• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : اوقات الفرائض والنوافل / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس37 _اوقات الفرائض والنوافل 17 .

الدرس37 _اوقات الفرائض والنوافل 17

(1) نقل صاحب المدارك عن جمع من الأصحاب أنَّهم ذهبوا إلى استحباب تأخير العصر إلى أن يخرج وقت فضيلة الظُّهر، وهو المِثل، أو الأقدام، قال: «وممَّن صرَّح بذلك المفيد في المقنعة، فإنَّه قال ­ في باب عمل الجُمُعة ­: والتفريق بين الصلاتَيْن في سائر الأيام مع الاختيار وعدم العوارض أفضل، وقد ثبتت السنّة به، إلاّ في يوم الجُمُعة فإنَّ الجمع بينهما أفضل، وقريب من ذلك عبارة ابن الجنيد. إلى أن قال صاحب المدارك: إلاَّ أنّ أكثر الروايات يقتضي استحباب المبادرة بالعصر عقيب نافلتها من غير اعتبار للأقدام والأذرع».

أقول: الظاهر من عبارة الشيخ المفيد وابن الجنيد إنَّما هو استحباب التفريق بين الفرضين بالنافلة ­ كما هو المعروف بين الأعلام ­ لا التفريق بتأخير العصر إلى أوّل المثل الثاني.

قال المصنِّف في الذكرى: «نعم، الأقرب: استحباب تأخير العصر إلى أن يخرج وقت فضيلة الظهر إمَّا المقدّر بالنافلتَيْن والظهر، وإمَّا المقدَّر بما سلف من المثل والأقدام، وغيرهما، لأنَّه معلوم من حال النبي صلى الله عليه وآله، حتَّى أنَّ رواية الجمع بين الصَّلاتَيْن تشهد بذلك ­ إلى أن قال: ­ والأصحاب في المعنى قائلون باستحباب التأخير، وإنَّما لم يصرّح بعضهم به اعتماداً على صلاة النافلة بين الفريضتَيْن ­ إلى أن قال: ­ وبالجملة كما علم من مذهب الإمامية جواز الجمع بين الصلاتين مطلقاً، علم منه استحباب التفريق بينهما، بشهادة النصوص والمصنفات بذلك...».

وقال في الحدائق: «وبالجملة، فإنَّ المستفاد من الأخبار ­ التي عليها الاعتماد والمدار في الإيراد والإصدار ­ هو أنّ الأفضل المبادرة بالعصر بعد الظهر لِمَن لا يتنفل، أو كان في سفرٍ، أو يومِ جُمُعة، وبعد النافلة لِمَن يتنفَّل، أو بعد مضي الذِّراع، على الخلاف المتقدم، والتفريق الموجب للأذان للثانية: يحصل بالفصل بالنافلة، ولا يتوقف على بلوغ المثل الثاني».

وفي الجواهر: «فلا يبعد استحباب التفريق زماناً بينهما، وإنِ اختلف، فتارةً يكون إلى المِثل، وتارةً يكون إلى الذراعَيْن، وربما أزيد، أو أنقص، وأمَّا الفصل بالنافلة فقط فلا يحصل به ثواب التفريق المفهوم من النصوص، ونصوص الفصل بالنافلة لا دلالة فيها على الفضل والاستحباب، بل أقصاها الدَّلالة على الجواز، بل في بعضها ظهورٌ في أنَّ هذه الكيفيَّة من أداءِ الظهرَيْن لم تكن معروفة في الزمن السابق، لا من النبي صلى الله عليه وآله، ولا من الصحابة والتابعين ­ إلى أن قال: ­ ولقد أجاد الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك حيث قال: وإذا كانت المبادرة مستحبَّةً فلا وجه لاختيار النبي صلى الله عليه وآله في بعض الأوقات التفريق، مع أنَّه مشقّة ظاهرة منضمَّة إلى ترك فضيلةٍ، وجواز التفريق المرجوح حينئذٍ يتأتَّى بالقول، كيف وغالب الأوقات كان النبي صلى الله عليه وآله يفرّق؟!، وما كان يجمع إلاَّ نادراً، كما يظهر من الأخبار، ويعضدها الاعتبار الحاصل من الآثار».

ثمَّ استبعد صاحب الجواهر حصول التفريق بتعقيب الظهر وفعل نافلة العصر، قال: «إذ هو كما ترى بعيد عن النصوص والمصنَّفات، بل في بعضٍ منها لا يقبل ذلك...».

أقول: التفريق المستحبّ هل هو بمعنى تأخير صلاة العصر إلى أوّل وقت فضيلة العصر، وتأخير صلاة العشاء إلى ذهاب الشفق، كما عليه المشهور بين الأعلام، أم أنّ التفريق المستحب هو بمعنى عدم الوصل بين الفرضَيْن، ولو كان ذلك في وقت فضيلة الظهر، وقبل مجيء فضيلة العصر؟ فلو صلَّى العصر في وقت فضيلة الظهر بعد الفصل بينهما بزمان، أو بنافلةٍ، ونحو ذلك، فيتحقّق التفريق المطلوب، وكذا الحال بالنسبة لصلاة العشاء إذا أتى بها في وقت فضيلة المغرب.

ثمَّ إنَّه بناءً على أنَّ المراد منه المعنى الثاني؛ فهل يكفي في التفريق فعل النافلة أم لا؟.

ولكي يتضح الحال لا بدَّ من النظر في الأخبار الواردة في استحباب التفريق، وهي كثيرة:

منها: ما ذكره المصنِّف في الذكرى ­ نقلاً عن كتاب عبد الله بن سنان ­ عن أبي عبد الله عليه السلام: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كانَ في السفرِ يجمع بين المغربِ والعشاءِ، والظهرِ والعصرِ، إنَّما يفعل ذلك إذا كان مستعجِلاً، قال: وقال عليه السلام: وتفريقهما أفضل»[i]f212، وهي ظاهرة جدّاً في أفضليّة التفريق، ويظهر منها أنّ التفريق المستحبّ هو بالمعنى الأوَّل.

ولكنّ هذه الرواية ضعيفة السند، إذ لم يذكر الشهيد طريقه إلى كتاب عبد الله بن سنان.

إن قلت: إنَّ الكليني والصدوق والشيخ الطوسي (رحمهم الله جميعاً) لهم طرق صحيحة إلى كتاب عبد الله بن سنان.

قلت: إن الأمر، وإن كان كذلك، إلَّا أنَّه لا يفيد هنا، لأنَّه لو كانت هذه الرواية موجودة في كتابه الذي لهم طرق إليه لنقلوها كما نقلوا غيرها، وما خفيت عليهم، ولا على غيرهم ممَّن تقدَّمهم، وتأخَّر عنهم، ولمَا انفرد الشهيد بنقلها عن كتابه.

 

[i] الوسائل باب 31 من أبواب المواقيت ح7.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=38
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 24-03-2014
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19