الدرس 188_في المناهي وهي على أقسام ثلاثة (20).ثالثها: ما نهي عنه تنزيها
الدرس 188 / الأربعاء: 01-أيلول-2021
ودلّت بعض الرِّوايات على الجواز من دون كراهة:
منها: رواية علي بن سالم عن أبيه في حديث «قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخبر الَّذي رُوِي: أنَّ رِبْحَ المؤمن على المؤمن رباً، ما هو؟ فقال: ذاك إذا ظهر الحقُّ، وقام قائمنا أهل البيت، فأمَّا اليوم فلا بأس بأن تبيع من الأخ المؤمن، وتربح عليه»[1]f308، ولكنها ضعيفة بجهالة موسى بن عمران، وعلي بن سالم.
مضافاً إلى الخدشة في إسناد الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) إلى أبي الحسين محمَّد بن جعفر الأسدي.
ومنها: صحيحة عمر بن يزيد بياع السابري «قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إنَّ النَّاس يزعمون أنَّ الرِّبح على المضطرِّ حرام، وهو من الرِّبا، قال: وهل رأيت أحداً يشتري غنيّاً أو فقيراً إلاَّ من ضرورة، يا عمر، قد أحلَّ الله البيع وحرَّم الرِّبا، فاربح ولا تربه، قلت: وما الرِّبا؟ قال: دراهم بدراهم، مِثْلَيْن بمثل»[2]f309.
ولكن قد يقال: إنَّ هذه الصَّحيحة خارجة عمَّا نحن فيه؛ لتضمُّنها الإذن في الرِّبح على المضطرِّ، وأنَّه لا بأس به من حيث الاضطرار.
والإنصاف: هو عدم ثبوت كراهة الرِّبح على المؤمن مطلقاً؛ وذلك لضعف الرِّوايات النَّاهية.
أضف إلى ذلك: أنَّ عمل المؤمنين في جميع الأعصار والأمصار على جواز الرِّبح على المؤمن من دون الالتزام بالكراهة.
ويؤيد ذلك: ما في بعض الرِّوايات الدَّالّة على جواز الرّبح، بل استحبابه، كما في رواية محمَّد عذافر عن أبيه «قال: أعطى أبو عبد الله (عليه السلام) أبي ألفاً وسبعمائة دينار، فقال له: اتَّجر بها (لي)، ثمَّ قال: أما إنَّه ليس لي رغبة في ربحها، وإن كان الرِّبح مرغوباً فيه، ولكنِّي أحببت أن يراني الله عزّ وجلّمتعرّضاً لفوائده، قال: فربحت له فيه مائة دينار، ثمّ لقيته، فقلت له: قد ربحت لك فيها مائة دينار، قال: ففرح أبو عبد الله (عليه السلام) بذلك فرحاً شديداً، فقال لي: أثبتها في رأس مالي، قال: فمات أبي والمال عنده، فأرسل إليَّ أبو عبد الله (عليه السلام)، فكتب: عافانا الله وإيَّاك، إنَّ لي عند أبي محمَّد ألفاً وثمانمائة دينار أعطيته يتَّجر بها، فادفعها إلى عمر بن يزيد، قال: فنظرت في كتاب أبي، فإذا فيه: لأبي موسى عندي ألف وسبعمائة دينار، واتَّجر له فيها مائة دينار، عبد الله ابن سنان وعمر بن يزيد يعرفانه»[3]f310، وهي واضحة الدَّلالة، ولكنَّها ضعيفة بسهل بن زياد، وعدم وثاقة عذافر بن عيسى.
وفي روايته الأخرى عن أبيه «قال: دفع إليَّ أبو عبد الله (عليه السلام) سبعمائة دينار، وقال: يا عذافر، اصرفها في شيء، أما على ذاك ما بي شرّه، ولكنَّي أحببت أن يراني الله عزّ وجلّمتعرِّضاً لفوائده، قال عذافر: فربحت فيها مائة دينار، فقلت له في الطَّواف: جعلت فداك، قد رزق الله عزّ وجلّفيها مائة دينار، فقال: أثبتها في رأس مالي»[4]f311، ولكنَّها ضعيفة أيضاً بعدم وثاقة عذافر بن عيسى.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والرِّبح على الموعود بالإحسان، (انتهى كلامه)
(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يكره الرِّبح على من يعده بالإحسان في البيع، وقدِ استدلَّ لذلك برواية عليِّ بن عبد الرَّحيم عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: سمعته يقول: إذا قال الرَّجل للرَّجل: هلمَّ أحسن بيعك يحرم عليه الرِّبح»[5]f312، وهي ضعيفة بالإرسال، وبجهالة عليِّ بن عبد الرَّحيم، ولو كانت معتبرة لحملت على الكراهة للاتِّفاق بين الأعلام على عدم الحرمة.