الدرس 178 _زكاة الفِطرة 11
وقد أجاب عنه صاحب المسالك (رحمه الله)، بما حاصله: «أنَّ النَّصّ يقتضي جوازه، وقد ثبت مثله في الزكاة الماليَّة...».
وأجاب عنه صاحب الجواهر (رحمه الله): «بأنَّ غير المكلَّف إنَّما ملكه على هذا الوجه، أي على أن يخرج عنه صدقة...».
وهذا هو الإنصاف.
ولا يرد على صاحب المسالك: بأنَّ النَّصّ لا إطلاق له من هذه الجهة؛ لعدم كونه في مقام البيان من هذه النَّاحية.
فإنَّه يُقال: لمَّا كان الغالب في العِيال وجود الصَّغير بينهم، فلا إشكال حينئذٍ في كون النص في مقام البيان من هذه الجهة؛ لوروده مورد الغالب.
نعم، ما ذكره صاحب الجواهر (رحمه الله) لا يخلو من تأمُّل.
وأمَّا ما ذكره صاحب المدارك (رحمه الله) بعد أن حكى الإشكال المزبور وما يدفعه حيث قال: «وهو جيد لو كان النَّصّ صالحاً لإثبات ذلك، لكنَّه ضعيف من حيث السَّند، قاصر من حيث المتن عن إفادة ذلك، بل ظاهره اختصاص الحكم بالمكلَّفين، والأصحّ اختصاص الحكم بهم، لانتفاء ما يدلّ على تكليف وليّ الطِّفل بذلك، بل يمكن المناقشة في هذا الحكم من أصله إن لم يكن إجماعيّاً...».
فهو مبنيٌّ على ما اختاره من عدم العمل بالموثَّقات، حيث إنَّه لا يعمل إلاَّ بالصِّحاح والحسَّان.
ولكنَّ هذا المبنى في غير محلِّه، بل الموثَّق حُجَّة، كما ذكرنا ذلك في محلِّه، كما أنَّه تامّ الدَّلالة على ما عرفت.
وعليه، فالمناقشة في هذا الحكم من أصله ليست تامة.
بقي شيء ذكره المصنِّف (رحمه الله) في البيان، وهو أنَّه بعد أن ذكر أنَّ الأخير من العِيال يتصدَّق بالصَّاع على الأجنبيّ، قال: «فلو تصدَّق به الأجنبيّ الفقير على المتصدِّق فطرةً أو غيرها، كره له تملّكه، كما قلناه في زكاة المال. وهل تكون الكراهيّة مختصَّة بالأخير منهم؛ لأنَّه المباشر للصَّدقة عن نفسه، أو هي عامَّة للجميع؟ الأقرب الثَّاني؛ لِصدق إعادة ما أخرجه من الصَّدقة إلى ملكه، ولأنَّ إخراجها إلى الأجنبيّ مشعرٌ بذلك، وإلاَّ لأعادها الأخير إلى الأوَّل منهم».
وهو في محلِّه، وإن كان الأولى اختصاص الكراهة بالأخير منهم المباشر للصَّدقة؛ والله العالم بحقائق أحكامه.