الدرس 1130 _كتاب الخمس 10
لمشاهدة الفيديو يمكنكم الدخول على الرابط التالي:
الاثنين 05 كانون الاول 2022 - الدرس رقم: 10
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها: رواية حكيم مؤذن بني عبس (عيس) عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قَاْل: ((قلتُ له: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ"، قَاْل: هي -والله- الإِفادة يوماً بيوم، إلَّا أنَّ أبي جعل شيعتنا من ذلك في حِلٍّ ليزكوا)) ([1]). ولكنَّها ضعيفة بمحمَّد بن سنان، وبجهالة حكيم مؤذن بني عبس (عيس).
والخلاصة: أنَّه لا إشكال في إطلاق الآية الشَّريفة.
إن قلت: لو كانت الآية الشَّريفة مطلقةً تشمل هذا النَّوع من الخُمُس، فلماذا لم يتصدَّ لأخذه الرَّسول (صلى الله عليه وآله) والأمير (عليه السَّلام) من بعده، بل لم يظهر أنَّه كان له أثرٌ في صدر الإسلام؛ إذ لم يرد عندنا، ولو في رواية ضعيفة، أنَّ النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) أخذ هذا النَّوع من الخُمُس، وكذا الأئمَّة (عليهم السلام) إلى زمن الصَّادقَيْن (عليهما السلام)، حيث يظهر من الرِّوايات الواردة عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) وجود هذا النَّوع من الخُمُس في زمنه (عليه السَّلام).
قلتُ: يمكن الجواب عنه: بما هو المعروف بين الأعلام من أنَّ الأحكام الشَّرعية تدريجيّةُ الوجود، فلم يكن بيانها بتمامها في زمن واحد، بل كان بيانها وتبليغها للنَّاس في أزمنة متعدِّدة ما يقرب من مائتي سنة ونيف، بل يظهر من بعض الرِّوايات أنَّ جملة من الأحكام يُظهرها صاحب الزَّمان (عجل الله فرجه الشَّريف) حين ظهوره، وهي الآن مستورة عنده. وعليه، فيمكن أن يكون بيان هذا النَّوع من الخُمُس متأخّرًا إلى زمن الصَّادقَيْن (عليهما السَّلام) لحكمة لا نعلمها. أضف إلى ذلك: أنَّ الجزم بعدم أخذ هذا النَّوع من الخُمُس في زمن النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمَّة (عليهم السلام) من بعده إلى زمن الصَّادقَيْن (عليهما السَّلام) في غير محلِّه؛ إذ لعلَّ هذا النَّوع من الخُمُس كان موجوداً في ذاك الوقت ولكن لم يصل إلينا خبرٌ عنه؛ لما هو معلوم من أنَّ كثيراً من الرِّوايات خفيت علينا؛ لعدَّة أسبابٍ يطول شرحها، وإلَّا فإنَّ هناك كثيراً من الحوادث حصلت في صدر الإسلام ولم نعلم عنها شيئاً، والله العالم؛ هذا تمام الكلام بالنِّسبة للآية الشَّريفة.
وأمَّا السُّنة النَّبويّة الشَّريفة، فقد عرفت أنَّها فوق حدّ التَّواتر:
منها: موثَّقة سُماعة قَاْل: ((سألتُ أبا الحسن (عليه السلام) عن الخُمُس؟ فقال: في كلِّ ما أفاد النَّاس من قليلٍ أو كثيرٍ)) ([2]).
ومنها: صحيحة عليِّ بن مَهْزِيار قَاْل: ((قال لي أبو عليّ ابن راشد، قلتُ له: أمرتني بالقِيَام بأمرِك، وأَخْذ حقِّك، فأعلمتُ مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأيُّ شيءٍ حقُّه؟ فلم أدرِ ما أُجيبُه؟ فقال: يجب عليهم الخُمُس، فقلتُ: ففي أيِّ شيءٍ؟ فقال: في أمتعتهم وصنائعهم، قلتُ: والتَّاجر عليه، والصَّانع بيده؟ فقال: إذا أمكنهم بعد مؤونتهم)) ([3]). وأبو عليّ بن راشد هو الحَسَن بن راشد البغداديّ الثِّقة من أصحاب الإمام الجواد (عليه السَّلام).
ومنها: الصَّحيحة الثَّانية لعليّ بن مَهْزِيار قَاْل: ((كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ: أقرأني عليٌّ كتابَ أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضِّياع، أنَّه أوجب عليهم نصف السُّدُس بعد المؤونة، وأنَّه ليس على مَنْ لم يقم ضيعته بمؤونته نصف السُّدس، ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضِّياع الخُمُس بعد المؤونة، مؤونة الضَّيعة وخراجها، لا مؤونة الرَّجل وعياله، فكتب -وقرأه عليُّ بن مَهْزِيار-: عليه الخُمُس بعد مؤونته ومؤونة عياله، وبعد خراج السَّلطان)) ([4]). فإنَّ إبراهيم بن محمَّد الهمدانيّ، وإن كان غير موثَّق، إلَّا أنَّه لا يضرّ بعد شهادة عليّ بن مَهْزِيار بأنَّ الكاتب هو أبو الحسن الثَّالث (عليه السَّلام).
ثمَّ إنَّ الوجه في إيجابه نصف السدس هو إباحته الباقي للشِّيعة؛ لانحصار الحقِّ فيه (عليه السَّلام).
ومنها: روايته الثَّالثة عن عليِّ بن محمَّد بن شُجاع النَّيسابوريّ: ((أنّه سأل أبا الحسن الثَّالث (عليه السلام) عن رجلٍ أصاب من ضيعته من الِحنطة مائة كُرٍّ ما يُزكَّى، فأخذ منه العُشْر عشرة أكرار، وذهب منه بسبب عمارة الضَّيعة ثلاثون كرّاً، وبقي في يده ستُّون كُرّاً، ما الَّذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء؟ فوقّع (عليه السَّلام): لي منه الخُمُس ممَّا يفضل من مؤونته)) ([5]). وهي ضعيفة؛ لعدم وثاقة عليِّ بن محمَّد بن شُجاع النَّيسابوريّ.
([1]) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الأنفال، ح8.
([2]) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح6.
([3]) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح3.
([4]) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح4.
([5]) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح2.