الدرس 207 _كتاب الصدقة 11
الدرس 207 / الاربعاء: 9 تشرين2 2022
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والبدأة بها قبل السُّؤال(1)
(1) كما في مرفوعة الذّهليّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: المعروف ابتداءً، فأمَّا مَنْ أعطيته بعد المسألة فإنَّما كافيته بما بذل لك من وجهِه...»([1])، وهي ضعيفة بالرَّفع.
وقد ورد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «أنَّه قال: السخاء ما كان ابتداءً، فأمَّا ما كان عن مسألة فحياء وتذمّم»([2])، وهي ضعيفة بالإرسال.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وتعجيلها وتصغيرها وسترها(2)
(2) يُستفاد ذلك من رواية حاتم عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: رَأَيْتُ الْمَعْرُوفَ لَا يَصْلُحُ إِلاَّ بِثَلَاثِ خِصَالٍ: تَصْغِيرِهِ وَتَسْتِيرِهِ وَتَعْجِيلِهِ، فَإِنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ عِنْدَ مَنْ تَصْنَعُهُ إِلَيْهِ، وَإِذَا سَتَّرْتَهُ تَمَّمْتَهُ، وَإِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ سَخَّفْتَهُ وَنَكَّدْتَهُ»([3])، وهي ضعيفة بجهالة حاتم.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويجب شُكر المنعم بها، ويحرم كفرانها(3)
(3) كما في معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص): مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَلْيُكَافِئْ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ»([4]).
وكما في مرسلة أبي جعفر البغداديّ عمَّنْ رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: قَالَ: لَعَنَ الله قَاطِعِي سُبُلِ الْمَعْرُوفِ، قِيلَ: وَمَا قَاطِعُو سُبُلِ الْمَعْرُوفِ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يُصْنَعُ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ فَيَكْفُرُهُ، فَيَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ مِنْ أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ»([5])، وهي ضعيفة بالإرسال، وبجهالة أبي جعفر البغداديّ.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويُكره أن يتصدَّق بجميع ماله إلاَّ مع وثوقه بالصَّبر ولا عيالَ له(1)
(1) الأمر الرَّابع: يُكره للإنسان أن يتصدَّق بجميع ماله، كما ذهب إليه جماعة كثيرة من الأعلام.
والمراد بالكراهة هنا: قلَّة الثواب، وليس المراد منها المعنى المصطلح عليه المقابل للحرمة، أي الحزازة والمبغوضيّة، وإلاَّ كيف تجتمع مع العبادة المشترط فيها الرُّجحان؟!
وعليه، فالمراد بالكراهة في العبادات هو أقليّة الثَّواب، كما في الخبر المتقدِّم: «لا صدقة وذو رحمٍ محتاجٌ».
ومهما يكن، فقدِ استدلّ للكراهة هنا ببعض الآيات الشَّريفة:
منها: قوله تعالى: «وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ ]الإسراء: 29[.
ومنها: قوله تعالى: « إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ﴾ ]الفرقان: 67[.
وأمَّا الاستدلال على الكراهة بقوله تعالى: « وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ ]البقرة: 219[، أي الوسط، فلا يُفهم منها كراهة التّصدُّق بجميع المال.
وقد يستدلّ للكراهة أيضاً: بما تقدَّم من حسنة عبد الأعلى: «أفضل الصَّدقة عن ظهر غنى»([6]).
ولكن قد يتعارض هذا الكلام مع ما تقدَّم من رجحان الإيثار؛ لقوله تعالى: « وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ ]الحشر: 9[.
وقد تقدَّم أيضاً في موثَّقة أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) «قال: قلت له: أيُّ الصدقة أفضل؟ قال: جُهْد المُقلّ، أمَا سمعتَ الله (عز وجل)يقول: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ »، (هل) ترى ها هنا فضلاً»([7]).
كما أنَّ الرِّوايات دلَّت على أنَّ الأولياء (عليهم السلام) كانوا يُؤثِرون على أنفسهم، والتّأسِّي بهم راجح شرعاً.
ولكن قد يُقال: إنَّه لا تعارض في المقام؛ إذ يمكن الجمع بينهما بما ذكره المصنِّف (رحمه الله)، من أنَّ الكراهة إنَّما هي إذا لم يكن له وثوق بالصَّبر، وكان له عيال ويحتاجون للنَّفقة، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً، مع التَّأييد برواية مسعدة بن صدقة، فراجع، والله العالم.
([1]) الوسائل باب 39 من أبواب الصدقة ح1.
([2]) الوسائل باب 39 من أبواب الصدقة ح4.
([3]) الكافي: ج4، باب تمام المعروف ح1، ص30.
([4]) الكافي: ج4، باب من كفر المعروف ح3، س33.
([5]) الكافي: ج4، باب من كفر المعروف ح1، ص33.
([6]) الوسائل باب 42 من أبواب الصدقة ح5.
([7]) الوسائل باب 28 من أبواب الصدقة ح7.