الدرس142 _لباس المصلي 15
ومن جملة وجوه الجمع بين الأخبار: ما ذكره صاحب الحدائق R وفاقاً لصاحب الوسائل حيث ذكَرَ ما ملخصه: أنّ أخبار السَّدل تدلّ على أنّ السنّة في لبس العمامة هي هذه الكيفية، أي الإسدال مطلقاً، ولكنَّها مخصَّصة بأخبار التحنُّك، فإنّها أخصّ من هذه الأخبار، فإنّ منها ما يدلّ على كراهة ترك التحنُّك في السَّفر، ومنها ما يدلّ على كراهة تركه عند السَّعي في قضاء الحوائج، وقسم منها ما دلّ على كراهة أن يتعمَّم ولم يتحنّك، ظاهر هذا القسم إرادته حال فعل العمامة، أي بعد الفراغ منه، لا مطلقاً، ما دام متلبسا بها.
ويرد عليه: أنَّ بعض الأخبار الدَّالة على كون التلحيّ هو الفارق بين المسلمين والكفار يأبى عن هذا الجمع؛ ومن هنا قال المصنِّف R في الذكرى «تنبيه: استحباب التحنك عام».
ومن جملة وجوه الجمع: ما ذكره بعضهم من أنَّ أخبار السَّدل مختصَّة بالنبي C، والأئمة S.
وفيه: أنَّ هذا مخالف لقاعدة الاشتراك في التكليف.
والإنصاف: في مقام الجمع بين الأخبار هو التخيير بين التلحيّ والإسدال، وتخصيص الكراهة بعمامة لا حنك لها، ولا سدل، وهي المرادة بالطابقية والاقتعاط، لا مطلق ما لا يكون شيء منها تحت الحنك، ولو مع سدل طرفها، والله العالم.
ثم اعلم أن حكم الكراهة مختص بالصلاة متعمماً دون تحنّك، فلا كراهة على من صلى غير متعمِّم.
بقي شيء في المقام: ذكره صاحب المفاتيح، وهو «أنَّ التحنُّك صار في هذا الزمان لباس شهرة».
أقول: بناء على ذلك فيحرم حينئذٍ إذا قلنا بحرمة لباس الشهرة لعدَّة روايات دالَّة على النهي عن ذلك:
منها: حسنة أبي أيوب الخزّاز عن أبي عبد الله N «قال: إن الله يبغض شهرة اللباس»[i]f95.
ومنها: مرسلة ابن مسكان عن رجل عن أبي عبد الله N «قال: كفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً يُشهِره، أو يركب دابة تُشْهِره»[ii]f96، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.
ومنها: مرسلة عثمَّان بن عيسى عمَّن ذكره عن أبي عبد الله N «قال: الشهرة خيرُها وشرُّها في النَّار»[iii]f97، وهي ضعيفة بالإرسال أيضاً.