الدرس 189_في المناهي وهي على أقسام ثلاثة (21).ثالثها: ما نهي عنه تنزيها
الدرس 189 / الخميس: 02-أيلول-2021
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ودخول السُّوق أوّلاً، (انتهى كلامه)
(2) المشهور بين الأعلام أنَّه يكره دخول السّوق أوّلاً والخروج منه أخيراً.
واستدلّ لذلك بمرسلة الفقيه «قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): جاء أعرابي من بني عامر إلى النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) فسأله عن شرِّ بقاع الأرض، وخير بقاع الأرض، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): شرُّ بقاع الأرض الأسواق، وهي ميدان إبليس، يغدو برايته، ويضع كرسيه، ويبثُّ ذريَّته، فبين مطفِّف في قفيز، أو سارق في ذراع، أو كاذب في سلعة، فيقول: عليكم برجل مات أبوه وأبوكم حيّ، فلا يزال مع ذلك أوَّل داخل وآخر خارج، ثمَّ قال (عليه السلام): وخير البقاع المساجد، وأحبُّهم إلى الله أوَّلهم دخولاً، وآخرهم خروجاً منها»[1]f313، وهي ضعيفة بالإرسال، ورواها الشَّيخ الصدوق (رحمه الله) في معاني الأخبار مسندة، ولكنَّها ضعيفة باشتراك مفضَّل بين عدَّة أشخاص، وإن كان المراد منه المفضَّل بن سعيد، كما في بعض النُّسَخ فهو مجهول أيضاً.
والأفضل: أن يستدلَّ لذلك بصحيحة جابر الجعفي عن أبي جعفر محمَّد بن عليٍّ الباقر (عليه السلام) عن آبائه S «قال: قال رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله) لجبرئيل: أيُّ البقاعِ أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: المساجد، وأحبُّ أهلِها إلى الله أوَّلهم دخولاً إليها وآخرهم خروجاً منها، قال: فأيُّ البقاع أبغض إلى الله تعالى؟ قال: الأسواق، وأبغضُ أهلها إليه أوَّلهم دخولاً إليها، وآخرهم خروجاً منها»[2]f314.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وطلب الغاية في الثَّمن، (انتهى كلامه)
(1) كما ذكر جملة من الأعلام، منهم الشَّيخ (رحمه الله) في النّهاية، حيث قال: «وينبغي أن لا يطلب الغاية فيما يبيع ويشتري من الرِّبح وليقنع باليسير»، ونحوه عبارة ابن إدريس (رحمه الله) في السَّرائر، وكذا غيرهما، ولكن لم أجد ما يدلُّ على ذلك.
وعليه، فالكراهة غير ثابتة.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ومدح المبيع وذمِّه من المتعاقدِين، وكتمان العيب الظَّاهر، واليمين على المبيع (البيع)، (انتهى كلامه)
(1) ويدلُّ على كراهية هذه الأمور جملة من الرِّوايات:
منها: معتبرة السّكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مَنْ باع واشترى فَلْيحفظ خمس خصال، وإلَّا فلا يشترين، ولا يبيعن: الرِّبا والحلف وكتمان العيب، والحمد إذا باع، والذَّمّ إذا اشترى»[3]f315، أي مدح البائع لما يبيعه، وذمِّ المشتري لما يشتريه.
ومنها: مرفوعة أحمد بن محمَّد بن عيسى رفع الحديث «قال: كان أبو أمامة صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: أربع مَنْ كنَّ فيه طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب، وإذا باع لم يحمد، ولا يدلس، وفيما بين ذلك لا يحلف»[4]f316، وهي ضعيفة بالرَّفع، وهي محمولة على الكراهة؛ للاتِّفاق على عدم الحرمة.
ومنها: رواية درست بن أبي منصور عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) «قال: ثلاثة لا ينظر الله اليهم: أحدهم رجل اتِّخذ الله بضاعةً لا يشتري إلاَّ بيمين، ولا يبيع إلاَّ بيمين»[5]f317، وهي ضعيفة بعبد الله الدّهقان، فقد ضعّفه النّجاشي.
ومنها: مرفوعة أبي إسماعيل رفعه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «أنَّه كان يقول: إيَّاكم والحلف، فإنَّه ينفق السِّلعة، ويمحق البركة»[6]f318، وهي ضعيفة بالرَّفع، وبجهالة محمَّد بن الحسن زعلان، وبجهالة أبي إسماعيل، حيث إنَّه مشترك.
ومنها: مرسلة الشيخ الصدوق في الفقيه «قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ويلٌ لتجُّار أُمَّتي من لا والله، وبلى الله...»[7]f319، وهي ضعيفة بالإرسال.
ومنها: رواية الحسين بن المختار عن أبي عبد الله جعفر بن محمَّد الصادق (عليه السلام) «قال: إنَّ الله تبارك وتعالى يُبْغِض المنفق سلعته بالأيمان»[8]f320، وهي ضعيفة بعدم وثاقة الحسين بن أحمد بن إدريس، فإنَّه، وإن كان من مشايخ الصَّدوق (رحمه الله)، وقد ترضَّى عليه، إلاَّ أنَّ الترضِّي لا يدلُّ على التَّوثيق.
ومنها: رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) عندكم بالكوفة يغتدي كلَّ يوم بكرةً من القصر، فيطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً، ومعه الدِرّة على عاتقه، وكان لها طرفان، وكانت تسمَّى السَّبينة، فيقف على أهل كلِّ سوق، فينادي: يا معشر التُّجار، اتّقوا الله إلى أن قال: وتناهوا عن اليمين...»[9]f321، وهي ضعيفة بعدم وثاقة عمرو بن أبي المقدام، ووجوده في كامل الزِّيارات لا ينفع؛ لأنَّه ليس من مشايخ ابن قولوية المباشرين، وكذا غيرها من الرِّوايات.
نعم، روى الصَّدوق (رحمه الله) في المجالس مثلها بطريق حسن عن أبيه عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرَّحمان بن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمَّد بن قيس، عن أبي جعفر.
[1] الوسائل باب 60 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[2] الوسائل باب 60 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[3] الوسائل باب 2 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[4] الوسائل باب 2 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
[5] الوسائل باب 25 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[6] الوسائل باب 25 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
[7] الوسائل باب 25 من أبواب آداب التِّجارة ح5.
[8] الوسائل باب 25 من أبواب آداب التِّجارة ح6.
[9] الوسائل باب 2 من أبواب آداب التِّجارة ح1.