الدرس 94 _زكاة مال التجارة 7
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: فلو باع العين صحّت، ولوِ ارتفعت قيمتها بعد الحَوْل أخرج ربع عُشْر القيمة عند الحَوْل، ولو نقصت بعده، وقبل إمكان الأداء فلا ضمان، وإلاَّ ضمن النَّقص، سواء كان لعيب أو نقص سوق(1)
(1) ذكر الأعلام أنَّ فائدة الخلاف بين القول بالتعلُّق بالعين والتعلق بالقيمة، تظهر في جواز بيع السِّلعة بعد الحَوْل، وقبل إخراج الزَّكاة أو ضمانها، فيجوز على القول المشهور؛ لأنَّها إنَّما تتعلّق بالقيمة، ولا يجوز على القول الثَّاني، أي التعلُّق بالعين.
وتظهر الفائدة أيضاً في ما لو زادت القيمة بعد الحَوْل، فعلى المشهور يخرج ربع عشر القيمة الأُولى، وعلى الثَّاني ربع عشر الزِّيادة أيضاً.
وحكي عن المصنِّف (قد) في حواشيه على القواعد، أنه قال: «تظهر الفائدة في مثل من عنده مائتا قفيز من حنطة تُساوي مائتي درهم، ثمَّ تزيد بعد الحَوْل إلى ثلاثمائة درهم، فإن قلنا: تتعلَّق بالعين، أخرج خمسة أقفزة أو قيمتها سبعة دراهم ونصفاً، وإن قلنا: بالقيمة، أخرج خمسة دراهم أو بقيمتها حنطةً».
وهو عين ما ذكره في البيان، حيث قال: «ولو اشترى مائتي قفيز حنطة بمائتي درهم فتمَّ الحَوْل، وهي على ذلك أخرج خمسة منها دراهم أو خمسة أقفزة، فإن صارت تساوي ثلاثمائة درهم بعد الحَوْل فليس عليه سوى خمسة دراهم أو حنطة بقيمتها، لأنَّ الزِّيادة لم يحل عليها الحَوْل، ولو قلنا: تتعلق بالعين كما أومأ إليه في المعتبر، وتبعه في التذكرة أخرج خمسة أقفزة أو سبعة دراهم ونصفاً ولو ساوت بعد الحَوْل مائة درهم لعيب أو نقص السُّوق ولم يكن فرط زكى الباقي، وإن فرط ضمن خمسة لا غير وإن زاد ثمن الحنطة فيما بعد».
أقول: على ما ذكرناه من كيفيَّة التعلُّق يكون الحكم في هذه الأحوال واضحاً، ولا حاجة للتفصيل.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وفي المعتبر: الأنسب تعلقها بالعين. فعلى هذا يثبت نقيض الأحكام(1)
(1) قدِ اتَّضح ممَّا ذكرناه في فائدة الخلاف بين القولَيْن.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا يمنعها الدَّين، والأقرب: أنَّه على القول بالقيمة لا يمنعها أيضاً(2)
(2) قال صاحب المدارك (رحمه الله): «والمراد أنَّ الدَّين لا يمنع من تعلُّق الزَّكاة بالنِّصاب المتَّجر به، وإن لم يكن للمديون مال سواه، لأنَّ متعلّق الدَّين الذِّمّة، ومتعلَّق زكاة التِّجارة العين أو القيمة، على اختلاف الرَّأيَيْن، فلا تعارض بينهما، وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب، قاله في التَّذكرة: ويمكن أن يُقال: لا يتأكَّد إخراج زكاة التِّجارة للمديون، لأنَّه نفل يضرّ بالفرض».
أقول: يتَّضح حكم هذه المسألة ممَّا ذكرناه سابقاً عند قول المصنِّف (قد) سابقاً: «ولا يمنع الدَّين من وجوبها، ولو لم يملك سوى وفائه».
وقد تكلَّمنا عن هذه المسألة بالتَّفصيل، والكلام هناك، وإن كان عن الزَّكاة الواجبة، أي زكاة المال، إلاَّ أنَّه يتَّضح حكم هذه المسألة لاشتراكها مع المسألة السَّابقة من هذه الجهة، فراجع.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو اشترى نصاباً زكويّاً وأسامه قُدِّمت الماليَّة، ولو قلنا: بوجوبها، ولا يجتمعان إجماعاً(1)
(1) إذا اشترى نصاباً زكويّاً للتِّجارة مثل أربعين شاةً أو ثلاثين بقرة وأسامها، أي كانت سائمةً طوال الحَوْل لا معلوفةً، فالمعروف بين الأعلام سقوط زكاة التِّجارة سواء أقلنا بالاستحباب أم الوجوب ووجبت زكاة المال؛ لأنَّه لا يجتمع زكاتان.
وفي الجواهر: «بلا خلاف، كما في الخلاف، بل في الدُّروس ومحكيّ التَّذكرة والمعتبر والمنتهى الإجماع عليه...»، وفي المدارك: «ثمَّ إن قلنا: باستحباب زكاة التِّجارة، وجب القول بسقوطها، لأنَّ الواجب مقدَّم على النَّدب، وإن قلنا: بالوجوب، قال الشَّيخ في الخلاف والمبسوط: تجب زكاة العينيَّة دون التِّجارة؛ لأنَّ وجوبها متَّفق عليه، ولأنَّها تتعلُّق بالعين، فكانت أولى. وقال بعض العامَّة: تُقدَّم زكاة التِّجارة، لأنَّها أحفظ للفقراء لتقويمها بالنَّقدَيْن، وعدم اختصاصها بعين دون عين».