قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: والدَّين المقدَّم أو المقارن للحول مع الحاجة إليه من المؤونة.
يقع الكلام في ستة أمور:
الأوَّل: فيما إذا كان الدَّين بعد ظهور الرِّبح في عامه، وكان الدَّين لمؤونته في ذلك العام.
الثَّاني: نفس الأمر الأوَّل، ولكن كان الدَّين لغير مؤونته.
الثالث: إذا كان الدَّين قبل ظهور الرِّبح، سواء أكان بعد الشُّروع في التّكسُّب، وقبل ظهور الرِّبح، أم قبل الشُّروع في التّكسُّب، كما لو كان في العام السَّابق، أو الأعوام السَّابقة، وكان الدَّين لمؤونة عامِ الرِّبح.
الرَّابع: نفس الأمر الثَّالث، ولكن كان الدَّين لغير مؤونة عامِ الرِّبح.
الخامس: إذا لم يؤدِّ الدَّين حتَّى انقضى العام، سواء أكان الدَّين بعد ظهور الرِّبح أم قبله، وسواء أكان لمؤونة عامِ الرِّبح أم لا.
السَّادس: فيما لو كان عليه نذور وكفّارات وأروش جنايات، وقِيم متلفات، فهل وفاء هذه الأمور من المؤونة، أم ليست منها، سواء أكانت حاصلة بعد ظهور الرِّبح في عامه، أم قبله بعام أو أعوام؟
أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام أنَّه يجوز أداء الدَّين من الرِّبح قبل التَّخميس، بل لا خلاف فيه بينهم.
وقد تسالم الأعلام قديماً وحديثاً، وفي جميع الأعصار والأمصار، على أنَّ أداء الدَّين هنا من المؤونة، فيجوز أداؤه من الرِّبح قبل التَّخميس، من غير فرق بين بقاء عين المؤونة المشتراة بالدَّين، كما لو كانت داراً أو دابةً أو فراشاً، ونحو ذلك، وبين كونها تالفةً ليس لها بقاء.
وأمَّا الأمر الثَّاني وهو فيما لو كان الدَّين بعد ظهور الرِّبح، ولكن كان لغير المؤونة : فقد ذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّه لابدّ من تخميسه قبل أداء الدَّين؛ لعدم كون الأداء من المؤونة.
ولكنَّ الإنصاف وفاقاً لكثير من الأعلام: أنَّه يجوز أداؤه من الرِّبح قبل تخميسه؛ وذلك لأنَّ إفراغ ذمَّته ممَّا عليه من الدَّين من أهمّ المؤن؛ وذلك لأنَّ صرف المال في أداء الدَّين ليس تضييعاً للمال، ولا صرفاً له في ما لا ينبغي حتَّى يُستشكل في ذلك.
نعم، إذا أدَّى الدَّين، وكان لهذا الدَّين مقابل في الخارج، كما لو كان اشترى داراً ليست للمؤونة بثمن في الذِّمّة، فأدَّى الدَّين من ربح السَّنة، وجب إخراج خُمُس الدَّار الَّتي هي مقابل الدَّين؛ لأنَّه بعد أداء الدَّين تكون الدَّار رِبحاً، فيجب تخميسها، وقد يكون خُمُسها أكثر من خُمُس ثمنها أو أقلّ حسب ارتفاع قيمتها أو نقصها. وأمَّا قبل أداء الدَّين، فلا تكون الدَّار ربحاً عند العرف.
|