الدرس 569 _ مستحبات الصلاة 4
ومنها: رواية صالح بن عقبة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ما عبد الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام)، ولو كان شيء أفضل منه لنَحَلَه رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة (عليها السلام)»[1]، هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة.
ومنها: رواية أبي خالد القمَّاط قال: «سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تسبيح فاطمة (عليها السلام) في كلِّ يوم في دُبُر كلِّ صلاة أحبّ التي من صلاة ألف ركعة في كلِّ يوم»[2]، هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة، وبأبي خالد القمَّاط، فإنَّه مشترك بين عدَّة أشخاص، ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال بدون وجود صالح بن عقبة في السَّند، فتكون ضعيفةً فقط بأبي خالد القمَّاط المشترك بين عدَّة أشخاص.
ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم قال: «قال لي أبو جعفر (عليه السلام): إذا توسَّد الرّجل يمينه، فليقل: بسم الله (إلى أن قال) ثمَّ يسبِّح تسبيح فاطمة الزَّهراء (عليها السلام)»[3].
*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وهو التكبير أربع وثلاثون، ثمَّ كل من التسبيح والتحميد ثلاث وثلاثون*
أقوال الأعلام:
قال صاحب الجواهر (رحمه الله): «وأمَّا كيفيَّته، فالمشهور بين الأصحاب شهرةً عظيمةً، بل في الوسائل عليه عمل الطَّائفة أربع وثلاثون تكبيرةً، ثمَّ ثلاث وثلاثون تحميدةً، ثمَّ ثلاث وثلاثون تسبيحةً، بل لا خلاف أَجِده في الفتاوى والنصوص عدا خبر العِلل -الذي ستسمعه، وقيل: إنَّ رجاله أكثرهم من العامَّة- في أنَّه مائة وفي تقديم التكبير بالعدد المزبور، خلافاً للفقيه والهداية، وعن الاقتصاد والإسكافي وعليّ بن بابويه من تقديم التسبيح على التحميد، مع أنَّه حُكِي عن نسخة من الفقيه موافقة المشهور، بل لعلّهم جميعاً لا يريدون الترتيب، بل مطلق الجمع الذي لا ينافيه»[4]. (إنتهى كلامه)
وقال العلّامة (رحمه الله) في المختلف: «المشهور في تسبيح الزَّهراء (عليه السلام) تقديم التكبير، ثمَّ التحميد، ثمَّ التسبيح، ذَكَره الشَّيخ في النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة وسلَّار وابن البراج وابن إدريس، وقال عليُّ بن بابويه وسبِّح تسبيح فاطمة الزَّهراء (عليها السلام): وهو أربع وثلاثون تكبيرةً وثلاث تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدةً، وهو يشعِر بتقديم التسبيح على التحميد، وكذا قال ابنه ابو جعفر وابن الجنيد والشَّيخ في الاقتصاد»[5]. (إنتهى كلامه)
وظاهر عبارة المصنِّف (رحمه الله) هنا -في الدُّروس-: التخيير بين تقديم التحميد على التسبيح، وبالعكس.
أقول: قدِ استُدلَّ للقول الأوَّل المشهور بين الأعلام، -وهو تقديم التحميد على التسبيح، بعد اتِّفاق الجميع على تقديم التكبير - بعدَّة من الرِّوايات:
منها: صحيحة محمَّد بن عذافر قال: «دخلتُ مع أبي على أبي عبد الله (عليه السلام)، فسأله أبي عن تسبيح فاطمة (عليها السلام)، فقال: الله أكبر، حتَّى أحصى أربعاً وثلاثين مرَّةً، ثمَّ قال: الحمد لله، حتَّى بلغ سبعاً وستين، ثمَّ قال: سبحان الله، حتَّى بلغ مائة يحصيها بيده جملةً واحدةً»[6].
وقد يستشكل في الاستدلال بهذه الصحيحة، لأنَّ لفظ ثمَّ فيها، من كلام الراوي.
وفيه: أنَّ لفظ ثمَّ وإن كان من كلام الراوي، لكنَّ الرَّاوي حَكَى فِعْل الإمام (عليه السلام) لبيان كيفيَّة التسبيح التي سأل عنها أبوه. ومن المعلوم أنَّ فِعْله (عليه السلام) إذا كان لبيان الكيفيَّة فيكون حجةً ظاهرةً في اعتبار الترتيب على النحو المذكور في الصَّحيحة، كما في الوضوء البياني، ونحوه.
ومنها: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «في تسيح فاطمة (عليها السلام) تبدأ بالتكبير أربعاً وثلاثين، ثمَّ التحميد ثلاثاً وثلاثين، ثمَّ التسبيح ثلاثاً وثلاثين»[7].
ودلالتها على اعتبار الترتيب وإن كانت أظهر من الصَّحيحة المتقدِّمة، إلَّا أنَّها ضعيفة السَّند بسهل بن زياد.
ومنها: رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تسبيح فاطمة (عليها السلام) إذا أخذتَ مضجعك فكبِّر الله أربعاً وثلاثين، واحْمده ثلاثاً وثلاثين، وسبِّحه ثلاثاً وثلاثين، وتقرأ آية الكرسي والمعوذتين، وعشر آياتٍ من أوَّل الصَّافات، وعشر من آخرها»[8]. هذه الرواية ضعيفة سنداً ودلالةً. أمَّا سنداً: فبالقاسم بن عروة، فإنَّه غير موثَّق. وأمَّا دلالةً: فلأنَّ الواو لا تدلّ على الترتيب، وإنَّما هي لمطلق الجمع.
ومنها: ما رواه سبط أمين الإسلام الطبرسي في مشكاة الأنوار قال: «دخل رجل على أبي عبد الله (عليه السلام)، وكلَّمه، فلم يسمع كلام أبي عبد الله (عليه السلام)، وشكا إليه ثِقلاً في أذنيه، فقال له: ما يمنعك، وأين أنت من تسبيح فاطمة (عليها السلام)؟! فقال له: جُعِلت فداك! وما تسبيح فاطمة (عليها السلام)؟ فقال: تكبِّر الله أربعاً وثلاثين، وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وتسبِّح الله ثلاثاً وثلاثين، تمام المائة، قال: فما فعلت ذلك إلَّا يسيراً حتَّى ذهب عنِّي ما كنت أجده»[9]، هذه الرواية ضعيفة سنداً ودلالةً. أمَّا سنداً: فبالإرسال. وأمَّا دلالةً: فلمَّا عرفت من أنَّ الواو لا تدلّ على الترتيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التعقيب، ح1.
[2] وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التعقيب، ح2.
[3] وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب التعقيب، ح1.
[4] جواهر الكلام: ج10، ص399.
[5] مختلف الشيعة: ج2، ص183.
[6] وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب التعقيب، ح1.
[7] وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب التعقيب، ح2.
[8] وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب التعقيب، ح10.
[9] مستدرك الوسائل: باب 8 من أبواب التعقيب، ح1.