الدرس53 _اوقات الفرائض والنوافل 33
ومنها: رواية يَزِيدِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام «قَالَ: وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَبْدُو حَتَّى يُضِيءَ»[i]f307، ولكنّها ضعيفة، لعدم وثاقة يزيد بن خليفة، ويمكن حملها أيضاً على أنّه وقتٌ للفضيلة، بقرينة ما تقدّم.
ومنها: موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام: «في الرجل إذا غلبته عينه، أو عاقه أمر، أن يصلّي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر إلى أن تطلع الشَّمس»[ii]f308.
وفيها: أوَّلاً: أنّها لا تدلّ على أنّ الوقت إلى طلوع الشَّمس وقت اضطراري، لأن قوله: «أو عاقه أمر» أعمّ من الاضطرار، إذ قد تكون الإعاقة لأمر عادي، كما لا يخفى.
وثانياً: على فرض ظهورها في ذلك، إلاّ أنّها تحمل على أنّ ذلك مرجوح ومكروه، بقرينة ما تقدّم من الروايات الدّالة على جواز التأخير اختياراً إلى طلوع الشمس.
والخلاصة: أنّ ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح، والله العالم.
الأمر الثالث: قد تبيّن ممّا سبق، ومن الجمع بين الأخبار، أنّ وقت فضيلة الصّبح من طلوع الفجر إلى التنوير، ويعبّر عنه بالإسفار.
وقد ذكر جمع من الفقهاء أنّ وقت الفضيلة يمتدّ إلى حدوث الحُمرة من المشرق.
والإنصاف: أنه لا يوجد في الأخبار إلى حدوث الحمرة من المشرق، إلاَّ ما سيأتي في صحيحة علي بن يقطين، وسنتكلم عنها إن شاء الله تعالى وإنّما الموجود عدّة عناوين متلازمة فيما بينها:
منها: عنوان تجلّل الصبح في السماء، كما في حسنة الحلبي[iii]f309، وصحيحة عبد الله بن سنان[iv]f310، المتقدمتَيْن.
ومنها: التنوير، كما في موثّقة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: أتى جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وآله بمواقيت الصّلاة إلى أن قال: ثمّ أتاه حين نوّر الصّبح فأمره، فصلّى الصبح، ثم قال: ما بينهما وقت»[v]f311.
ومنها: عنوان الإسفار، كما في موثّقة ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: أتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فأعلمه مواقيت الصّلاة إلى أن قال: ثمّ أتاه من الغد، فقال: أسفر بالفجر، فأسفر...»[vi]f312.
ومنها: عنوان الإضاءة، كما في رواية يزيد بن خليفة «ووقت الفجر حين يبدو حتّى يضيء»[vii]f313، وهي ضعيفة، لعدم وثاقة يزيد بن خليفة.
ولا منافاة بين هذه العناوين الواردة في الأخبار، حيث تشير كلّها إلى أمرٍ واحد، عبّر عنه بعباراتٍ مختلفة، ولعلّ تعبير الأعلام (رحمهم الله) بحدوث الحمرة من المشرق إنّما هو لأجل عدم إحراز هذه العناوين في أوّل حدوثها، وكانت الحمرة ملازمة لأوّل حدوثها، فناسب التعبير بحدوث الحمرة التي هي حدّ معلوم.
وإن كان الإنصاف: أنّ حدوث الحمرة متأخّر شيئاً ما عن أوّل حدوث هذه العناوين.
ويشير إلى ما ذكرنا: ما ورد في صحيحة عليّ بن يقطين «قال: سألتُ أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلّي الغداة حتّى يسفر وتظهر الحمرة، ولم يركع ركعتي الفجر، أيركعهما أو يؤخرهما؟ قال: يؤخّرها»[viii]f314.
ويظهر منها: أنّ ظهور الحمرة غير الإسفار، لأنّ العطف يقتضي المغايرة، وحمله على التأكيد خلاف الأصل.
ثمّ لا يخفى أنّ هذه الصحيحة لا تدلّ على تحديد آخر وقت الفريضة أو الفضيلة على الخلاف المتقدّم بالإسفار وبظهور الحمرة، لأنّ ذلك وقع في كلام السائل.
(اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ السائل مرتكز في ذهنه أنّ الإسفار، وظهور الحمرة، منتهى وقت الفضيلة، وقد أقرَّه الإمام عليه السلام على ذلك، والله العالم بحقائق أحكامه.
تمَّ الانتهاء منه صباح يوم الأحد 6 جمادى الثانية سنة 1435 هــــ
الموافق لــــ 6 نيسان سنة 2014 مــــ
الأقل حسن بن علي الرميتي العاملي/عامله الله بلطفه الخفي)
[i] الوسائل باب 26 من أبواب المواقيت ح3.
[ii] الوسائل باب 26 من أبواب المواقيت ح7.
[iii] الوسائل باب 26 من أبواب المواقيت ح 1.
[iv] الوسائل باب 26 من أبواب المواقيت ح 5.
[v] الوسائل باب 10 من أبواب المواقيت ح5.
[vi] الوسائل باب 10 من أبواب المواقيت ح8.
[vii] الوسائل باب 10 من أبواب المواقيت ح2.
[viii] الوسائل باب 51 من أبواب المواقيت ح1.