الدرس 49 _ التوثيقات العامة (الضمنية) 16
ومنها: رواية موسى بن بكر «بكير» قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: «لمّا أتاه موت المفضّل بن عمر، قال رحمه الله: كان الوالد بعد الوالد أما أنّه قد استراح»[1].
وعليه، فإن كان الراوي هو موسى بن بكر، فالرواية معتبرة، وإن كان موسى بن (بكير)، فهي ضعيفة، لعدم وثاقته.
ومنها: صحيحة يونس بن يعقوب قال أمرني أبو عبد الله عليه السلام: «أن آتي المفضّل وأعزّيه بإسماعيل، وقال: اقرأ المفضل السلام، وقل له: إنّا قد أصبنا بإسماعيل، فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنّا أردنا أمراً وأراد الله عزّ وجلّ أمراً، فسلّمنا لأمر الله عز وجل»[2].
هذه الصحيحة رواها الشيخ الكليني رحمه الله، وقد استدلّ بها الفقهاء على استحباب الصبر عند المصيبة.
وأمّا ما استدلّ على ضعفه فعدّة أمور أيضاً:
الأوّل: ما ذكره النجاشي رحمه الله في ترجمته قال: «كوفي، فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به، وقيل إنّه كان خطّابياً، وقد ذكرت له مصنّفات لا يعوّل عليها... الخ»[3].
الثاني: ما ذكره ابن الغضائري رحمه الله قال: «ضعيف، متهافت، مرتفع القول، خطّابي. وقد زيد عليه شيء كثير، وحمل الغلاة في حديثه حملاً عظيماً ولا يجوز أن يكتب حديثه... الخ»[4].
الثالث: الروايات الواردة في ذمّه وهي تسع تقريباً.
نذكر بعضها:
منها: صحيحة إسماعيل بن جابر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «ائت المفضل وقل له يا كافر يا مشرك ما تريد إلى ابني تريد أن تقتله؟... الخ»[5].
ومنها: رواية عبد الله بن مسكان قال: «دخل حجر بن زائدة، وعامر بن جذاعة الأزدي على أبي عبد الله عليه السلام فقالا له: جعلنا فداك، إنّ المفضّل بن عمر يقول: إنّكم تقدّرون أرزاق العباد.
فقال: والله ما يقدّر أرزاقنا إلاّ الله. ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت إلى الفكرة في ذلك حتى أحرزت قوتهم فعندها طابت نفسي، لعنه الله وبرىء منه. قالا: أفنلعنه ونتبرأ (أفتلعنه وتتبرأ) منه؟ قال: نعم، فالعناه وابرءا منه برئ الله ورسوله منه»[6].
وهي ضعيفة بعدم وثاقة الحسين بن الحسين بن بندار القمّي.
ومنها: ما رواه الكشي أيضاً عن إسماعيل بن عامر، قال: «دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فوصفت له الأئمة عليهم السلام حتى انتهيت إليه، قلت: وإسماعيل من بعدك، فقال: أمّا ذا فلا، قال: حمّاد، فقلت لإسماعيل: وما دعاك إلى أن تقول وإسماعيل من بعدك، قال: أمرني المفضل بن عمر»[7].
وهي ضعيفة أيضاً بعدم وثاقة إسماعيل بن عامر.
وكذا غيرها من الروايات.
أقول:
إذا عرفت ذلك، فالإنصاف: أنّ الرجل ثقة.
وأمّا عبارة النجاشي، فليست ظاهرة في ضعفه في نفسه، لأنّ الاضطراب في الرواية لا يكشف عن ضعفه في نفسه.
وأمّا تضعيف ابن الغضائري، فلا يعتدّ به، لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مع المعروف بين الأعلام أنّه يسرع إلى التضعيف.
وأمّا الروايات الذامّة، فلا تقاوم الروايات المادحة، لأنّ روايات المادحة متواترة إجمالاً كما عرفت.
وعليه، فتحمل الروايات الذامّة على الذم من أجل نسبته إلى الغلوّ ونحو ذلك.
وعليه، فتوثيق الشيخ المفيد الصريح في ذلك هو العمدة في المقام.
والخلاصة: إنّ الرجل ثقة. والله العالم.