الدرس 202 _كتاب الصدقة 6
الدرس 202 / الثلاثاء: 1 تشرين2 2022
وقد يُستدلّ له أيضاً: بعموم الإحسان والمعروف وصلة الرَّحم، ولا يُنافي ذلك قصد القربة بعد فرض شمول الأدلَّة له؛ ضرورة عدم المانع من كون الصَّدقة قربةً إلى الله تعالى، وإن كانت على أهل الذِّمّة.
وقد يُستدلّ للقول بالجواز أيضاً بجملة من الرِّوايات:
منها: رواية عَمْرو بن أبي نصر «قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ أهل البوادي يقتحمون علينا، وفيهم اليهود والنَّصارى والمجوس، فنتصَّدق عليهم؟ قَاْل: نعم»([1])، ولكنَّها ضعيفة بالحَكَم بن مسكين.
ومنها: رواية مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: أفضل الصَّدقة إِبرَاد كبدٍ حرّى»([2])، وحرَّى: أي شديدة العطش، ولكنَّها ضعيفة؛ لاشتراك عبد الله بن محمَّد بين عدَّة أشخاص.
ومنها: رواية مصادف «قَاْل : كنتُ مع أبي عبد الله (عليه السلام) بين مكَّة والمدينة، فمررنا على رجلٍ في أصل شجرةٍ، وقد ألقىٰ بنفسِه، فقال: مل بنا إلى هذا الرَّجل، فإنِّي أخاف أن يكون قد أصابه عطشٌ، فملنا (إليه)، فإذا رجل من الفراسين([3])، طويل الشَّعر، فسأله: أعطشان أنت؟ فقال: نعم، فقال لي: اِنزل، يا مصادف! فاسقِه، فنزلت وسقيتُه، ثمّ ركبتُ وسِرنا، فقلتُ: هذا نصراني، فتتصدَّق على نصراني؟! فقال: نعم إذا كانوا في مثل هذا الحال»([4])، ولكنَّها ضعيفة بعليّ بن حديد، وعدم وثاقة مصادف.
ومنها: موثَّقة ضُرَيس بن عبد الملك عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَالَ: إِنَّ الله تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُحِبُّ إِبْرَادَ الْكَبِدِ الْحَرَّى، وَمَنْ سَقَى كَبِداً حَرَّى مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَظَلَّهُ الله يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ»([5]).
هذا، وقد ذهب جماعة إلى عدم جواز الصَّدقة المندوبة على الذِّمّيّ، حُكِي ذلك عن سلاَّر وابن البرَّاج والفخر (رحمهم الله) .
وحكى المصنّف (رحمه الله) عن الحسن بن أبي عقيل (رحمه الله) المنع من الصَّدقة على غير المؤمن مطلقاً.
ولكن لا دليل لهم سوى ما ذكرناه في الحربيّ الَّذي يجب الخروج عنه بما عرفته، والله العالم.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وعلى المخالف إلاَّ النَّاصب(1)
(1) المعروف بين الأعلام قديماً وحديثاً جواز الصَّدقة المندوبة على المخالف غير النَّاصبيّ، بل تسالم الأعلام على ذلك.
ومع ذلك يدلّ عليه جملة من الرِّوايات:
منها: رواية سدير الصَّيرفيّ «قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): أُطعِم سائلاً لا أعرفه مسلماً؟ قَاْل: نعم، أعطِ مَنْ لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحقِّ، إنَّ الله (عز وجل)يقول: « وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ ]البقرة: 83[، ولا تُطعِم مَنْ نَصَب لشيءٍ من الحقِّ، أو دعا إلى شيءٍ من الباطل»([6])، ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة سدير الصَّيرفي. وقوله: «لا أعرفه مسلماً»، أي مؤمناً. وهي ظاهرة في جواز إعطاء المخالف غير النَّاصبي.
ومنها: رواية معلَّى بن خُنيس المتقدِّمة، حيث ورد فيها: «يعرف هؤلاء الحق؟ فقال: لو عرفوه لواسيناهم بالدِّقّة، والدِّقّة هي الملح...»([7])، فإنَّ هؤلاء المذكورين من المسلمين غير النَّاصبين. ولكنَّها ضعيفة بالمعلَّى بن خنيس. وكذا غيرها من الرِّوايات.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ومنعَ الحسن من الصَّدقة على غير الذِّمّيّ (المؤمن)، ولو كانت ندباً(1)
(1) قد عرفت أنَّه استدلَّ بأدلة عدم جواز إعطاء الكافر الحربيّ، وقد عرفت ما فيه، فراجع.
([1]) الوسائل باب 21 من أبواب الصدقة ح7.
([2]) الكافي: ج4، باب سقي الماء ح2، ص57.
([3]) الفراسين: جمع فرسان، لقب قبيلة.
([4]) الكافي: ج4، باب سقي الماء ح4، ص57.
([5]) الكافي: ج4، باب سقي الماء ح6، ص57.
([6]) الوسائل باب 21 من أبواب الصدقة ح3.
([7]) الوسائل باب 19 من أبواب الصدقة ح1.