الدرس 243 _ المقصد الثالث في العام والخاص 18
الدرس 243 _ المقصد الرابع في العام والخاص 18
الفصل الثاني: تعريف العام وأقسامه وصيغه / المبحث الخامس: استصحاب العدم الأزلي.
· ما ذهب اليه الميرزا في كون العدم نعتي في مسألة القرشية في المرسلة، وتوضيحه.
· دليل الميرزا على كون العدم نعتي في المسألة، وتوضيحه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمّا الميرزا النائيني R وجماعة من الأعلام، فقد ذهبوا إلى عدم جريان استصحاب العدم الأزلي. وقد استدل الميرزا النائيني على ذلك بعدة مقدمات:
المقدمة الأولى:
أوّلاً: لكل موضوع قبل عروض الحكم عليه تقسيمات أوّلية؛ فالعالم مثلاً له تقسيمات بلحاظ خصوصياته، فهناك العالم الهاشمي وغيره، والعالم النحوي وغيره، والعالم العربي، والعالم العادل وغيره، ونحو ذلك.
ثانياً: إذا أراد الشارع في مقام الجعل والثبوت أن يحكم على موضوع معيّن، فإمّا أن يلحظ طبيعي الموضوع دون أخذ أيّة خصوصية معه وجوداً أو عدماً، فيكون الحكم على الموضوع مطلقاً، وهذا ما يسمّى بـ (لا بشرط القِسمي)، وإمّا أن يلحظه مقيّداً بجميع خصوصياته أو ببعضها، وهذا ما يسمّى بـ (بشرط شيء)، وإمّا أن يلحظه مقيّداً بعدمها أو بعدم بعضها، وهذا ما يسمّى بـ (بشرط لا). ولا يعقل الإهمال في هذا المقام؛ للزومه إمّا الجهل بخصوصية ما أو العجز عن التقييد بها، وكلاهما عليه سبحانه وتعالى محال.
نعم، يمكن الإهمال في مقام الإثبات فيما إذا أراد الشارع بيان أصل تشريع الحكم، وهذا بحث آخر.
وعليه، إذا قال المولى: (أكرم العلماء)، ثمّ خصَّص فقال: (إلا الفساق)، أو قال: (لا تكرم الفساق منهم)، فلا يخلو إمّا أنّه لاحظ الموضوع بعد التخصيص كما كان قبله؛ أي مطلقاً ومعرّى عن أية خصوصية بنحو الـ (لا بشرط القِسمي)، أو لاحظه مقيّداً بالفاسق بنحو الـ (بشرط شيء)، أو لاحظه مقيّداً بعدم الفاسق بنحو الـ (بشرط لا)، والمتعيّن هو الثالث؛ إذ لا يمكن الأوّل والثاني؛ لاستلزامهما التناقض والتهافت بين مدلولي دليل العام ودليل الخاص.
وعليه، فيصير موضوع العام بعد التخصيص مركّباً من جزأين: (العالم) و(غير الفاسق).
إذاً، الإهمال في مقام الثبوت غير ممكن، والتخصيص يعنون العام، لا أنّه يبقيه على ما كان عليه قبل التخصيص نظير موت زيد العالم وخروجه من تحت العام بعد قول المولى: (أكرم كلّ عالم)، كما تقدم في القول الرابع؛ لأنّ موت فرد من أفراد العام يخرجه من تحته خروجاً موضوعياً تخصّصياً بنحو السالبة بانتفاء الموضوع، بينما خروج الخاص من تحت العام خروج حكمي تخصيصي بنحو السالبة بانتفاء المحمول.
المقدمة الثانية:
تقدم أنّ الوجود والعدم تارةً يلحظان بالإضافة إلى الماهية ويحملان عليها بعد النظر إلى خارج ذاتها وذاتيّاتها، لا بما هي هي؛ فيسمّيان حينئذٍ (وجوداً محمولياً) و(عدماً محمولياً)، وبمفاد كان وليس التامتان. وأخرى يلحظان بلحاظ عروضهما على معروضهما لا على الماهية، فيسمّيان حينئذٍ (وجوداً نعتياً) و(عدماً نعتياً)، وبمفاد كان وليس الناقصتان، فيقتضيان في هذه الحالة وجود موضوعيهما؛ لأنّ النعوت أعراض؛ فكما أنّ العرض يقتضي وجود جوهره، وهو موضوعه الذي يعرض عليه، فكذلك النعت يقتضي وجود منعوته، وهو موضوعه الذي يتصف به، ومن هنا كان الوجود النعتي والعدم النعتي نظيرين للملكة وعدمها المتقوّمين بموضوعهما، ولذلك صحّ ارتفاعهما بارتفاع موضوعهما دون أن يلزم ارتفاع النقيضين المحال؛ لأنّ العدم النعتي؛ (كعدم علم زيد)، أو عدم الملكة؛ (كعدم بصر زيد)، عدمان خاصان لما من شأنه أن يتصف بالنعت أو الملكة، وليسا عدمين مطلقين، فيصحّ أن يقال: (زيد المعدوم لا عالم ولا غير عالم) و(لابصير ولا أعمى)، وهذا بخلاف الوجود والعدم المحمولين؛ إذ يستحيل ارتفاعهما معاً بأن لا يكون زيد موجوداً ولا معدوماً.