• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 13 _ الاجتهاد والتقليد 13 .

الدرس 13 _ الاجتهاد والتقليد 13

وثانياً: أن الحكم الواقعي إذا أخذ حيّزه من السعة والضيق لا يمسّه الحكم الظاهري بشيء، لإنه في طوله فإن موضوعه الشك في الحكم الواقعي فلا مسرح للحكم الظاهري مع العلم بالحكم الواقعي. وعليه، فلا حاكمية بمعنى التوسعة والتضييق بينهما. نعم الحكومة التي توجب التوسعة والتضييق هي بالنسبة إلى الأدلة الواقعية بعضها مع بعض، فراجع ما ذكرناه في مبحث الإجزاء.
وعليه، فما ذكره من الإجزاء ففي غير محله، لأن الأمر الظاهري لا يغيّر في الواقع شيئاً، وكل ما هنالك أن المكلف يكون معذوراً بحال عمل طبقه، وانكشف له أنه مخالف للواقع، إذ الأمر الظاهري لا يحمل حكماً غير الحكم الواقعي.
وعليه، فلا منافاة بينهما لأن الأحكام الشرعية أمور اعتبارية فلا تنافي بينها في نفسها، إذ التنافي إنما يكون بين الأمور الحقيقية التكوينية.
وعليه، فالمنافاة بين الأحكام الواقعية إنما هي من خلال المبدأ والمنتهى:
أما من حيث المبدأ: فلأن الأحكام الواقعية تابعة للمصالح والمفاسد القائمة بمتعلقاتها، ومن هنا لا يمكن للمولى أن يوجب شيئاً وجوباً ملزماً وينهى عنه نهياً ملزماً أيضاً لوقوع التنافي بين الحكمين من حيث المبدأ، إذ الوجوب تابع للمصلحة الملزمة بمتعلقه والحرمة تابعة للمفسدة الملزمة بمتعلقها، والواجب محبوب والحرام مبغوض فلا يجتمعان.
وأما من حيث المنتهى: فلأن وراء الوجوب بعث وتحريك ومن وراء النهي زجر، وهما لا يجتمعان أيضاً.
هذا بالنسبة للتنافي بين الأحكام الواقعية فيما بينها.
وأما الأحكام الظاهرية: فلا تنافي بينها وبين الأحكام الواقعية مطلقاً لا في نفسها ولا من حيث المبدأ والمنتهى.
أمّا أنه لا تنافي في نفسها: فلأن كلاً من الأحكام الواقعية والظاهرية أمور اعتبارية، ولا تنافي بين الاعتباريات.
وأما من حيث المبدأ: فلأن المصلحة في الأحكام الواقعية قائمة بمتعلقاتها، بينما المصلحة في الأحكام الظاهرية قائمة في نفسها، فلا يقع التنافي بينهما، إذ المصلحة في البرائة مثلاً، هي التوسعة والتسهيل على المكلفين، وكذا في أصالتي الطهارة والحلّية الظاهرتين.
 وأما من حيث المنتهى: فلأن البعث والتحريك في الأحكام الواقعية لا يجتمعان مع ما ينافيهما في الأحكام الظاهرية، إذ تحقق البعث والتحريك الواقعيين منوط بوصول الأحكام الواقعية إلينا، ومع فرض ذلك  فلا مسرح حينئذٍ للأحكام الظاهرية ليقع التنافي بينهما، لطالما أن موضوع الأحكام الظاهرية هو الشك في الأحكام الواقعية.
وأما مع عدم وصول الأحكام الواقعية: فلا تكون باعثة ومحركة نحو المراد بل يكون العمل على طبق الأحكام الظاهرية غير المزاحمة بشيء.

وبناءً على ما تقدم: إذا قام الأصل العملي على شيء، كما لو قام على طهارة الماء المشكوك النجاسة فتوضأنا به، وصلّينا ثم جاءت بيّنة وشهدت بنجاسته، فينكشف حينئذٍ بطلان الوضوء والصلاة وتجب إعادتهما، ولا يجزي العمل على طبق الأصل العملي عن المأمور به بالأمر الواقعي، إذ الأصل العملي لا يغيّر في الواقع شيئاً، كل ما هناك أنه واجد للطهارة الظاهرية، وهذا يفيد العذر فقط. وعليه، فلا دليل على أن المأتي به يجزي عن المأمور به، إذ الصحة منتزعة من انطباق المأتي به على المأمور به، والفساد منتزع من عدمه، وبما أنه لم يحصل الانطباق فيكون العمل فاسداً. إذن لا فرق بين الأمارات والأصول العملية من حيث عدم الإجزاء.

وأمّا التفصيل في الأمارات: فالإنصاف أنه على القول بالسببّية نلتزم بالإجزاء.
وأما على القول بالطريقية والكاشفية: فلا تكون الأمارات مجزية لا في الوقت ولا في خارجه لا في العبادات ولا في المعاملات، لما تقدم من أنها على القول بالطريقية تكون كاشفة وطريقاً إلى الواقع فحسب، ولا تحمل حكماً غير الحكم الواقعي. ومن هنا، لا تكون مجزية عن الواقع بحال انكشف عدم انطباق المأمور به على المأتي به.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1943
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 19-11-2019
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12