الدرس 46 _ التوثيقات العامة (الضمنية) 13
التاسع: عبد الرحمان بن سالم
فقد عرّفه النجاشي رحمه الله بقوله: «عبد الرحمان بن سالم بن عبد الرحمان الكوفي العطّار وكان سالم بيّاع المصاحف وعبد الرحمان أخو عبد الحميد بن سالم له كتاب، ثم ذكر سنده إليه... الخ»[1].
وعدّه الشيخ رحمه الله في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام[2].
كما عدّه البرقي من أصحاب الصادق عليه السلام[3].
ويظهر من النجاشي والشيخ عدم التعرّض له من حيث الوثاقة وعدمها.
نعم، ضعّفه ابن الغضائري وقال: «روى عن أبي بصير ضعيف... الخ»[4].
وبالجملة، فلو لم نحكم بضعفه، فلا أقلّ أنّه مجهول الحال.
العاشر: محمد بن سنان
أقول: اختلف الأعلام فيه، والمشهور بينهم أنّه ضعيف.
ولكي يتضح الحال، لا بدّ من التعرّض لأقوال الأعلام، حتى نرى ما هو الأنصاف في المسألة.
فقد استدلّ على ضعفه بعدّة أمور:
الأوّل: ما ذكره النجاشي رحمه الله في ترجمته قال: «محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي، كان أبو عبد الله بن عيّاش يقول: حدّثنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان، قال: هو محمد بن الحسن بن سنان مولى زاهر، توفّي أبوه الحسن وهو طفل، وكفله جدّه سنان، فنسب إليه. وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد: أنّه روى عن الرضا عليه السلام قال: وله مسائل عنه معروفة، وهو رجل ضعيف جداً لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به.
وقد ذكر أبو عمرو في رجاله قال: أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحلّ لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان.
وذكر أيضاً أنّه وجد بخط أبي عبد الله الشاذاني أنّي سمعت العاصمي يقول: إنّ عبد الله بن محمد بن عيسى الملقّب ببنان، قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل، إذ دخل علينا محمد بن سنان فقال صفوان: إنّ هذا ابن سنان لقد همّ أن يطير غير مرّة فقصصناه حتى ثبت معنا. «وهذا يدل على اضطراب كان وزال وقد صنّف كتباً... إلى أن قال: ومات محمد بن سنان سنة عشرين ومائتين»[5]. انتهى.
ثمّ إنّ التضعيف «وهو ضعيف جداً» هل هو من قول النجاشي رحمه الله أو من قول أبي العباس ابن عقدة، وهو محتمل من كلّ منهما؟!
نعم، قال النجاشي رحمه الله: «في ترجمة مياح المدائني ضعيف جدّاً له كتاب يعرف برسالة مياح، وطريقها أضعف منها، وهو محمد بن سنان... الخ»[6].
وهذا نصّ في تضعيف من النجاشي رحمه الله.
الثاني: ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله في رسالته العددية قال: بعد أن أورد رواية فيها محمد بن سنان. «وفي هذه الرواية محمد بن سنان، وهو مطعون فيه، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه... الخ»[7].
الثالث: ما ذكره الشيخ رحمه الله في أكثر من موضع، فقد ذكره في الفهرست وقال: «محمد بن سنان له كتب، وقد طعن عليه وضعّف، وكتبه مثل كتب الحسين بن سعيد على عددها... الخ»[8].
وذكره أيضاً في رجاله في أصحاب الرضا عليه السلام وضعّفه، قال: «محمد بن سنان ضعيف»[9].
وذكره أيضاً في التهذيب والاستبصار في مسألة المهر من باب النكاح. قال: «في طريق هذه الرواية التي رواها محمد بن سنان...» إلى أن قال: «ومحمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدّاً وما يستبد بروايته ولا يشاركه (يشركه) فيه غيره لا يعمل عليه... الخ»[10].
الرابع: ما ذكره الكشي رحمه الله في عدّة مواضع، منها قال حمدويه: «كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح وقال: لا أستحلّ أن أروي أحاديث محمد بن سنان»[11].
ومنها: ما ذكره عن محمد بن مسعود قال عبد الله بن حمدويه: سمعت الفضل بن شاذان يقول: «لا أستحلّ أن أروي أحاديث محمد بن سنان وذكر الفضل في بعض كتبه أنّ من الكذابين المشهورين ابن سنان، وليس بعبد الله»[12].
وفيه: أنّ عبد الله بن حمدويه لم يوثّق، فتكون الرواية ضعيفة.
نعم، قوله: «وذكر الفضل في بعض كتبه... الخ» هو من كلام الكشي رحمه الله.
ومنها: ما ذكره في ترجمة أبي سمينة محمد بن علي الصيرفي قال: «وذكر الفضل في بعض كتبه من الكذابين المشهورين أبو الخطاب ويونس بن ظبيان ويزيد الصائغ ومحمد بن سنان وأبو سمينة أشهرهم»[13].
الخامس: ما ذكره ابن الغضائري قال: «ضعيف غالٍ يضع لا يلتفت إليه... الخ»[14].
وبالجملة، فلا إشكال في دلالة تلك الأمور على ضعف الرجل.
وأمّا ما استدلّ به على وثاقته فعدّة أمور أيضاً:
الأوّل: أنّ الشيخ المفيد رحمه الله عدّه في الإرشاد «ممّن نصّ على أبي الحسن الرضا عليه السلام من أبيه، وأنّه من خاصته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته... الخ»[15].
ولا يخفى، أنّ كلامه هذا يتنافى مع ما ذكره في الرسالة العددية.
الثاني: وقوعه في تفسير علي بن إبراهيم رحمه الله.
وفيه: ما ذكرناه، من أنّه إذا لم يكن من مشايخه المباشرين، فلا يفيد.
الثالث: عدّه الشيخ في كتاب الغيبة من الوكلاء الممدوحين[16].
وفيه: ما ذكرناه، من أنّ الوكالة لا تفيد الوثاقة. مع أنّ كلامه هنا يتنافى مع ما ذكره في الفهرست والرجال والتهذيبين.
الرابع: رواية الأجلاّء عنه مثل أيوب بن نوح، والفضل بن شاذان، ومحمد بن عيسى بن عبيد، ويونس بن عبد الرحمان وغيرهم.
وفيه: أنّ رواية الأجلاّء عنه أعمّ من الدلالة على التوثيق.
الخامس: هناك عدّة روايات عن أهل البيت عليهم السلام دالّة على مدحه ووثاقته:
منها: ما رواه الكشي رحمه الله عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمّي قال: دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام في آخر عمره، فسمعته يقول: «جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم عنّي خيراً، فقد وفوا لي، ولم يذكر سعد بن سعد. قال: فخرجت فلقيت موفقاً، فقلت له: إنّ مولاي ذكر صفوان، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم وجزاهم خيراً، ولم يذكر سعد بن سعد قال: فعدت إليه، فقال: جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان وزكريا بن آدم وسعد بن سعد فقد وفوا لي»[17].
وهي صحيحة وهي دالة على مدحه.
[1] رجال النجاشي، ص237.
[2] رجال الطوسي، ص265.
[3] معجم رجال الحديث، ج10، ص357.
[4] رجال ابن الغضائري، ص74.
[5] رجال النجاشي، ص328.
[6] رجال النجاشي، 424.
[7] جوابات أهل الموصل، ص20.
[8] الفهرست، ص219.
[9] رجال الطوسي، ص364.
[10] الاستبصار، ج3، ص224 تهذيب الاحكام، ج7، ص361.
[11] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص687، ح729.
[12] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص796، ح978.
[13] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص823، ح1033.
[14] رجال ابن الغضائري، ص92.
[15] الإرشاد، ج2، ص247، 248.
[16] الغيبة، ص369.
[17] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص792، ح963.