• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 28 _ الاجتهاد والتقليد 28 .

الدرس 28 _ الاجتهاد والتقليد 28

وممّا ذكرناه في الآيتين الشريفتين يتضح حال الأخبار المتقدمة، فإن غايتها هي الدلالة على حجّية فتوى كل عالم، ولو كان غير أعلم. وأمّا إطلاقها لحال المعارضة مع فتوى الأعلم فلا.
والخلاصة: أن إثبات حجّية فتوى العالم مطلقاً حتى مع المعارضة لفتوى الأعلم منوط بثبوت الإطلاق الأحوالي لتلك الأخبار، وحيث إنه لم يحرز ثبوت هذا الإطلاق فلا محالة، حينئذٍ عند الشك تسقط فتوى غير الأعلم عن الحجّية عند المعارضة لفتوى الأعلم للشك في حجّية فتوى غير الأعلم، فتبقى تحت الأصل كما عرفت بل قد ذكرنا سابقاً أن الروايات متواترة إجمالاً، ومقتضى هذا التواتر هو الأخذ بما هو الأخص، وهو فتوى الحيّ الأعلّم الأعدّل.

ومن جملة الأدلة، التي استدل بها لحجّية فتوى العالم مطلقاً، وان كان غير أعلم: هي أن وجوب تقليد الأعلم فيه عسر، وهو منفي في الشريعة.
ووجه العسر: أن المكلفين في بلاد متفرقة، وليسوا كلّهم في بلد الأعلم حتى يسهل عليهم أخذ الفتوى في كل مسألة، فلا بدّ لهم من السفر من البلاد البعيدة إلى بلد الأعلم، لأخذ الفتاوى منه. وهذا فيه عسر شديد على المكلّفين، كما أن فيه مشقّة شديدة في حقّ الأعلم، من رجوع جميع المقلّدين إليه، لإخذ الفتوى منه. أضف إلى كلّ ذلك، أن وجوب تقليد الأعلم متوقف على تشخيصه.
ومن المعلوم، أن تشخيص الأعلم مفهوماً ومصداقاً من التكاليف العسرية.
ويرد على هذا الاستدلال:
أمّا بالنسبة لتعسّر الوصول إلى فتاوى الأعلم: فإنه لا عسر في تعلّم فتاواه بل هو سهل جدّاً، وذلك بأخذ رسالته المنتشرة في البلاد، ولا سيّما في هذه الأعصار، ويمكن أيضاً معرفة فتاواه بالسؤال عنها من أهل الخبرة. وبالجملة، فإن ما ذكر لم يكتب له التوفيق.

وأّمّا القول بأن تشخيص الأعلم مفهوماً ومصداقاً فيه عسر عظيم. فيرد عليه: أنه لا عسر في تشخيص مفهوم الأعلم، فإنه كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- عبارة عمّن كان أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة، وأكثر اطلاعاً لنظائرها وللأخبار، وأجود فهماً للأخبار، وأقوى استنباطاً وأمتن استنتاجاً.

وأمّا تشخيص الأعلم مصداقاً: فليس بأشكل من تشخيص المجتهد، فكما أن المرجع في تشخيص الاجتهاد هو أهل الخبرة، فكذلك في تشخيص الأعلمية.

وأمّا لزوم المشقة عليه في رجوع المقلدين إليه. ففيه: أنه لا مشقّة في ذلك، فضلاً عن كونها شديدة. أضف إلى كل ذلك، أن دعوى العسر على كل من الأعلم ومقلديه إذا ثبتت فإن مقتضى ذلك هو الاقتصار على مورد العسر لا التعدّي منه إلى غيره.

ومن جملة الأدلّة: أنه ثبت عندنا أن الناس من الشيعة كانوا يرجعون في زمن الأئمة (عليهم السّلام) إلى أصحابهم بل ثبت عندنا في جملة من الروايات المتقدمة أن الأئمة (عليهم السّلام) أرجعوا الناس إلى فتاوى أصحابهم. وعليه، فلو كان تقليد الأعلم واجباً لما جاز للناس أن يرجعوا إلى أصحاب الأئمة (عليهم السّلام) مع تمكنهم من الوصول إلى الإمام (عليه السّلام)، وأخذ المسألة منه (عليه السّلام). وفيه: أن هذه مغالطة واضحة، فإن محل الكلام هنا، إنما هو في فرض العلم بمخالفة فتوى غير الأعلم لفتوى الأعلم. وفي هذه الحالة يقطع بعدم جواز الرجوع إلى من يخالف قوله قول الإمام (عليه السّلام)، وكيف يرجع إليه مع اليقين ببطلان قول غير الإمام ومخالفته للواقع. وعليه، فالأئمة (عليهم السّلام) إنما أرجعوا الناس إلى أصحابهم لمكان عدم علم الناس بمخالفة الأصحاب للأئمة (عليه السّلام) فيما يفتون به. هذا تمام الكلام في الأدلّة المستدل بها على حجّية فتوى غير الأعلم.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1988
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 24-12-2019
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12