الدرس 245 _ المقصد الثالث في العام والخاص 20
الدرس 245 _ المقصد الرابع في العام والخاص 20
الفصل الثاني: تعريف العام وأقسامه وصيغه / المبحث الخامس: استصحاب العدم الأزلي.
· إيراد السيد الخوئي على كلام الميرزا بجواب نقضي، وحَلّي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد أجاب السيد الخوئي على كلام أستاذه بجوابين نقضي وحلّي.
الجواب النقضي: هو أنّه يلزم من كلام الميرزا عدم جريان استصحاب العدم الأزلي في كلّ موضوع مركّب؛ فمثلاً لو كان موضوع العام مركّباً من جوهرين؛ كما لو قيل: (إن وجد زيد وعمرو فتصدق)، فهنا الموضوع مركّب من جوهرين، وهما وجود زيد ووجود عمرو.
وعليه، فإنّ وجود كلّ منهما بالإضافة إلى الآخر، لا يخلو من أن يكون ملحوظاً مقيّداً بالإضافة إلى الاتصاف بالمقارنة له، أو مقيّداً بالإضافة إلى الاتصاف بعدم المقارنة له، أو مطلقاً بالإضافة إلى كلّ منهما؛ لاستحالة الإهمال في الواقع، وحيث إنّ الشقّين الثاني والثالث غير معقولين، فلا محالة يتعيّن الشق الأوّل، ومعه يكون تقييده بوجود الجزء الآخر بمفاد كان التامة لغواً محضاً. وعليه، فلا يمكن إحراز الموضوع بضمّ الوجدان إلى الأصل.
وكذا لو كان موضوع العام مركّباً من عرضين لجوهرين؛ كموضوع الإرث المركّب من (موت المورِّث) و(إسلام الوارث). وعليه، فإمّا أن يلحظ كلّ منهما بالإضافة إلى الآخر مقيّداً باتصافه بالمقارنة له بمفاد كان الناقصة، أو مقيّداً باتصافه بعدم المقارنة له بمفاد ليس الناقصة، أو مطلقاً بالإضافة إلى كلّ منهما؛ وذلك لاستحالة الإهمال في الواقع. وقد تقدم أنّ القسمين الثاني والثالث يستلزمان التدافع والتناقض، فلا يمكن الأخذ بشيء منهما.
وأمّا القسم الأوّل، فلا مناص من الأخذ به، ومعه لا محالة يكون تقييد أحدهما بالآخر بمفاد كان التامة لغواً محضاً بعد ثبوت التقييد بينهما بمفاد كان الناقصة.
فإذاً، لا يمكن إحراز الموضوع بضمّ الوجدان إلى الأصل، كما إذا كان الموت محرزاً بالوجدان، وشُكَّ في بقاء إسلام الوارث، فباستصحاب بقائه لا يثبت الاتصاف بالمقارنة إلا على القول بالأصل المثبت، ولا نقول به.
وفيه: أنّ هذا الجواب غير صالح للنقض على دليل الميرزا؛ إذ لا ضير في عدم جريان استصحاب العدم الأزلي في كلّ موضوع مركّب، طالما بقيّة الأصول العملية متوفرة.
الجواب الحلي: إنّ موضوع الحكم أو متعلّقه بالإضافة إلى ما يلزمه وجوداً في الخارج، لا مطلق ولا مقيّد.
وتوضيحه: جاء في خبر محمد بن مسلم عن أحدهما N: «قال: سألته عن القبلة؟ فقال: ضع الجدي في قفاك وصلِّ»[1]f99؛ فإنّ استدبار الجدي بالنسبة لأهل العراق المنظور إليهم في الرواية؛ باعتبار أنّ ابن مسلم R من أهل الكوفة، لازمٌ لاستقبال القبلة إلى جهة الجنوب الغربي، فإذا قيّد المولى موضوع الحكم بوجوب الصلاة بالملزوم، وهو استقبال القبلة إلى جهة الجنوب الغربي، فلا يمكن أن يقيّده بنقيض اللازم، وهو استدبار الجدي؛ أو يطلقه من هذه الجهة؛ بأن يقول: (صلِّ إلى القبلة سواء استدبرت الجدي أم لا)؛ للزومه التناقض مع تقيّده باللازم غير المفارق للملزوم، كما لا يصحّ تقييده بوجود اللازم؛ لاستلزامه اللغوية.
وعليه، بما أنّ هذه التقسيمات؛ أي التقييد بطرفيه والإطلاق، غير واردة على اللازم، انتفت استحالة الإهمال من جهته؛ لأنّ استحالة الإهمال متفرّعة عن إمكان الإطلاق والتقييد، ومع عدم إمكانهما بحق اللازم، تنتفي استحالته بانتفاء موضوعه.
إذا عرفت ذلك، فبما أنّ العدم المحمولي والنعتي متلازمان في الخارج؛ إذ يلزم من العدم المحمولي العدمُ النعتي، ويلزم من العدم النعتي العدمُ المحمولي؛ والسرّ فيه أنّهما في الخارج شيء واحد، وإنّما الاختلاف بينهما إضافي؛ إذ العدم المحمولي بالإضافة إلى الماهية، بينما العدم النعتي بالإضافة إلى موضوعه، فلا يمكن للشارع بحال قيّد الموضوع بأحدهما؛ كما لو فرضنا أنّه قيّد العالم بعدم الاتصاف بالفسق، أن يقيّده بالآخر؛ أي الاتصاف بعدم الفسق، للزومه اللغوية، كما لا يعقل أن يقيّده بنقيض الآخر؛ أي الاتصاف بالفسق، أو يطلق من جهته؛ بأن يوجب إكرام العالم سواء كان فاسقاً أم لا؛ للزومه التناقض مع تقييده بعدم الاتصاف بالفسق.
وعليه، بما أنّ التقييد بالعدم المحمولي مانع من التقييد بالعدم النعتي للزومه اللغوية، وكذا التقييد بالعدم النعتي مانع من التقييد بالعدم المحمولي للزومه اللغوية أيضاً، فينبغي تعيين التقييد بأحدهما.
أمّا لو كان الموضوع مركّباً من جوهرين، أو من عرضين في محلّ واحد أو في محلّين، أو عرض مع غير محلّه وموضوعه، ففي جميع ذلك يكون العرض مأخوذاً في الموضوع بوجوده المحمولي، وبمفاد كان التامة، فإنّ أخْذه بمفاد كان الناقصة في هذه الموارد يحتاج إلى عناية زائدة.