الدرس294 _القِبلة 22
(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «ومن هذا يظهر عدم صحّة الصّلاة في الأرجوحة المعلّقة بالحِبال، فإنَّها لا تعد عرفاً مكان القرار، ويمكن الفرق بينهما بأنّ البعير المعقول معرّض لعدم الاستقرار، بخلاف الأرجوحة...».
وفي قواعد العلاَّمة R: «وفي صحَّة الفريضة على بعير معقول، أو أرجوحة معلَّقة بالحِبال، نظر...».
أقول: حكم الصَّلاة في الأرجوحة هو حكمها على الرّاحلة طابق النعل بالنعل، فإذا كانت الصَّلاة فيها مفوّتة لبعض ما يعتبر فيها، كالإستقبال والقِيام والركوع والسجود، ونحوها، فلا إشكال حينئذٍ في بطلانها، وإلاَّ فتصحّ كما عرفت في الصَّلاة على الرّاحلة، ويشير إلى الصّحَّة أيضاً ما سنذكره في الصَّلاة على الرفّ المعلّق.
(2) ويدلّ على الصّحَّة مضافاً إلى ما عرفته في حكم الصَّلاة على الدّابة : صحيحة عليّ بن جعفر المتقدِّمة عن أخيه موسى بن جعفر N «قال: سألتُه عن الرّجل، هل يصلح له أن يصلّي على الرفّ المعلَّق بين نخلتَيْن؟ فقال: إن كان مستوياً يقدر على الصَّلاة فيه فلا بأس...»[i]f173، وهذه الرَّواية، وإن كانت ضعيفة في كتاب قرب الإسناد بعبد الله بن الحسن، فإنَّه مهمل، إلاَّ أنَّها صحيحة بطريق الشَّيخ R، والمراد بالمعلَّق بين نخلتين، ما كان بالحِبال، أو الأعمّ منه، ومن المسمّر بالمسامير.
وعلى هذا لا إشكال في الصحة أصلاً، لعدم الحركة.
(1) وفي الذكرى ذهب إلى الصّحَّة، قال: «ولوِ احتمل قوم سريراً عليه مصلٍّ، فكالبعير المعقول، بل أَوْلى بالصّحَّة (هنا)، لأنَّه قد يُؤمن منهم أسباب الاختلال»، وهو الصحيح، إذ لا موجب للبطلان.
وبالجملة، حكمه حكم الصَّلاة على الرّاحلة بلا فرق بينهما.
ويؤيِّده: حسنة إبراهيم بن أبي محمود «أنَّه قال للرّضا N: الرّجل يصلّي على سرير من ساج، ويسجد على السَّاج؟ قال: نعم»[ii]f174، وهي، وإن لم تكن ظاهرة فيما نحن فيه، إذ لم يفرض فيها حمل السَّرير من قوم، إلاَّ أنَّ الصَّلاة عليه ليس فيها القرار المعهود، ومع ذلك فهي صحيحة.
ومثلها رواية محمد بن إبراهيم الحصيني «قال: سألتُه عن الرَّجل يصلِّي على السَّرير، وهو يقدر على الأرض؟ فكتب: لا بأس، صلِّ فيه»[iii]f175، ولكنَّها ضعيفة، بجهالة علي بن أحمد بن أشيم، وعدم وثاقة محمَّد بن إبراهيم الحصيني، وبالإضمار.
(1) يقع الكلام في ثلاثة أمور:
الأوَّل: في جواز الصَّلاة في السَّفينة اختياراً مع التمكُّن من استيفاء فرائضها من القِيام والاستقبال والرّكوع والسَّجود، وغير ذلك، سواء أكانت واقفةً أم سائرةً.
الثاني: في جواز الصَّلاة فيها اختياراً حتَّى مع استلزامها الإخلال بالقِيام أو الاستقبال، وغيرها من الشَّرائط والأجزاء الاختياريَّة.
الثالث: في جواز الصَّلاة فيها حال الاضطرار، بحيث لا يتمكّن من الأرض والصَّلاة عليها مع الإتيان بجميع الأجزاء والشَّرائط.
أمَّا الأمر الأوَّل: فقد ذهب إليه جماعة كبيرة من الأعلام، منهم صاحب الجواهر والمحقِّق الهمداني والسَّيد محسن الحكيم والسَّيد أبو القاسم الخوئي (رحمهم الله تعالى)، بل لعلَّه المشهور بين المتأخِّرين، وهو مقتضى الإنصاف.
وذكر المصنِّف R هنا أنَّ ظاهر الأصحاب أنَّ الصَّلاة في السَّفينة مقيَّدة بالضَّرورة، إلاَّ أن تكون مشدودة.
وقال في الذكرى: «جوَّز الفاضل الصَّلاة في السَّفينة فرضاً ونَفْلاً، مختاراً في ظاهر كلامه وإن كانت سائرة، وهو قول ابن بابويه وابن حمزة، وكثير من الأصحاب جوّزه، ولم يذكروا الاختيار إلى أن قال: والأقرب المنع إلاَّ لضرورة، لأنَّ القرار ركن في القِيام، وحركة السَّفينة تمنع من ذلك، ولأنَّ الصَّلاة فيها مستلزمة للحركات الكثيرة الخارجة عن الصلاة...».
أقول: الأقوى جواز ذلك في السّفينة اختياراً إذا كان متمكناً من استيفاء شرائطها من القِيام والاستقبال والرّكوع والسَّجود وغير ذلك، وإن كانت سائرةً، إذ الحركة التبعيّة الحاصلة من سير السفينة لا تضرّ أصلاً، كما ذكرنا في الصَّلاة على الرّاحلة.
ويدلّ على ما ذكرنا جملة من الروايات:
منها: صحيحة جميل دراج «أنَّه قال لأبي عبد الله N: تكون السَّفينة قريبةً من الجد (الجدد) فأخرج وأُصلّي، فقال: صلّ فيها، أمَّا ترضى بصلاة نوح N!؟»[iv]f176، والشَّيخ الصَّدوق R، وإن لم يذكر طريقه بالخصوص إلى جميل بن دراج، إلاَّ أنَّه ذكر طريقه إليه، وإلى محمَّد بن حمران معاً، وهذا يغني عن ذكر الطّريق إلى خصوص جميل.
وبالجملة، فالرِّواية صحيحة.
ومنها: رواية يونس بن يعقوب «أنَّه سَأَل أبا عبد الله N عن الصَّلاة في الفرات، وما هو أصغر منه من الأنهار في السَّفينة، فقال: إنْ صلَّيت فحسن، وإن خرجت فحسن»[v]f177، ولكنَّها ضعيفة، لأنَّ في إسناد الصَّدوق R إلى يونس بن يعقوب الحكم بن مسكين، وهو غير موثَّق، فالتعبير عنها بالموثَّقة في غير محلِّه.
ومنها: رواية المفضَّل بن صالح[vi]f178، وهي مثل الرَّواية السَّابقة، ولكنَّها ضعيفة بالمفضَّل بن صالح أبي جميلة.
والتعبير عنها بالصحيحة في غير محلِّه أيضاً.