• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مقدمات علم الأصول / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 32 _ مقدمات علم الاصول 32 .

الدرس 32 _ مقدمات علم الاصول 32

وبعد الفراغ من كلام الآخوند في تصوير الجامع لأفراد الصلاة الصحيحة، نشكل عليه بإشكالات سبعة:

أوّلاً: ذكرنا سابقاً أنَّ هذه القاعدة وإن كانت تامة في العلل الطبيعية باعتبار أنَّ الأثر الواحد الشخصي يكشف عن كون المؤثّر شخصياً بسيطاً، إلا أنَّه لا نسلِّم به صغروياً في المقام؛ لأنَّ أثر الصلاة ليس واحداً شخصياً؛ إذ النهي عن الفحشاء والمنكر عنوان منتزع من عدّة أمور خارجية متفاوتة في تأثيرها؛ فإنّا نجد أنَّ صلاة الليل مؤثّرة في النهي عن الفحشاء والمنكر أكثر من صلاة المحارب أو صلاة الغريق أو المهموم، وبالتالي فإنَّ أثر النهي عن الفحشاء والمنكر عنوان كلّي منتزع من تأثيرات الصلوات المتفاوتة، ممّا ينفي كون الأثر واحداً شخصياً، وينفي بالتالي كونه كاشفاً عن كون المؤثّر كذلك.

ثانياً: لو سلّمنا أنَّ الأثر كاشف عن كون المؤثر جامعاً ماهوياً بسيطاً، إلا أنَّنا بالوجدان لا نجد أنَّ هذا العنوان الجامع هو المؤثر، فليس عنوان الصلاة ما ينهى عن الفحشاء والمنكر، وإنَّما أفراد الصلاة الخارجية بكيفياتها الخاصة، ومن هنا كان تأثير بعض الأفراد أشدّ من بعض، وإلا لو كان مرجع التأثير إلى العنوان، والفرض أنَّه واحد، لتواطأت تأثيراتها.

ثالثاً: انتهى صاحب الكفاية إلى أنَّ الجامع لأفراد الصلاة بسيط غير مركّب؛ لأنَّ المركّب تتداخل فيه الصحة والفساد، وهذا صحيح، إلا أنَّه كيف يُنتهى إلى جامع بسيط لأفراد الصلاة والحال أنَّها مركّبة من مقولات متعدّدة لا جامع بينها؛ لأنَّها أجناس عالية؟ بل كيف يُنتهى إلى جامع لمرتبة واحدة من مراتب الصلاة والحال أنَّ الصلاة الواحدة مركبة من مقولات مختلفة في حقيقتها؟ فالنيّة من مقولة الكيف النفساني، والركوع من مقولة الوضع، والذكر من مقولة الكيف المسموع... ولا يمكن الجمع بين مقولتين فضلاً عن أكثر، ولا يمكن بالتالي تصوير جامع حقيقي ذاتي لأمور متباينة في حقيقتها.

رابعاً: ذهب صاحب الكفاية إلى أنَّ الأثر، وهو النهي عن الفحشاء والمنكر أو المعراجية أو القربان إلى الله، يكشف عن المسمّى، وهو الجامع.

ويرد عليه: أنّ الأثر إنّما يكون مترتباً على الصلاة بعد الإتيان بها، وهذا إنَّما يكون بعد التسمية، فلا يمكن أن يكون الأثر الفعلي المتأخر في الوجود عن المسمّى كاشفاً عنه. وبالجملة، فإنَّه عند تعيين المسمى، لم يكن هناك أثر حتى يكون ذلك الأثر وجها للمسمى.

خامساً: إن كان الأثر هو ما يكشف عن المسمّى؛ أي الجامع لأفراد الصلاة الصحيحة، للزم أن يكون أكثر الناس خلال صلاتهم غافلين عن معنى الصلاة؛ لأنَّهم يكونون حينها غافلين عن آثارها، ومع الغفلة عن الكاشف، كيف يُتصوَّر المنكشَف الذي هو المعنى؟!

سادساً: إنَّ دعوى كون النهي عن الفحشاء والمنكر، أو المعراجية، أو القربان إلى الله، أثراً لخصوص الصلاة غير معلوم؛ إذ من المحتمل جداً أن يكون ذلك أثراً للصوم والحج والكثير من العبادات. وبالتالي لا تصلح هذه الآثار أن تكون كاشفة عن مسمّى واحد، وهو الصلاة.

سابعاً: مع قطع النظر عن كلّ ما ذكرناه، فإنَّ الجامع المفروض لا بد أن يكون واضحاً عند الناس؛ بحيث يعرفون أنَّ متعلق التكليف الشرعي هو هذا المسمّى بالصلاة مثلاً، وأمّا ما يكون غامضاً لا يلتفت إليه إلا الأوحدي من الناس، فكيف يمكن أن يتعلّق به التكليف، والفرض أنَّ متعلّق التكليف يكون معنى يدركه عامّة الناس حتى يمكن امتثاله بسهولة؟!

والخلاصة: إنَّ هذا المعنى الغامض لا يصلح أن يكون متعلقاً للتكليف الشرعي.

إن قيل: صحيح أنَّه لا يوجد جامع ماهوي ذاتي للأفراد الصحيحة، ولكن لمَ لا نقول بأنَّ الصلاة موضوعة للآثار، بأن يكون معناها هو النهي عن الفحشاء والمنكر أو نفس المعراجية ونحو ذلك؟

قلنا: يلزم من هذا القول الترادف، وهو واضح البطلان؛ إذ لا يصحّ استعمال ألفاظ هذه الآثار بدل الصلاة الصحيحة، فتأمل.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2417
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 20-12-2012
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28