الدرس 1181 _كتاب الخمس 61
ومنها: ما رواه الصَّدوق (رحمه اﷲ) في معاني الأخبار عن حمزة ومحمَّد ابني حمران عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام) في حديث قال فيه بعد ذكر حمران لعقيدته في الإمامة: (... فمَنْ خالفك على هذا الأمر فهو زنديقٌ، فقال حمران: وإن كان علويّاً فاطميّاً؟ فقال أبو عبد اﷲ (عليه السلام): وإنْ كان مُحمّديّاً علويّاً فاطميّاً)([1]).
وهي أيضاً ضعيفة بعدم وثاقة حمزة، ومحمَّد ابني حمران بن أعين، كما أنَّ الإطلاق يمكن أن يكون مجازيّاً.
وقدِ استُدلّ أيضاً على أنَّ المنتسب بالأم لا يحلُّ له الخُمُس بمرسلة حمَّاد، حيث ورد فيها: (ومَنْ كانت أمُّه مِنْ بني هاشم، وأبوه من سائر قريش، فإنَّ الصَّدقات تحلُّ له، وليس له مِنَ الخُمُس شيءٌ؛ لأنَّ اﷲ تعالى يقول: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ) [الأحزاب: 5])([2])، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.
ثمَّ إنَّه قد يُشكل على السّيِّد المرتضى ومَنْ تبعه على فرض صحَّة النسبة إليه بأنَّه لو كان انتسابه بالأمّ موجباً لاندراجه في موضوع الهاشميّ الموجب لاستحقاقه الخُمُس لكان انتسابه بأبيه أيضاً موجباً لاندراجه في موضوع التَّيميَّ أو الأمويّ، أو غير ذلك ممَّنْ تحلّ له الصَّدقة، وهما متنافيان؛ لتطابق الرِّوايات والفتاوى على أنَّ اﷲ (عز وجل) أحلَّ الخُمُس لمَنْ حرَّم عليه الصَّدقة، فلا يتصادقان في مورد.
والَّذي يقتضيه الإنصاف: أنَّه يُستبعد جدّاً من السّيِّد المرتضى (رحمه اﷲ) أن يرضى بنسبة القول بجواز أخذ الخُمُس للزُّبيريِّين وأمثالهم من العشائر والقبائل إذا كانت إحدى جدَّاتهم من بني هاشم، وبحرمة الصَّدقة عليهم، وبصحَّة كون الإمام الصَّادق (عليه السلام) ومَنْ بعده من الأئمَّة (عليهم السلام) تيميِّين لكون جدَّتهم أمّ فروة من بني تَيم.
وعليه، فنسبة الخلاف إليه فيها ما فيها، واﷲ العالم.
* * *
قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: والمفيد وابن الجنيد بني المطّلب.
المعروف بين الأعلام أنَّ مستحقَّ الخُمُس في الَّثلاثة الأسهم المتقدِّمة هو من انتسب إلى هاشم جدّ النَّبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وذريّته محصورة في مَنْ ولده عبد المطّلب.
والمعروف أنَّ لعبد المطّلب عشرة أولاد، ولذا سُمِّي أبو السَّادة العشرة، وهم: عبد اﷲ وأبو طالب والعبَّاس وحمزة والزُّبير وأبو لهب وضرار، والغيداق وربَّما سُمي حجل، ومقوّم والحارث، وهو أسنّهم، إلاَّ أنَّ نسله منهم قدِ انحصر في أربعة منهم، وهم بنو أبي طالب والعبَّاس والحارث وأبي لهب.
وأمَّا عبد اﷲ، فليس له إلاَّ النَّبيّ (صلّى الله عليه وآله)المنحصر نسله في فاطمة (عليه السلام)، فدخل في نسل أبي طالب.
ولكن لم يُعرف من الأربعة في هذه الأيام إلاَّ المنتسب إلى أبي طالب والعبَّاس، بل لم يبارك اﷲ إلاَّ في ذريّة الأوَّل منهما.
وفي الجواهر: (لا خلاف في استحقاق الجميع الخُمُس، بل الإجماع محصَّل ومنقول عليه، كما أنَّه المفهوم من المعتبرة المستفيضة إن لم تكن متواترةً...)([3]).
وبالجملة، فلا خلاف بين الأعلام في استحقاق الأربعة المتقدِّمة وهم بنو أبي طالب والعبَّاس والحارث وأبي لهب الخُمُس، سواء الذَّكر منهم والأنثى.
وما في جملة من الروايات من تخصيص الخُمُس بآل محمَّد (صلّى الله عليه وآله)أو بأهل بيته أو ذريّته، أو بولد فاطمة عليهم السَّلام جميعاً، فليس بمراد قطعاً، وإنَّما ورد ذلك لكونهم الأصل في هذا الحكم أو بولايتهم على الخُمُس، ونحو ذلك.
ثمَّ إنَّه وقع الكلام بين الأعلام في استحقاق بني المطّلب، أخي هاشم الخُمُس، فالأكثر على عدم استحقاقهم.
وحُكي عن الشَّيخ المفيد وابن الجنيد (رحمهما اﷲ) الاستحقاق.
أقول: قدِ استُدلّ للأكثر بظهور جملة من الرِّوايات باختصاص الخُمُس ببني هاشم، مع ما في بعضها من التَّصريح بأنَّهم هم قرابة النَّبيّ (صلّى الله عليه وآله)الَّذين جعل لهم الخُمُس، كما في مرسلة حمَّاد المتقدِّمة: (وهؤلاء الَّذين جعل اﷲ لهم الخُمُس هم قرابة النَّبيّ (صلّى الله عليه وآله)الَّذين ذكرهم اﷲ تعالى في كتابه، فقال: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين) ]الشعراء: 214]، وهم بنو عبد المطّلب أنفسهم، الذَّكر منهم والأُنثى، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحدٌ... ومَنْ كانت أمُّه من بني هاشم، وأبوه من سائر قريش فإنَّ الصَّدقات تحلُّ له، وليس له من الخُمُس شيءٌ)([4])، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.
ويُستفاد من جملة من الرِّوايات أيضاً أنَّ الخُمُس لمن حرمت عليه الصَّدقة، ويظهر من الرِّوايات ولو بانضمام قرائن خارجيّة أنَّ المحرَّم عليهم الصَّدقة هم بنو هاشم.
ففي صحيحة ابن سنان يعني عبد اﷲ عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام) (قَاْل: لا تحلُّ الصَّدقة لولد العبَّاس، ولا لنُظرَائِهِمْ مِنْ بني هَاشِم)([5]).
وفي صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام)، حيث ورد في ذيلها: (فَقَاْل رسولُ اﷲ (صلّى الله عليه وآله): يا بني عبد المطَّلب! إنَّ الصَّدقة لا تحلُّ لي ولَاْ لَكُم...)([6]).
وكذا غيرها، فإنَّ هذه الرِّوايات، وإن لم تُصرّح بنفي الحرمة عن غيرهم، لكنَّ الاقتصار عليهم في الرِّوايات المستفيضة جدّاً مع كون بعضها في مقام المدح المقتضي بيان مَنْ حرمت الصَّدقة عليهم كالصَّريح في الاختصاص بهم.
وقد يُستدلّ للشيخ المفيد وابن الجنيد (رحمهما اﷲ) بموثَّقة زرارة المتقدِّمة عن أبي عبد اﷲ في حديث (قَاْل: إنَّه لَوْ كَاْن العَدْل مَاْ احتاجَ هاشميٌّ ولا مطّلبيٌّ إلى صدقة، إنَّ اﷲ جَعَلَ لهم في كتابِه مَاْ كَاْنَ فِيهِ سِعَتُهُم)([7]).
وقد نعتناها بالموثَّقة لأنّ عليَّ بن محمَّد بن الزُّبير القُرشيّ الواقع في إسناد الشَّيخ إلى عليِّ بن الحسن بن فضَّال من المعاريف، ما يكشف عن وثاقته.
وعليه، فمقتضى الجمع بين الرِّوايات الكثيرة الدَّالّة
على الاختصاص والحَصْر ببني هاشم وبني عبد المطّلب، وبين موثَّقة زرارة، هو حَمْل الحَصْر في الرِّوايات الكثيرة على الحَصْر الإضافيّ غير المنافي لاستحقاق بني المطَّلب أيضاً.
([1]) معاني الأخبار ط دار المعرفة : ج1، ص213، ح1.
([2]) الوسائل باب 1 من أبواب قسمة الخُمُس ح8.
([3]) الجواهر: ج16، ص104.
([4]) الوسائل باب 1 من أبواب قسمة الخمس ح8.
([5]) الوسائل باب 29 من أبواب المستحقين للزكاة ح3.
([6]) الوسائل باب 29 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.
([7]) الوسائل باب 33 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.