الدرس 187_في المناهي وهي على أقسام ثلاثة (19).ثالثها: ما نهي عنه تنزيها
الدرس 187 / الخميس: 03-حزيران-2021
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والسَّفلة والأدنِين والمحارَفِين، وذوي العاهات، (انتهى كلامه)
(2) الأدنون والسَّفلة شيء واحد، قال الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في المسالك: وفسِّر الأدنون «بمَنْ لا يبالي بما قال، ولا ما قيل فيه، وبالَّذي لا يسرُّه الإحسان ولا تسوؤه الإساءة، وبالَّذي يحاسب على الدّوْن...».
وقال الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله): «جاءت الأخبار في معنى السَّفلة على وجوه:
منها: أنَّ السَّفلة هو الَّذي لا يبالي ما قال، ولا ما قيل له.
ومنها: أنَّ السَّفلة مَنْ يضرب بالطَّنبور.
ومنها: أنَّ السَّفلة مَنْ لم يسرُّه الإحسان، ولم تسؤه الإساءة، والسَّفلة منِ ادَّعى الأمانة (الإمامة) وليس لها بأهل، وهذه كلُّها أوصاف السَّفلة...».
أقول: قدِ استدلَّ الأعلام على كراهة مبايعة الأدنين، أي السَّفلة، بما رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه «قال: وقال (عليه السلام): إيَّاك ومخالطة السَّفلة، فإنَّ السَّفلة لا يؤول إلى خير»[1]f296، وهي ضعيفة بالإرسال.
ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في العلل مسندة إلاَّ أنَّها أيضاً ضعيفة بجهالة الحَسْن بن ميَّاح، وجهالة عيسى، كما أنَّها ضعيفة الدَّلالة؛ لأنَّ النَّهي فيها إنَّما هو على المخالطة دون المعاملة.
وأمَّا المحارَف بفتح الراء : وهو المحروم الَّذي أدبرت عنه الدُّنيا ولا نصيب له فيها، وهو بخلاف المبارك، فيدلُّ على كراهة المعاملة معه صحيحة الوليد بن صبيح «قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): لا تشترِ مِنْ محارَف، فإنَّ صفَقَتَه لا بَرَكَةَ فيها»[2]f297.
ومنها: موثقته الأخرى «قال: قال الصادق (عليه السلام): لا تشتر لي من محارَف شيئاً، فإن خلطته لا بركة فيها»[3]f298 وإنَّما جعلناها موثقة؛ لأنَّ في طريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) إلى الوليد بن صبيح الحسين بن المختار وهو وإن كان ثقة لكنه واقفي.
وأمَّا كراهة مبايعة ذوي العاهات أي الَّذي عندهم نقص في أبدانهم فتدلَّ عليه رواية ميسر بن عبد العزيز «قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تُعامِل ذا عاهة فإنَّهم أظلمُ شيءٍ»[4]f299، وهي ضعيفة بجهالة حسين بن خارجة.
واستدلَّ أيضاً: بمرفوعة أحمد بن محمَّد رفعه «قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اِحْذَروا معاملةَ ذَوْي العَاْهاتِ، فإنَّهم أَظْلمُ شيءٍ»[5]f300، وهي ضعيفة بالرَّفع ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه مرسلة.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ومعاملة الأكراد ومجالستهم ومناكحتهم. وعلَّل ابن إدريس: بأنَّهم لا بصيرة لهم؛ لتَرْكهم مخالطة النَّاس، وذوي البصائر. (انتهى كلامه)
(1) قدِ استدلَّ على كراهة معاملة الأكراد بروايتين:
الأولى: رواية أبي الرَّبيع الشَّامي «قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلتُ: إنَّ عندنا قَوْماً منَ الأكرادِ، وإنَّهم لا يزالونَ يجيئونَ بالبيعِ فنُخَالطُهم ونبايعُهم، فقال: يا أبا الربيع، لَاْ تخالطُوْهم، فإنَّ الأكراد حيٌّ من أحياء الجنِّ، كَشَف الله عنهم الغطاء، فلَاْ تُخالطُوهم»[6]f301، وهي ضعيفة بالإرسال، وبجهالة أبي الرَّبيع الشَّامي.
مضافاً إلى أنَّ النَّهي من الإمام (عليه السلام) إنَّما كان عنِ المخالطة فقط.
الرِّواية الثَّانية: روايته أيضاً عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أنّه قَاْل: لَاْ تخالطِ الأكرادَ، فإنَّ الأكرادَ حيٌّ مِنَ الجنِّ كَشَفَ الله عنهم الغِطَاء»[7]f302، وهي ضعيفة أيضاً بجهالة أبي الرَّبيع الشَّامي، والحكم بن مسكين الواقع في طريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) إلى أبي الربيع.
أضف إلى ذلك: أنَّ النَّهي إنَّما هو عنِ المخالطة فقط.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ومعاملة أهل الذِّمَّة، (انتهى كلامه)
(1) ذكر جماعة من الأعلام كراهة معاملة أهل الذّمَّة، ولكنِّي لم أجد ما يدلُّ على ذلك.
نعم، هناك رواية في النّهي عن الاستعانة بالمجوسي، قال الشّيخ الصّدوق (رحمه الله) في الفقيه، «قال: قال (عليه السلام) لا تستعنْ بمجوسيٍّ، ولو على أَخْذ قوائم شاتك وأنت تريد أن تذبحها»[8]f303، وهي ضعيفة بالإرسال.
نعم، رواها ابن الشَّيخ الطُّوسي في مجالسه مسندة[9]f304، ولكنَّها ضعيفة أيضاً بجهالة عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة.
ومن المعلوم أنَّ الاستعانة غير المعاملة، مضافاً إلى أنَّها مخصوصة بالمجوسيّ.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والرِّبح على المؤمن، إلاَّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم، فيربح عليه قوت اليوم، أو يشتري للتِّجارة فيَرفِق به، أو للضَّرورة. وروى عليُّ بن سالم عن أبيه عن الصَّادق (عليه السلام): لا بأس في غيبة القائم (عليه السلام) بالرِّبح على المؤمن، وفي حضوره يكون رباً. (انتهى كلامه)
(2) المعروف بين الأعلام أنه يكره الرّبح على المؤمن إلاَّ مع الضّرورة، يربح قوت يومه موزّعاً له على سائر المعاملين له أي المؤمنين في ذلك اليوم، وإلاَّ مع الشِّراء بأكثر من مائة درهم، أو الشِّراء للتِّجارة.
أقول: قد يستدلُّ على الكراهة بجملة من الرِّوايات:
منها: رواية سليمان بن صالح وأبي شبل جميعاً عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: رِبْح المؤمن على المؤمن رباً، إلاَّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم، فاربح عليه قوت يومك، أو يشتريه للتِّجارة فاربحوا عليهم، وارفقوا بهم»[10]f305، وهي ضعيفة بجهالة صالح بن عقبة.
ومنها: رواية ميسر (قيس خ ل) «قال: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): إنَّ عامَّة مَنْ يأيتني إخواني، فحدّ لي من معاملتهم مالاً أجوزه إلى غيره، فقال: إنْ ولّيت أخاك فحسن، وإلاَّ فبعه بيع البصير المداق»[11]f306، بناءً على أنَّ المراد منه: إن بعت أخاك المؤمن فلا تربح عليه، بل ولِّه، أي بعه برأس المال؛ لأنَّ التَّولية بمعنى البيع بالثّمن الَّذي اشتريت من غير زيادة، ولا نقصان.
وإن لم يكن أخاك فبع بيع البصير المداقّ له، أو أنَّ المراد إن ولّيت أخاك فحسن، وإن تركت الحسن فبعه بيع البصير المداق، بأن تلحظ ما يخصّه من قوت يومك الَّذي تريد أن توزّعه على إخوانك المعاملين لك.
ولكنَّ الرواية أيضاً ضعيفة بمحمَّد بن سنان، وقد تكون ضعيفة بغيره أيضاً.
ومنها: رواية فرات بن أحنف عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: رِبْح المؤمن على المؤمن رباً»[12]f307، وهي ضعيفة بمحمَّد بن سنان، وبفرات بن أحنف.
وعليه، فالرِّوايات الواردة في النّهي عن الرّبح على المؤمن كلّها ضعيفة.
[1] الوسائل باب 24 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[2] الوسائل باب 21 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[3] الوسائل باب 21 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
[4] الوسائل باب 22 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[5] الوسائل باب 22 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[6] الوسائل باب 23 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[7] الوسائل باب 23 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[8] الوسائل باب 24 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[9] الوسائل باب 24 من أبواب آداب التِّجارة ح7.
[10] الوسائل باب 10 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[11] الوسائل باب 10 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[12] الوسائل باب 10 من أبواب آداب التِّجارة ح3.