الدرس 169 / الأربعاء: 21-نيسان-2021
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: في المناهي، وهي أقسام ثلاثة: أحدها: ما نُهِي عنه لعَيْنه، فيفسُد بَيْعُه، كبيع حَبَل الحَبْلة، أي نتاج النِّتاج، أو البيع بأجل إلى نتاج النِّتاج. (انتهى كلامه)
(1) ذكر المصنِّف (رحمه الله) جملةً مِنَ الأمور منهيٍّ عنها لعَيْنها، في مقابل ما نُهِيَ عنه لعارض، كما سيأتي إن شاء الله تعالى :
منها: بَيْع حَبَل الحُبْلة، وقد فُسِّر بأمرَيْن:
الأوَّل: أنْ يُبَاع نتاج النِّتاج، أي ولد الجنين الذي في بطن النَّاقة.
ومِنَ المعلوم أنَّه معدوم؛ إذ لا ولد للجنين، ولا نتاج بعد لهذا النِّتاج الموجود.
الثَّاني: أن يبيع الرَّجل الجزور بثمن مؤخَّر، ويكون الأجل بين المتبايعَيْن إلى أن تنتج النَّاقة، ثمَّ ينتج نتاجها.
وبهذا المعنى الثَّاني فسَّرها الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، حيث قال: «ولا يجوز بيع حَبَل الحُبْلة، وهو أن يبيع شيئاً بثمن مؤجَّل إلى نتاج النَّاقة، وهو أن ينتج النَّاقة التي لفلان بن فلان، ثمَّ ينتج نتاجها؛ لأنَّ الأجل مجهول».
وكذا ابن إدريس (رحمه الله)، حيث فسَّرها بهذا المعنى الثَّاني، قال في السَّرائر: «ولا يجوز بيع حَبَل الحبلة، بالحاء غير المعجمة، والباء المنقَّطة بنقطة واحدة من تحتها، بفتحهما معاً، وكذلك الحَبلة بفتح الحاء، غير المعجمة، والباء أيضاً، وهو أن يبيع شيئًا بثمن مؤجَّل إلى نتاج النَّاقة؛ لأنَّ ذلك أجل مجهول».
أقول: قد ذكر جماعة من الأعلام أنَّ البيع فاسد؛ للنَّهي عنه في جملة مِنَ الرِّوايات:
منها: ما رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في (معاني الأخبار) عن محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبد العزيز عن القاسم بن سلام، بإسناد متَّصل إلى النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) إلى أن قال: «ونهي النَّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) عن بيع حَبَل الحَبْلة...»[1]f205.
قال الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله): «ومعناه ولد ذلك الجنين الذي في بطن النَّاقة، أو هو نتاج النِّتاج، وذلك غَرَر».
أقول: إنَّ هذه الرِّواية ضعيفة بعدَّة أشخاص.
ومنها: ما في دعائم الإسلام عَنِ النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله): «أنَّه نهى عَنْ بَيْعِ حَبَل الحَبْلة»[2]f206.
قال صاحب كتاب دعائم الإسلام: «وقدِ اختُلف في معنى ذلك، فقال قوم: هو بَيْع كانت الجاهليَّة يتبايعونه، يبيع الرَّجل منهم الجزور بثمن مؤخَّر، ويكون الأجل بين المتبايعَيْن إلى أن تنتج النَّاقة، ثمَّ ينتج نتاجها، وقال آخرون: هو أنْ يباع النِّتاج قبل أن ينتج، وكلا البيعَيْن فاسد لا يجوز».
أقول: هذه الرِّواية ضعيفة بالإرسال، مَعَ قطع النَّظر عن وثاقة صاحب الكتاب.
وقريب منها روايةf207 عوالي اللَّآلي، وهي ضعيفة أيضاً بالإرسال.
والإنصاف: أنَّ البَيْع باطل، لا للنَّهي، بل لأجل الغَرَر، وقد تسالم الأعلام على بطلان البيع الغَرَري.
أمَّا الغَرَر في التَّفسير الأوَّل لحَبَل الحَبْلة فواضح؛ مضافاً إلى كون المبيع معدوماً.
وأمَّا الغرر في التَّفسير الثَّاني، فلأنَّ الأجل مجهول، ويختلف الثَّمن باختلاف الأجل كثيراً، فيكون الثَّمن في الواقع غير معلوم.
ومن هنا يحصل الغرر، أي الخَطَر، والله العالم.
الوسائل باب 10 من أبواب عقد البيع وشروطه ح2.
المستدرك باب 8 من أبواب عقد البيع وشروطه ح2.
المستدرك باب 8 من أبواب عقد البيع وشروطه ح3.
|