الدرس 150_التكسّب الحرام وأقسامه (145). سادسها: ما يجب على المكلّف فعله
الدرس 150 / الخميس: 25-شباط-2021
ومنها: رواية زياد بن أبي سلمة «قال: دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ مُوسى (عليه السلام)، فَقَالَ لِي: يَا زِيَادُ، إِنَّكَ لَتَعْمَلُ عَمَلَ السُّلْطَانِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ لِي: وَلِمَ؟ قُلْتُ: أَنَا رَجُلٌ لِي مُرُوءَةٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ظَهْرِي شَيْءٌ، فَقَالَ لِي: يَا زِيَادُ، لَأَنْ أَسْقُطَ مِنْ حَالِقٍ، فَأَتَقَطَّعَ قِطْعَةً (قِطْعَةً)، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَوَلّى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَمَلاً، أَوْ أَطَأَ بِسَاطَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، إِلاَّ لِمَاذَا؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَقَالَ: إِلاَّ لِتَفْرِيجِ كُرْبَةٍ عَنْ مُؤْمِنٍ، أَوْ فَكِّ أَسْرِهِ، أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ...»[1]f120، وهي، وإن كانت تامَّةَ الدَّلالة، إلاَّ أنَّها ضعيفة بصالح بن أبي حمَّاد، وعدم وثاقة زياد بن أبي سلمة.
وكذا غيرها مِنَ الرِّوايات الكثيرة جدّاً، بل لا يبعد تواترها المعنويِّ، بل هي كذلك، وبهذه الرِّوايات نقيِّد المطلقات الظَّاهرة في حرمة الولاية من قِبَل السُّلطان الجائر.
والخلاصة إلى هنا: أنَّه تجوز الولاية من قِبَل السُّلطان الجائر إذا كان ذلك لأجل القيام بمصالح العباد، وللأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر.
الأمر الثَّالث: المعروف بين الأعلام أنَّه تجوز الولاية مِنَ الظَّالم إذا أكرهه عليها، بحيث يتوعَّده على تركها بما يُوجِب عليه ضرراً على النَّفس، أو العرض، أو المال، أو على مَنْ يتعلَّق به، بحيث يُعَدُّ الإضرار على مَنْ يتعلَّق به إضراراً به، ويكون تحمُّل الضَّرر عليه شاقّاً على النَّفس، كالأب والولد، ومن جرى مجراهما.
وفي الجواهر: «بلا خلاف نصّاً وفتوى، بلِ الإجماع بقسمَيْه عليه...».
أقول: لا إشكال في الجواز، بل قد يجب أحياناً.
ومهما يكن، فقدِ استُدلَّ للجواز بعدَّة أدلَّة:
منها: التَّسالم بين الأعلام قديماً وحديثاً، وفي جميع الأعصار والأمصار، وهذا غير الإجماع المصطلح عليه.
ومنها: حديث الرَّفع، ففي صحيحة حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أنَّه قَاْل: قَاْل رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله): رُفِعَ عَنْ أُمَّتي تِسْعةُ أَشْياءَ: الخَطَأ، والنِسْيَان، ومَاْ أُكْرِهُوا عَلَيه...»[2]f121، وهي صحيحة، فإنَّ أحمد بن محمَّد بن يحيى العطَّار الواقع في السَّند مِنَ المعاريف ما يكشف عن وثاقته.
ومنها: حديث نفي الضرر، كما في موثَّقة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَاْل: إنَّ سَمُرَةَ بن جُنْدُب كَاْنَ لَه عَذْقٌ في حائطٍ لِرَجُلٍ مِنَ الأنصارِ إلى أن قال: فإنَّه لَاْ ضَرَرَ وَلَاْ ضِرَار»[3]f122، ومِنَ المعلوم أنَّ حرمة الولاية ضرر على الشَّخص حسب الفرض، فتكون الحرمة منفيَّةً.