• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 165 _ المقصد الأول في الاوامر 97 .

الدرس 165 _ المقصد الأول في الاوامر 97

أدلة وجوب المقدمة:

قال صاحب الكفاية R: «إذا عرفت ما ذكرنا، فقد تصدى غير واحد من الأفاضل لإقامة البرهان على الملازمة، وما أتى منهم بواحد خال عن الخلل، والأولى إحالة ذلك إلى الوجدان، حيث إنّه أقوى شاهد على أن الإنسان إذا أراد شيئاً له مقدمات، أراد تلك المقدمات، لو التفت إليها».

ذكرنا في بداية هذا المبحث أنّ مشهور العلماء قد ذهبوا إلى وجوب مقدمة الواجب وجوباً شرعياً غيرياً تبعياً ترشّحياً، والآن نذكر عمدة الأدلّة على ذلك:

الدليل الأوّل: (الوجدان)

ويشكِّل هذا الدليل عمدة الأدلة على الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته، وهو الوجدان القاضي بأنّ من أراد شيئاً وهو يعلم أنّه يتوقف على مقدمة ميسورة له، فلا بدّ أن يريدها أيضاً. ومثاله في الأمور التكوينية ما لو أراد زيد الزواج وهو يعلم أنّه يتوقف على مقدمات معيّنة؛ كاختيار الزوجة وتهيئة حاجيات الزواج؛ بحيث لا يمكن حصول الزواج بدون هذه المقدمات، فلا بدّ أن يريدها أيضاً كما يريد ذاها.

هذا في الإرادة التكوينية، أمّا بالنسبة إلى الإرادة التشريعية، فالأمر سيان؛ إذ المولى إذا أراد شيئاً إرادة شديدة كإرادته للحج، وهو يعلم أنّه يتوقف على مقدمة لا يتحقق بدونها، وهي قطع المسافة، فلا بدّ أن يريدها أيضاً بإرادة مترشّحة من إرادته للحج نفسه. ومن هنا قلنا بوجود ملازمة واقعية أزلية بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته، فالملازمة موجودة منذ الأزل؛ بمعنى أنّها لم تسبق بالعدم.

والإنصاف: أنّ هذا الدليل متين، ولا يمكن الفرار منه.

إلا أن جماعة من الأعلام منهم السيد الخوئي R وجماعة من طلابه قد أشكلوا عليه بإشكالين:

الأوّل: صحيح أنّ الوجدان قاضٍ بأنّ المولى إذا أراد شيئاً وهو يعلم بتوقفه على مقدمة أرادها أيضاً، إلا أنّ الإرادة ليست هي الحكم. وعليه، فليس الكلام في الملازمة بين إرادة الشيء وإرادة مقدمته، بل في الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته؛ أي الكلام في الملازمة من حيث الحكم لا من حيث الإرادة. والإرادة بما هي وبمقدماتها غير الاختيارية قهرية، ليست من سنخ الحكم في شيء.

وبالجملة، فإنّ هذا الدليل الأوّل غير دال على المراد.

وفيه: كما أنّ المولى إذا أراد شيئاً، استتبع هذه الإرادة حكم على المكلّف واعتبار الفعل في ذمته، وإلا فوّت عليه مصلحة تامة، فكذلك إرادته لمقدمته، فإنّه يستتبعها حكم على المكلف واعتبارها في ذمته.

وبعبارة أخرى: كما أنّ هناك ملازمة بين إرادة الشيء وإرادة مقدمته، فكذلك هناك ملازمة بين اعتبارهما.

وأمّا الإشكال بأنّ المولى قد لا يكون ملتفتاً إلى توقفه على مقدماته كي يعتبرها في ذمته.

ففيه: أنّ الكلام بعد فرض التفات المولى إلى توقف الواجب على المقدمة كما لا يخفى، فراجع استدلالهم على المسألة.

الثاني: إنّه لمّا كان العقل مدركاً للابدّية المقدمة، فلا حاجة إلى الوجوب الشرعي للزومه اللغوية.

وفيه: أنّ هذا الكلام إنّما يتم لو كان المبحوث عنه هنا هو الوجوب الأصلي الناشئ عن مبادئ مستقلة، فإنّ الأقوى حينئذٍ عدم الوجوب لعدم الحاجة إليه، ولكن الكلام في الوجوب الغيري التبعي الترشّحي؛ حيث تكون إرادة المقدمة منقدحة قهراً في نفس الآمر؛ بحيث لا يمكن أن لا يريدها. وبالجملة، فلا تصل النوبة إلى الحاجة وعدمها حتى يقال إنّه لا حاجة إلى إرادتها بعد حكم العقل.

والخلاصة: إنّه ليس الكلام في الحاجة إلى الوجوب الشرعي وعدم الحاجة إليه، وإنّما الكلام في إمكان أن يريد المولى ذا المقدمة دونها.

ثمّ إنّ اللغوية منتفية؛ فإنّه رغم اللاّبدية العقلية يبقى للوجوب الشرعي فوائد: منها التوسعة في التقرّب بإتيان المقدمة بقصد امتثالها أمرها، ومنها ترتّب الثواب على فعلها بقصد امتثال أمرها، والعقاب على تركها؛ لمخالفته أمرها، وقد تقدمت كيفية ترتب الثواب والعقاب على فعل المقدمة وتركها، فراجع.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2551
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 04-12-2013
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19