الدرس 1184 _كتاب الخمس 64
ومنها: صحيحة البزنطيّ عن الرِّضا (عليه السلام) (قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اﷲِ (عز وجل) : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)، فَقِيلَ لَهُ: فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَلِمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: لِرَسُولِ اﷲِ (صلّى الله عليه وآله)، وَمَا كَانَ لِرَسُولِ اﷲِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ، فَقِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ صِنْفٌ مِنَ الْأَصْنَافِ أَكْثَرَ، وَصِنْفٌ أَقَلَّ، مَا يُصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: ذَاكَ إِلَى الْإِمَامِ، أَرَأَيْتَ رَسُولَ اﷲِ (صلّى الله عليه وآله)كَيْفَ يَصْنَعُ، أَلَيْسَ إِنَّمَا كَانَ يُعْطِي عَلَى مَا يَرَى كَذَلِكَ الْإِمَامُ)([1]).
وأشكل عليها في المدارك: حيث قال: (ويمكن المناقشة في الرواية بالطعن في السند باشتماله على ابنَي فضَّال، وهما فطحيّان، مع أنَّها غيرُ صريحةٍ في جواز التَّخصيص)([2]).
أقول: أمَّا الإشكال السَّنديّ فليس تامّاً؛ لأنَّها مرويّة في الكافي بسند صحيح.
أضف إلى ذلك: أنَّها وإنِ اشتملت في التَّهذيب على ابنَي فضَّال، إلاَّ أنَّهما ثُقتان، فهي موثقة.
وأمَّا إشكاله (رحمه اﷲ): بأنَّها غيرُ صريحةٍ في جواز التَّخصيص.
فيرد عليه: أنَّها وإن لم تكن صريحةً في جواز التَّخصيص، إلاَّ أنَّها صريحةٌ في عدم وجوب التَّسوية بين الأسهم، ولا بين الأشخاص، وهذا يُنافي إرادة الاختصاص والتَّمليك من اللاَّم على سبيل التَّشريك بين المتعاطفات؛ إذ لو كان التَّشريك ملحوظاً بين الأنواع للزم التَّسوية بين الأسهم، وصرفُ كلِّ سهمٍ إلى صنفه، قليلاً كان أو كثيراً، والرِّواية صريحة في خلافه.
ولو كان التَّشريك ملحوظاً بين الأفراد والمصاديق للزم الاستيعاب في الأشخاص. وسيتَّضح لك إن شاء اﷲ تعالى أنَّه لا يمكن الالتزام به بالنِّسبة إلى كلِّ فردٍ فردٍ من أفراد الخُمُس، مع أنَّ الصَّحيحة كالنَّصّ في خلاف ذلك.
نعم، قد يُشكل على الصَّحيحة: بأنّ إيكال الأمر إلى الإمام (عليه السلام) لا يرتبط بما نحن فيه؛ لأنَّ له (عليه السلام) الولاية على الخُمُس وأهله، فله أن يزيد على كفايتهم.
وعليه، فما ينقص عنها فأمره راجعٌ إليه (عليه السلام) في حال حضوره على جميع الأحوال، فيمكن له أنْ لا يساوي بين السِّهام، مع اختلاف ذويها، فلا يُقاس عليه مَنْ لا ولاية له على الخُمُس، ولا على أهله، واﷲ العالم.
* * *
قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: أمَّا الأشخاص فيعمُّ الحاضر.
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجب استعياب أشخاص كلِّ طائفة، بل لو اقتصر من كلِّ طائفة على واحد جاز.
وفي المدارك: (هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب؛ لأنَّ المراد من اليتامى والمساكين في الآية الشَّريفة الجنس كابن السَّبيل، كما في آية الزَّكاة، لا العموم؛ إمَّا لتعذُّر الاستيعاب، أو لأنَّ الخطاب للجميع، بمعنى أنَّ الجميع يجب عليهم الدَّفع إلى جميع المساكين، بأنْ يُعطي كلّ بعض بعضاً إلى أن قال: وقال الشَّهيد في الدُّروس بعد أنْ تنظَّر في اعتبار تعميم الأصناف : أمَّا الأشخاص فيعمّ الحاضر، ولا يجوز النَّقل إلى بلد آخر، إلاَّ مع عدم المستحقّ، وهذا الكلام يقتضي بظاهره وجوب التَّعميم في الأشخاص الحاضرين، وهو بعيد)([3]).
([1]) الوسائل باب 2 من أبواب قسمة الخُمُس ح1، 2، وأصول الكافي: باب الفيء والأنفال وتفسير الخُمُس، ح7، ج1، ص544.
([2]) المدارك: ج5، ص405.
([3]) المدارك: ج5، ص403.