الدرس57 _اوقات الفرائض والنوافل 37
والإنصاف: أنَّ مقتضى الجمع العرفي بين الأخبار هو حَمْل الأخبار المستفيضة على كون مجموع النَّهار من أوَّله إلى آخره وقتاً لأدائها، وكون مواقيتها المحدَّدة أوقاتاً للفضيلة.
وأمَّا حسنة عمر بن أُذَيْنَة، ومعتبرة زرارة، المتقدِّمتان، فلا يُستفاد منهما إلاَّ أنَّ ما بعد الزوال وقت لها، ولا تدلاَّن على أنَّ قبل الزوال ليس بوقتٍ، لاحتمال أن يكون تأخير النبي صلى الله عليه وآله، والأمير عليه السلام، إلى ما بعد الزوال، لإيقاعها في وقت فضيلتها، فلا تدلان على عدم الجواز قبل ذلك.
وعليه، فلا حاجة لِمَا ارتكبه صاحبا الجواهر والحدائق (رحمهما الله) من تأويل هذه الأخبار، وحملها على غير ظاهرها، قال صاحب الحدائق: «والأظهر عندي ما ذكره الشيخ، لأخبار التحديد بالأذرع والأقدام، فإنَّها صحيحة مستفيضة صريحة في أنَّ للنافلة وقتاً معيَّناً محدوداً لا تقدَّم عليه، ولا تؤخّر عنه، إلاَّ أن يكون على جهة القضاء والترجيح لو ثبت التعارض لهذه الأخبار، لِمَا ذكرنا من صحتها واستفاضتها وصراحتها واعتضادها بعمل الطائفة قديماً وحديثاً، حيث إنَّه لم يقل بظاهر هذه الأخبار المخالفة قائل، ولم يذهب إليه ذاهب، واعتضادها أيضاً بصحيحة ابن أُذَيْنَة، وروايتَيْ زرارة، المتقدِّمات، وحينئذٍ فيجب ارتكاب التأويل في ما عارضها، بأن يُحمَل التقديم على الرُخْصة في مقام العُذر، كما ذكر الشيخ إلى أن قال: وأمَّا حسنة محمَّد بن عذَافِر، ونحوها، فيجب تقييد إطلاقها بما ذكرناه من الأخبار المشتملة على التحديد...».
أقول: قد عرفت ما فيه، لا سيَّما أنَّ أخبارَ التوقيتِ لا تدلّ على عدم جواز التقديم، نعم، هي مشعرة بذلك.
والخلاصة: أنَّه لا بأس بالعمل بالأخبار الدَّالة على جواز التقديم مطلقاً، والله العالم.