الدرس 199_في المناهي وهي على أقسام ثلاثة (31).ثالثها: ما نهي عنه تنزيها
الدرس 199 / الأربعاء: 22-أيلول-2021
وأمَّا الرِّوايتان الباقيتان، فظاهرتان في الجواز:
الأولى: صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) «قَاْل: سألتُه عَنِ النّثار من السُّكر واللَّوز وأشباهه، أيحلُّ أكله؟ قَاْل: يُكْرَه أَكْلُ ما انتُهِب»[1]f375.
الثَّانية: رواية وهب عن جعفر عن أبيه «قال: قال عليٌّ (عليه السلام): لا بَأْسَ بنَثْر الجَوْزِ والسُّكرِ»[2]f376، أي لا بأس بأكل نثر الجوز والسُّكر، ولكنَّها ضعيفة بوهب بن وهب.
والإنصاف: أنَّ مقتضى الجمع العرفي هو حمل الرِّوايات الظَّاهرة في الحرمة على الكراهة جمعاً بينها وبين صحيحة عليّ بن جعفر، فما ذهب إليه المصنِّف (رحمه الله) من القول بالكراهة هو مقتضى الصِّناعة العلميَّة، وهو الصَّحيح، والله العالم.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وبيع المُلْك لغير ضرورة إلاَّ أن يشتري خيراً منه. (انتهى كلامه)
(1) ذكر جماعة منَ الأعلام أنَّه يكره بيع المُلْك لغير ضرورة إلاَّ أن يشتري خيراً منه.
أقول: يدلُّ على ذلك جملة من الرِّوايات:
منها: صحيحة معاوية بن عمَّار بطريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: لمّا دَخَلَ النَّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) المدينةَ خطَّ دورها برِجْلِه، ثمَّ قال: اللَّهمَّ مَنْ باع رقعة من أرض فلا تبارك فيه»[3]f377، وهي بطريق الكليني موثَّقة، إَّلا أنَّه قال: «اللَّهمَّ مَنْ باع رباعه فلا تُبَارك له».
ومنها: موثقة أبان بن عثمان «قَاْل: دعاني أبو جعفر (عليه السلام)، فَقَاْل: باع فلانٌ أرضَه؟ قلتُ: نعم، قَاْل: مكتوبٌ في التَّوراة: إنَّ مَنْ باع أرضاً أو ماءاً، ولم يضع ثمنَه في أرضٍ وماٍء ذهب ثمنُه مَحْقاً»[4]f378.
ومنها: رواية وهب الحريري عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: مشتري العقدة مرزوق، وبائعها ممحوق»[5]f379، والقعدة كلما يمتلكه الإنسان من ضيعة أو عقار، وهي ضعيفة بجهالة وهب الحريري، كما أنَّ صالح بن أبي حمَّاد لم يمدح مدحاً معتدّاً به.
ومنها: رواية هشام بن أحمر عن أبي إبراهيم (عليه السلام) «قال: ثمنُ العقارِ ممحوقٌ، إلاَّ أنْ يجعلَ في عِقَارٍ مثلَه»[6]f380، وهي ضعيفة بجهالة محمَّد بن عليِّ بن يوسف، وعبد السَّلام، وهشام بن أحمر، وعدم وثاقة علي بن محمَّد بن بندار.
ومنها: رواية مسمع «قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ لي أرضاً تطلبُ منِّي ويرغِّبوني، فَقَاْل لي: يا أبا سيار! أَمَا علمتَ أنَّه مَنْ باعَ الماءَ والطِّين، ولم يجعلْ مالَه في الماءِ والطِّينِ ذَهَبَ مالَه هباءً، قلتُ: جعلت فداك! إنِّي أبيعُ بالثَّمن الكثير، وأشتري ما هو أوسعُ رقعةً منه، فَقَاْل: لَاْ بَأْسَ»[7]f381، وهي ضعيفة بسهل بن زياد، وبالأصم وهو عبد الله بن عبد الرَّحمان الأصم، وبمحمَّد بن الحسن بن شمون، وقال عنه النَّجاشي أنَّه ضعيف جدّاً.
ومنها: معتبرة السَّكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث «إنَّ النَّبيَّ (صلّى الله عليه وآله) سُئِلَ أيّ المال بعد البقر خير؟ فَقَاْل: الرَّاسِيَات في الوَحْل، والمطعمات في المحلِّ، نِعْمَ الشَّيء النَّخل، مَنْ باعه فإنَّما ثمنه بمنزلة رماد على رأسِ شاهقٍ في يوم عاصفٍ، إلاَّ أنْ يخلفَ مكانَها»[8]f382.
والخلاصة: أنَّ مقتضى الصِّناعة العلميَّة هو كراهة بيع المُلْك لغير الضَّرورة إلاَّ أن يشتري خيرًا منها.
تمَّ الانتهاء منه عصر يوم الأحد في اليوم الواحد والعشرين من شهر شعبان المعظَّم سنة 1442 للهجرة الموافق لليوم الرَّابع من شهر نيسان سنة 2021 للميلاد، وذلك في ضاحية بيروت الجنوبيَّة، وآخر دعوانا أنَّ الحمد ربّ العالمين.
[1] الوسائل باب 36 من أبواب ما يكتسب ح2.
[2] الوسائل باب 36 من أبواب ما يكتسب ح5.
[3] الوسائل باب 24 من أبواب مقدِّمات التِّجارة ح4.
[4] الوسائل باب 24 من أبواب مقدِّمات التِّجارة ح5.
[5] الوسائل باب 24 من أبواب مقدِّمات التِّجارة ح6.
[6] الوسائل باب 24 من أبواب مقدِّمات التِّجارة ح7.
[7] الوسائل باب 24 من أبواب مقدِّمات التِّجارة ح8.
[8] الوسائل باب 24 من أبواب مقدِّمات التِّجارة ح9.