• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة الأنعام / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 31 _زكاة الأنعام 3 .

الدرس 31 _زكاة الأنعام 3

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويسقط باختلال بعض الشُّروط فيه، كالمعاوضة، ولو كان بالجنس(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنه لوِ اختلَّت بعض الشُّروط في أثناء الحَوْل قبل أن يهلَّ الشَّهر الثَّاني عشر بطل الحَوْل، كما لو نقصت عَنِ النِّصاب فأتمَّها، أو عاوضها ولو بجنسها ­ أي نوعها ­، كالغنم بالغنم الشَّامل للمعز والضَّأن، أو مثلها ممَّا هو مساويها في الحقيقة، كالضَّأن بالضَّأن، أو أخصّ من ذلك، كالأنوثة والذُّكورة.

وبالجملة، فما ذكرناه هو المشهور بين الأعلام.

ويدلُّ عليه: قول المعصوم (عليه السلام) في جملة من الرِّوايات: «كلُّ مَاْ لَاْ يَحُوْلُ عَلَيْه الحَوْل عِنْدَ ربِّه فَلَاْ شَيْء عَلَيْهِ».

ومِنَ المعلوم أنَّه مَعَ المعاوضة بالنِّصاب في أثناء الحَوْل لا يتحقَّق حُؤُول الحَوْل على كلٍّ مِنَ النِّصابَيْن.

ولم يخالف في المسألة إلاَّ ما حُكِي عَنِ الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، حيث قال: «إنَّ بادلَ بجنسِه بُنيَ على حَوْله، وإنْ كان بغيرِ جنسِه استأنفَ».

ومثاله فيما لو كان بغير جنسه: كما لو عاوض أربعين شاةً بثلاثين بقرة، مع وجود الشَّرائط في الإثنين.

ثمَّ إنَّه ربَّما يظهر من فخر المحقِّقين (رحمه الله) موافقة الشَّيخ (رحمه الله) على ذلك.

وقدِ استدلَّ الشَّيخ على ما ذهب إليه: بأنَّ مَنْ عاوض أربعين سائمةً بأربعين سائمة، يصدق عليه أنَّه ملك أربعين سائمةً طول الحَوْل، فتجب عليه فيها الزَّكاة.

وفيه: ما لا يخفى، فإنَّ كلاًّ منهما لم يحل عليه الحَوْل قطعاً.

وقد يستدل له أيضاً: بما ذَكَره فخر المحقِّقين (رحمه الله) في شرح الإرشاد، حيث ذكر: «وإن عاوضه بجنسه، وقد انعقد عليه الحَوْل أيضاً مستجمعاً للشَّرائط، لم ينقطع الحَوْل، بل بنى على الحَوْل الأوَّل، وهو قول الشَّيخ أبي جعفر الطُّوسي (قد)؛ للرِّواية...».

وفيه: أنَّ هذه الرِّواية لم يستدلَّ بها الشَّيخ (رحمه الله)، ولم يذكرها، لا في كتب الحديث، ولا في كتب الاستدلال، ولم يذكرها أحد، وعلى تقدير وجودها فهي ضعيفة بالإرسال.

والخلاصة: أنَّ ما ذهب إليه المشهور هو الصَّحيح.

ثمَّ إنَّه لا فرق في عدم وجوب الزَّكاة فيما لو عاوض أثناء الحَوْل، بين كونه بقصد الفرار مِنَ الزكاة أم لا.

وقد ذكرنا ذلك بالتَّفصيل عند قول المصنِّف (رحمه الله) سابقاً: «وفي سقوطها بأسباب الفرار، قولان، أشبههما السُّقوط»، فراجع.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويصدَّقُ المالك بغير يمين في عدم الحَوْل(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّ صاحب المال إذا قال: لم يحل على مالي الحَوْل، أو قال: أخرجتُ ما وجبَ عليَّ، أو قال: تلف ما ينقص بتلفه النِّصاب، أو اختلَّت بعض الشَّرائط في أثناء الحَوْل، يصدَّق ويُقبَل قوله، بلا بينة ولا يمين، ما لم يعلم كذبه.

وقد يستدلُّ لذلك: بحسنة بريد بن معاوية «قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: بَعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) مُصَدِّقاً مِنَ الْكُوفَةِ إِلى بَادِيَتِهَا، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الله، انْطَلِقْ، وَعَلَيْكَ بِتَقْوَى الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا تُؤْثِرَنَّ (تؤثر) دُنْيَاكَ عَلى آخِرَتِكَ، وَكُنْ حَافِظاً لِمَا ائْتَمَنْتُكَ عَلَيْهِ، رَاعِياً لِحَقِّ الله فِيهِ حَتّى تَأْتِيَ نَادِيَ بَنِي فُلَانٍ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ (بفنائهم) مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ، ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ حَتّى تَقُومَ بَيْنَهُمْ، فَتسَلَّم عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قُلْ لَهُمْ: يَا عِبَادَ الله، أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ الله لِآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ الله فِي أَمْوَالِكُمْ، فَهَلْ ﷲ فِي أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤَدُّونَ (فتؤدّوه) إِلى وَلِيِّهِ؟ فَإِنْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ : لَا، فَلَا تُرَاجِعْهُ، وَإِنْ أَنْعَمَ لَكَ مِنْهُمْ مُنْعِمٌ، فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تَعِدَهُ إِلاَّ خَيْراً، فَإِذَا أَتَيْتَ مَالَهُ فَلَا تَدْخُلْهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُ لَهُ...»([1]).

وقد يستدلُّ أيضاً بموثَّقة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) «قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْه) إِذَا بَعَثَ مُصَدِّقَهُ، قَالَ لَهُ: إِذَا أَتَيْتَ عَلى رَبِّ الْمَالِ، فَقُلْ لَهُ: تَصَدَّقْ رَحِمَكَ اللهُ مِمَّا أَعْطَاكَ اللهُ، فَإِنْ وَلّى عَنْكَ فَلَا تُرَاجِعْهُ»([2]).

ويظهر من هذه الرِّوايات أنَّه لا يحتاج إلى بيِّنة ولا يمين، كما ذهب إلى ذلك أكثر الأعلام ­ إن لم يكن كلُّهم ­.

ويؤيِّد ذلك: أنَّ الزَّكاة حقٌّ متعلِّق بما في يده، وتحت سلطنته، وله الولاية على إخراجه وتبديله بالقيمة، وصرفه إلى مستحقِّه وتخصيصه ببعض دون بعض، وليس لهذا الحقِّ مستحقٌّ خاصٌّ كي يسوغ له معارضته في شيءٍ من ذلك، ويرفع أمره إلى الحاكم كي يطالبه بالبيِّنة أو اليمين.

ولكنَّ المصنِّف (رحمه الله) بعد أن حكم بتصديقه في عدم الحَوْل بغير اليمين، قال ­ فيما سيأتي قريباً ­: «ويصدَّق المالكُ في تَلفِها بظالمٍ أو غيرِه بيمينِه»، ولعلَّ هذه التَّفرقة لأنَّ دعوى عدم الحَوْل هي على مقتضى الأصل بخلاف دعوى التلف.

ولكن مقتضى هذا الكلام ثبوت اليمين في كلِّ ما كان من هذا القبيل حتَّى الإخراج.

ومهما يكن، فإنَّ ما ذَكَره المصنِّف (رحمه الله) مِنَ التَّفرقة بينهما ليس تامّاً؛ لعدم الدَّليل عليه، مع ما عرفت من إطلاق الرِّوايات المتقدِّمة.

وعليه، فلوِ امتنع عَنِ اليمين، فليس لأحد أن يُخرِج الزَّكاة من ماله بعد كون المال في يده، وتحت تصرُّفه، وهو يدَّعي ملكيَّته، وخلوصه عن حقِّ الغير، من غير أن يكون في مقابله خصم يدَّعي كون يده عادِيَة.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: إلاَّ مع قيام البيِّنة(1)

(1) إذا قامت البيِّنة على أنَّه قد حال عليه الحَوْل، أو أنَّ المال موجود غير تالف، أو أنَّه لم يخرجها في الوقت الذي يدَّعيه ­ كأنِ ادَّعى أنَّه أخرجها في اليوم الفلاني، وشهدتِ البيِّنة بأنَّه لم يكن في ذلك اليوم في البلد ­ فإنَّ البيِّنة حينئذٍ تُقبَل؛ لعموم حُجِّيتها، فهي بمنزلة العلم، والرِّوايات المتقدِّمة منصرفة عن مثل هذا الفرض، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو تعدَّد ولا إخراج سقط مِنَ المال في كلّ حول قدر المستحقِّ، وزكّي الباقي حتَّى ينقص النِّصاب(2)

(2) المعروف بين الأعلام أنَّه لو كان مالكاً للنِّصاب لا أزيد، كأربعين شاةً مثلاً، فحال عليه أحوال، فإن أخرج زكاته كلَّ سنة من غيره تكرَّرت؛ لعدم نقصانه حينئذٍ عَنِ النِّصاب.

ولو أخرجها منه، أو لم يخرج أصلاً، لم يجب إلاَّ زكاة سنة واحدة؛ لنقصانه حينئذٍ عَنِ النِّصاب؛ هذا كلُّه بناءً على ما هو الصَّحيح من أنَّ الزَّكاة متعلِّقة بالعين.

وأمَّا لو قيل: بتعلُّقها بالذِّمَّة المحضة ­ كالدَّيْن ­ من غير أن يكون لها تعلُّق بالعين، فيمكن القول: بتكرُّرها بتكرُّر السِّنين، ولكن لم يتحقَّق وجود القول بذلك بين الأعلام، وعلى تقدير وجوده فهو فاسد، كما سيتَّضح لك.

نعم، القول: بذلك، معروف عند جماعة مِنَ العامَّة.

ثمَّ إنَّ هذا كلُّه لو كان واجداً للنِّصاب لا أزيد، وأمَّا لو كان عنده أزيد مِنَ النِّصاب، كأن كان عنده خمسون شاةً، وحال عليه أحوال، ولم يؤدِّ زكاتها، وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى مِنَ السِّنين إلى أن ينقص عَنِ النِّصاب، فلو مضى عشر سنين في المثال المفروض وجب عشرة، ولو مضى أحد عشر سنة وجب أحد عشر شاةً، وبعده لا يجب عليه شيء لنقصانه عَنِ الأربعين.

ولو كان عنده ستٌّ وعشرون مِنَ الإبل، ومضى عليه سنتان، وجب عليه بنت مخاض للسَّنة الأولى، وخمس شياه للسَّنة الثَّانية.

وإن مضى ثلاث سنوات وجب للثَّالثة أيضاً أربع شياه، وهكذا إلى أن ينقص من خمسة، فلا تجب، والله العالم.

 

([1]) الوسائل باب 14 من أبواب زكاة الأنعام ح1.

([2]) الوسائل باب 14 من أبواب زكاة الأنعام ح5.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3510
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 31-05-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12