الدرس 1167 _كتاب الخمس 47
قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: ولا يُعتبر فيه نصابٌ ثانٍ.
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يُعتبر فيه نصابٌ آخر، قال المصنِّف (رحمه اﷲ) في البيان: (والظَّاهر أنَّه يجب في الزَّائد عن النِّصاب من غير اعتبار ما يُعتبر في الزَّكاة ويلوح من الرِّواية اعتباره...)([1]).
وقال العلاَّمة (رحمه اﷲ) في المنتهى: (ليس للرّكاز نصاب آخر، بل لا يجب فيه الخُمُس، إلاَّ أن يكون عشرين مثقالاً، فإذا بلغها وجب فيه الخُمُس وفيما زاد، قليلاً كان أو كثيراً...)([2]).
قال صاحب المدارك (رحمه اﷲ) بعد نقل ذلك عن المنتهى : (ويشكل بأنَّ مقتضى رواية ابن أبي نصر مساواة الخُمُس للزَّكاة في اعتبار النِّصاب الثَّاني كالأوَّل، إلاَّ أنَّي لا أعلم بذلك مُصرِّحاً)([3]).
أقول: إنَّ صحيحة البزنطيّ المتقدِّمة، وإن كانت مشعرةً بالمساواة في النُّصُب ليكون ما بين النِّصابَيْن عفواً، كالزَّكاة، إلاَّ أَّنها ليست ظاهرةً بذلك، ثمَّ إنَّنا لو فرضنا ظهورها بذلك، إلاَّ أنَّه لا قائل به، واﷲ العالم.
* * *
قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: ولا حول.
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يُعتبر فيه الحَوْل؛ وذلك لإطلاق الأدلَّة.
ومن هنا قال صاحب الجواهر (رحمه اﷲ): (فلا يُعتبر فيه حول حينئذٍ قطعاً، كما صرَّح به في غير واحد...)([4]).
وهناك بعض الأبحاث المتعلِّقة بالكنز أعرض عنها المصنِّف (رحمه اﷲ)، وهو في محلِّه؛ لقلَّة أهميَّتها.
* * *
قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: السَّادس: المعادن على اختلاف أنواعها حتَّى المَغْرة والجصّ والنُّورة، وطين الغَسْل والعلاج، وحجارة الرَّحى، والملح، والكِبريت.
السَّادس من الأمور التي يجب فيها الخمس: المعادن بعنوانها، لا بعنوان أرباح المكاسب.
وقدِ اتَّفق الأعلام على وجوب الخُمُس فيها، وفي المدارك: (أجمع الأصحاب على وجوب الخُمُس في هذا النَّوع...)([5]).
وفي الجواهر: (إجماعاً محصّلاً ومنقولاً، صريحاً في الخلاف والسَّرائر والمنتهى والتَّذكرة والمدارك وغيرها، وظاهراً في كنز العرفان،
وعن مجمع البحرين والبيان، بل في ظاهر الغنية نفي الخلاف بين المسلمين عن معدن الذَّهب والفضَّة...)([6]).
أقول: يدلّ عليه مضافاً إلى التَّسالم بينهم الرِّوايات المستفيضة جدّاً، بل كادت أن تكون متواترةً:
منها: صحيحة محمَّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) (قَاْل: سألتُه عن معادن الذَّهب والفضَّة والصُّفر([7]) والحديد والرَّصاص، فقال: عليها الخُمُس جميعاً)([8]).
ومنها: صحيحة الحلبيّ في حديث (قَاْل: سألت أبا عبد اﷲ (عليه السلام) عن الكنز، كَمْ فيه؟ قَاْل: الخُمُس، وعن المعادن، كَمْ فيها؟ قَاْل: الخُمُس، وعنِ الرَّصاص والصُّفر والحديد، وما كان من المعادن، كَمْ فيها؟ قَاْل: يُؤخذ منها كما يُؤخذ من معادن الذَّهب والفضَّة)([9]).
ومنها: حسنة ابن أبي عمير المتقدِّمة عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام) (قَاْل: الخُمُس على خمسة أشياء: على الكنوز، والمعادن، والغَوْص، والغنيمة ونسي ابن أبي عمير الخامس )([10]).
وقد عرفت أنَّ الشيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) قد وثَّق أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ، كما أنَّه ترضَّى عليه في عشرة مواضع، وذكرنا أنَّ رواية ابن أبي عمير عن غير واحد لا تضرّ في المقام؛ للاطمئنان بوجود الثِّقة فيهم.
ومنها: صحيحة زرارة المتقدِّمة أيضاً عن أبي جعفر (عليه السلام) (قاْل: سألتُه عن المعادنِ ما فيها؟ فقال: كلُّ ما كان ركِازاً ففيه الخُمُس، وقَاْل: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج اﷲ سبحانه منه من حجارته مصفّى الخُمُس)([11])، بناءً على إرادة المعادن منَ الرِّكاز، أو الأعمّ منها ومن غيرها من المال المدفون.
ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم في التَّهذيب (قَاْل: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عنِ الملاَّحَة؟ فقال: وما المَلاَّحَة؟ فقال: أرضٌ سَبِخةٌ مالحةٌ يجتمع فيه الماء فيصير مِلْحاً، فقال: هذا المعدِن فيه الخُمُس، فقلتُ: والكِبريت والنَّفْط يخرج منَ الأرض؟ قَاْل: فقال: هذا وأشباهه فيه الخُمُس)([12]).
ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) في الفقيه بإسناده عن محمَّد بن مسلم، إلاَّ أنَّ فيه بعد قوله: فيصير مِلْحاً : (فقال: مثل المعدِن فيه الخُمُس).
ولكنَّك عرفت أنَّ إسناد الشَّيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) إلى محمَّد بن مسلم
ضعيف؛ لوجود اثنَيْن من أحفاد البرقيّ في السَّند، وهما مهملان، وكذا غيرها من الرِّوايات المستفيضة جدّاً.
ولا ينافي هذه الرِّوايات ما ورد في صحيحة عبد اﷲ بن سنان (قَاْل: سمعتُ أبا عبد اﷲ (عليه السلام) يقول: ليس الخُمُس إلاَّ في الغنائم خاصَّة)([13]).
وجه عدم المنافاة: هو أنَّ الخُمس في القرآن الكريم ليس إلاَّ في الغنائم أي غنائم دار الحرب ؛ لأنَّ الخُمُس في الباقي ثبت بالسُّنة النَّبويّة الشَّريفة، أو يراد منها مطلق الفائدة، فيشمل جميع الأقسام من الكنز والمعدِن والغَوْص، وغيرها.
والخلاصة: أنَّه لا إشكال من هذه الجهة.
([1]) البيان: ص344.
([2]) المنتهى: ج1، ص549.
([3]) المدارك: ج5، ص370.
([4]) الجواهر: ج16، ص28.
([5]) المدارك: ج5، ص362.
([6]) الجواهر: ج16، ص13، 14.
([7]) الصُّفر بالضَّمّ كفُعل : النُّحاس، وكسر الصَّاد لغةٌ.
([8]) الوسائل باب 3 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح1.
([9]) الوسائل باب 3 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح2.
([10]) الوسائل باب 3 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح7.
([11]) الوسائل باب 3 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح3.
([12]) الوسائل باب 3 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح4.
([13]) الوسائل باب 2 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح1.