• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 139 _ المقصد الأول في الاوامر 71 .

الدرس 139 _ المقصد الأول في الاوامر 71

النحو الثالث:

أن يعتبر الشارع القدرة الشرعية مقيّدة بزمن خاص؛ مثل وجوب الوضوء للصلاة بعد دخول وقتها؛ حيث لم يأخذه الشارع في لسان الدليل مطلقاً بل أخذه مقيّداً بوقت خاص، وهو دخول وقت الصلاة. وعليه، لا يجب الوضوء قبل الوقت ولا المحافظة عليه إن كان حاصلاً، وإن كان المكلّف متيقناً بأنّه حين الوقت لن يكون متمكناً منه؛ لعدم وجود تكليف فعلي، ولا ملاك تام، وقد تقدم أنّ القبيح عقلاً أمران: مخالفة التكليف الفعلي، وتفويت الملاك التامّ، وكلاهما منتفيان في المقام.

نعم، إن دخل الوقت وبالتالي صار الملاك تامّاً والتكليف فعلياً، وجب الوضوء، بل وجب الحفاظ عليه، ولم يجز إبطاله إن علم أنّه لن يجد الماء، باستثناء ما لو أراد مقاربة أهله؛ لموثّقة إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا عبد الله N عن الرجل يكون مع أهله في سفر لا يجد الماء، يأتي أهله؟ فقال: ما أحبّ أن يفعل ذلك إلا أن يكون شبقاً، أو يخاف على نفسه، قلت: فيطلب بذلك اللذة أو يكون شبقاً إلى النساء، فقال: إنّ الشبق يخاف على نفسه، قال: قلت: طلب بذلك اللذة، قال: هو حلال»( )؛ حيث يستفاد من إطلاقها جواز ذلك بعد الوقت، وفي حال الاختيار. ولا بدّ من الاقتصار على مورد الرواية لأنّه خلاف الأصل، وكل ما ورد على خلاف الأصل يقتصر فيه على مورده.

والخلاصة: لا بدّ من معرفة كيفية اعتبار الشارع للقدرة الشرعية لنعرف إنّ كان يجب تحصيلها أم لا.

أمّا ما ذكره الشيخ النائيني R من أنّه يجوز أن يُحْدِث المكلف قبل الوقت باختياره بجماع أو نحوه مع علمه بعدم تمكّنه من الماء بعد الوقت، لكن لا يجوز إراقة الماء إذا كان المكلّف عالماً بأنّه لن يتمكن منه حين دخول الوقت، فهو تفريق بلا دليل. والرواية الصحيحة التي ادعى أنّها دالة على ذلك لم نجد لها أثراً.

الشك في نحو اعتبار القدرة:

بعد أن ذكرنا الأنحاء الثلاثة لاعتبار القدرة الشرعية، نسأل: لو شككنا بأنّ القدرة معتبرة في التكليف مطلقة أم مقيّدة بنحو خاص أو زمن خاص، فهل يجب تحصيل القدرة أو الحفاظ عليها قبل الوقت؟

الجواب: لا يجب ذلك؛ لأنّه قبل الوقت لا يوجد تكليف فعلي من جهة، ومن جهة أخرى لم نحرز تمامية الملاك؛ لاحتمال أن يكون الشارع قد اعتبر القدرة مقيّدة بدخول الوقت، ولمّا يدخل بعد. ولا يمكن إحراز تماميته إلا من خلال أمر، والفرض أنّه غير موجود، وقد أشرنا سابقاً أنّ معرفة الملاكات الشرعية في المتعلقات إنّما تكون من خلال الأوامر والنواهي غالباً أو من خلال قرينة خارجية، والفرض أنّه لا يوجد كل منهما.

وبالجملة، فإذا لم نحرز أنّ ترك المقدمة قبل الوقت مستلزم لتفويت ملاك الواجب في وقته لاحتمال أنّ القدرة من قِبَلها دخيلة في ملاكه في وقته، فيجوز حينئذٍ عدم الإتيان بالمقدمة قبل الوقت أو تفويتها إذا كانت حاصلة.

ومن هذا القبيل ما إذا علم شخص أنّه إذا نام في ساعة متأخّرة من الليل لفاتته صلاة الصبح، فإنّه يجوز له ذلك؛ لفرض أنّ الأمر غير موجود قبل الوقت، وأنّ الملاك غير محرز لاحتمال دخل القدرة الخاصة فيه. نعم، إذا اعتاد على النوم في ساعة متأخرة من الليل؛ بحيث يعلم أنّه لا يستطيع الاستيقاظ لصلاة الصبح، فلا يجوز له ذلك حينئذٍ؛ لأنّه يكون مستخفّاً ومتهاوناً بالصلاة التي هي عماد الدين؛ فإنّه يحرم كل ما يؤدّي إلى الاستخفاف بالدين؛ فمن يداوم مثلاً على ترك مستحب بلا عذر، يكون مستخفاً بشريعة سيد المرسلين C، وكذا من يداوم على فعل المكروه بلا عذر، يكون مستخفاً بأحكام الإسلام.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2525
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 30-09-2013
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28