وبين الأخبار المجوِّزة للتأخير اختياراً إلى نصف الليل.
وممَّا يدلُّ على جواز التأخير عن سقوط الشفق اختياراً: صحيحة أبي همّام إسماعيل بن همَّام «قال رأيتُ الرضا عليه السلام وكنَّا عِندَه لم يصلِّ المغربَ حتَّى ظهرت النُّجوم، ثمَّ قامَ فصلَّى بنا على باب ِ دار ابن أبي محمود»[iv]f267، وقد عرفت أنَّه إذا جاز التأخير عن سقوط الشفق اختياراً جاز ذلك إلى منتصَف الليل، لعدم القول بالفصل.
إن قلت: إنَّ فعل الإمام عليه السلام مجمل، فلعلّ التأخير كان لعُذْر.
قلت: هذا الاحتمال في حقِّه عليه السلام، وإن كان وراداً، إلاَّ أنَّه يبعد أن تكون صلاة جميع الحاضرين لعُذْر.
أمّا جواز التأخير إلى طلوع الفجر للاضطرار: فسيأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالى عند الكلام عن وقت انتهاء صلاة العشاء الآخرة.
وأمَّا ما ذكره المصنِّف هنا، وكذا كثير من الأعلام من أنَّه يجوز التأخير اختياراً إلى أن يبقى لانتصاف الليل قدر إجزاء العشاء : فقد تقدّم الكلام عنه عند قول المصنِّف سابقاً «وتختصُّ بقدر أدائها، ثم يدخل وقت العصْر»، وقلنا هناك: إنَّ الأقوى أنَّ الوقت بتمامه مشترك بين الفريضتَيْن، إلاَّ أنَّ الظهر قبل العصر، والمغرب قبل العشاء اختياراً، فراجع ما قلناه هناك فإنَّه مهمّ، والله العالم.