الدرس 211 / الاربعاء: 16 تشرين2 2022
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا يصحُّ الرُّجوع فيها بعد القبض لرحم كانت أو لأجنبيّ. وجوَّز الشَّيخ الرُّجوع فيها، وهو بعيد(1)
(1) الأمر التَّاسع: المعروف بين الأعلام أنَّه لا يصحُّ الرُّجوع فيها بعد القبض، لرحم كانت أم لأجنبيّ.
وعن السَّرائر والتَّذكرة، وظاهر المفاتيح والغنية: الإجماع عليه.
وقدِ استدلّ أيضاً لعدم الرُّجوع فيها: بأنَّ المقصود بها الأجر، وقد حصل، كالهبة المعوَّض عنها.
ولا يخفى ما في هذا الدَّليل، ودليل الإجماع المنقول بخبر الواحد.
والإنصاف: أنَّ الدَّليل على ذلك هو الرِّوايات الورادة عن أهل البيت (عليهم السلام):
والتي منها: صحيحة محمَّد بن مسلم المتقدِّمة: «لا يرجع في الصَّدقة إذا ابتغى بها وجه الله (عز وجل)»([1]).
ومنها: رواية الحكم المتقدِّمة، ولكنَّها ضعيفة كما عرفت.
ومنها: صحيحة الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: قال رسول الله (ص): إنَّما مثل الَّذي يرجع في صدقتِه كالَّذي يرجع في قيئِه»([2]).
ونحوها صحيحة عبد الله بن سنان([3])، وكذا غيرها.
وممَّا ذكرنا يتَّضح لك عدم صحَّة ما ذكر في المبسوط والمهذب وفقه الرَّاونديّ: «من أنَّ صدقة التّطوُّع بمنزلة الهبة في جميع الأحكام، ومن شرطها الإيجاب والقبول، ولا تلزم إلاَّ بالقبض، أو ما يجري مجراه، وكلُّ مَنْ له الرُّجوع في الهِبة له الرُّجوع في الصَّدقة»، والله العالم.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والصَّدقة سرّاً أفضل(1)
(1) الأمر العاشر: المعروف بين الأعلام أنَّ صدقة السِّرّ أفضل من الجهر بها، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه، بل في المسالك هو موضع وفاق...».
أقول: قدِ استُدلّ لأفضليّة صدقة السِّرّ في الجملة: بعد التَّسالم بينهم، بالكتاب المجيد، والسُّنة النَّبويّة الشَّريفة:
أمَّا الكتاب المجيد، فقوله تعالى: « وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ ﴾ ]البقرة: 271[.
وأمَّا السُّنة النَّبويّة الشَريفة، فهي مستفيضة:
منها: رواية عبد الله بن الوليد الوصَّافي عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رسول الله (ص): صدقةُ السِّرّ تُطفِئ غضبَ الرَّبّ تبارك وتعالى»([4])، وهي ضعيفة بعدم وثاقة عبد الله بن الوليد الوصَّافي.
ومنها: رواية ابن القدَّاح عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رسول الله (ص): صدقةُ السِّرّ تُطفِئ غضبَ الرَّبّ»([5])، وهي ضعيفة أيضاً بسهل بن زياد، وبعدم وثاقة جعفر بن محمَّد الأشعريّ.
ومنها: موثقة عمَّار السَّاباطيّ «قَاْل: قَاْل لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا عمّار! الصَّدقة والله! في السِّرّ أفضل من الصَّدقة في العلانيّة، وكذلك والله العبادة في السِّرّ أفضل منها في العلانيّة»([6])، وهي وإن كانت ضعيفة بطريق الكليني (رحمه الله) بعدم وثاقة معلَّى بن محمَّد، وعليّ بن مرداس، ولكنَّها موثقة بطريق الشيخ الصدوق (رحمه الله).
ومنها: صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: صدقةُ العلانيَّة تدفع سبعين نوعاً من البلاء، وصدقة السِّرّ تُطفِئ غضبَ الرَّبّ»([7]).
ومنها: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رسول الله (ص): صلةُ الرَّحم تزيد في العُمر، وصدقة السِّرّ تُطفِئ غضب الرَّبّ...»([8])، وهي ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ.
ومنها: حسنة أبي بصير الآتية([9]).
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: إلاَّ أن يُتَّهم بترك المواساة، أو يقصد اقتداء غيره به(1)
(1) المعروف بين الأعلام أنَّه إذا اتَّهم بترك المواساة، فالأفضل إظهارها دفعاً للتُّهمة، وكذا الأفضل إظهارها لأجل متابعة النَّاس له في ذلك واقتدائهم به؛ لما فيه من النَّفع للفقراء.
وبالجملة، فكلُّ عنوانٍ طارئ مُوجب لأفضليّة الجهر يكون مرجِّحاً له شرعاً على مراعاة السِّريّة، والله العالم.
([1]) الوسائل باب 11 من أبواب الوقوف والصدقات ح7.
([2]) الوسائل باب 11 من أبواب الوقوف والصدقات ح4.
([3]) الوسائل باب 11 من أبواب الوقوف والصدقات ح2.
([4]) الوسائل باب 13 من أبواب الصدقة ح1.
([5]) الوسائل باب 13 من أبواب الصدقة ح2.
([6]) الوسائل باب 13 من أبواب الصدقة ح3.
([7]) الوسائل باب 13 من أبواب الصدقة ح6.
([8]) الوسائل باب 13 من أبواب الصدقة ح7.
([9]) الوسائل باب 54 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.
|