• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 50 _ الاجتهاد والتقليد 50 .

الدرس 50 _ الاجتهاد والتقليد 50

أقول: يرد على الاستدلال بهاتين الحسنتين -مع قطع النظر عن احتمالهما التقية-:
انه اعتبر في
الحسنة الأولى معروفية الشاهد بالصلاح الذي هو عبارة أخرى عن التقوى -أي فعل الواجبات وترك المحرمات- فتكون هذه الحسنة كاشفة عن العدالة، وواقعة في طريق الإثبات فهي على خلاف مطلوبهم أدلّ.
واعتبر في الحسنة الثانية أن يعرف منه خير. والمراد به أيضاً الصلاح، وتنكيره للتنبيه على كفاية معروفيته بذلك في الجملة، وإن لم يبلغ أقصى مراتبه. فهذه الحسنة أيضاً على خلاف مطلوبهم أدلّ، لأنها واقعة في طريق الإثبات أي يستكشف العدالة بذلك.
وأمّا ما ذكره الشهيد الثاني فيكفينا في الجواب عنه ما ذكره صاحب الجواهر، حيث قد أجاد في الردّ عليه. والله العالم

الدليل الرابع: انه لو لم يقتصر في العدالة على الإسلام وعدم ظهور الفسق، لم تنتظم الأحكام للحكّام خصوصاً في المدن الكبيرة، والقاضي القادم إليها من بُعد مع عدم خلطته واختياره لهم، ضرورة اقتضاء اعتبار غيره تعطيل كثير من الأحكام حتى يختبرهم أو تكون عنده من هو مختبرهم ومخالطهم، ولا ريب في كونه حرجاً وعسراً وتعطيلاً. كيف؟ والناس في كثير من الأمكنة لا يتمكنّون من ذلك في طلاقهم وديونهم، وغير ذلك ممّا يحتاجون فيه إلى العدل. ويرد عليه: ان عدم انتظام الأحكام للحكّام إلّا بالاقتصار في معرفة الشهود على مجرّد الإسلام وعدم ظهور الفسق هو أوّل الكلام، فإن معرفتهم بالصلاح والتقوى ممكنة جدّاً، وفي وقت يسير، فإن حسن الظاهر كاشف عن العدالة، وهو يحصل بمدّة قصيرة.
وأما دعوى لزوم الاختلال وإبطال الحقوق. فعهدتها على مدّعيها، بل لو اقتصرنا في الحقوق وإحقاقها على مجرّد إخبار من لم يظهر منه إلّا مجرّد الإسلام للزم منه تضييع الحقوق وتلفها، لشيوع من يشهد بالزور فيما بين المسلمين، فكيف يجوز أن يوثق في أمر دين الخلق ودنياهم وفروجهم وأموالهم وأعراضهم ودمائهم ممن لم يستوثق منه الأمانة والصدق والصلاح.
والخلاصة إلى هنا: ان هذا القول الأوّل لمعنى العدالة وهو الإسلام مع عدم ظهور الفسق، لم يكتب له التوفيق.

القول الثاني: ان العدالة عبارة عن حسن الظاهر.
كما هو ظاهر الشيخ المفيد في المقنعة، حيث قال: «ان العدل من كان معروفاً بالدين والورع عن محارم الله». (انتهى كلامه).
وفهم الأعلام من عبارته ان العدالة عنده هي حسن الظاهر.
وحكي القول بذلك أيضاً عن القاضي والتقي وابن حمزة وسلّار بل عن المصابيح نسبته إلى القدماء.
وحكى صاحب الجواهر عن الأستاذ الأكبر في حاشية المعالم: «الإجماع على ان المراد بالعدالة حسن الظاهر في كل مقام اشترطت فيه...الخ». (انتهى كلامه).
ثم أن المراد بالظاهر: خلاف الباطن الذي لا يعلم به إلّا الله سبحانه وتعالى. والمراد بحسنه: كونه جارياً على مقتضى الشرع بعد اختباره والسؤال عن أحواله.
وقد استدل لهذا القول بجملة من الروايات بلغت حدّ الاستفاضة:
منها: موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفاً صائناً الحديث».[1]
ومنها: رواية العلاء بن سيّابة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) ان أبا جعفر (عليه السّلام)، قال: «لا تقبل شهادة سابق الحاجّ لأنه قتل راحلته وأفنى زاده وأتعَب نفسه واستخف بصلاته. قلت: فالمكاري والجمّال والملاح. فقال: وما بأس بهم تقبل شهاداتهم إذا كانوا صلحاء».[2] ولكنها ضعيفة بجهالة العلاء بن سيّابة.

ومنها: رواية إبراهيم بن زياد الكرخي عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام)، قال: «من صلّى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنّوا به خيراً وأجيزوا شهادته».[3] وهي ضعيفة أيضاً بجهالة إبراهيم بن زياد الكرخي.

ومنها: موثقة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «قال: من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم وواعدهم فلم يخلفهم كان ممّن حرمت غيبته وكملت مروّته وظهر عدله ووجب أخوّته».[4] ورواها الشيخ الصدوق في الخصال إلّا أن في الطريق جماعة من المجهولين.

 ورواه أيضاً في عيون أخبار الرضا (عليه السّلام)، وفي الطريق أيضاً بعض الأشخاص المجهولين. ولكنك عرفت ان الرواية بطريق الكليني موثقة.

ومنها: ما في تفسير العسكري (عليه السّلام) في قوله تعالى: {ممّن ترضون من الشهداء} من ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقّظه فيما يشهد به وتحصيله وتميّزه فما كل صالح مميّز ولا كل محصّل مميّز صالح وان من عباد الله لمن هو أهل لصلاحه وعفّته ولو شهد لم تقبل شهادته لعلّة تميّزه فإذا كان صالحاً عفيفاً مميّزاً محصّلاً مجانباً للمعصية والهوى والميل والتحامل فذلك الرجل الفاضل الحديث».[5] وهو ضعيف لوجود جملة من المجاهيل في الطريق.

ومنها: صحيحة عبد الله بن أبي يعفور الآتية.[6] التي ذكرها جملة من الأعلام دليلاً للقول بأن العدالة هي الملكة، وسيأتي إن شاء الله تعالى شرحها بالتفصيل، وكذا غيرها من الروايات.

ولكن الإنصاف: أنها واقعة في طريق الإثبات والكشف عن العدالة، لا أن حسن الظاهر هو العدالة حتى تكون واقعة في طريق الثبوت.

والخلاصة: ان قولهم: «العدالة هي حسن الظاهر»، في غير محلّه، إذ حسن الظاهر نفسه ليس بعدالة بل العدالة غيره، وهو طريق إليها.

ثم أن هذه الروايات ظاهرة أيضاً في ردّ القول بالاكتفاء بالإسلام مع عدم ظهور الفسق. وبالجملة، فإن هذه الروايات وإن كان بعضها لم يذكر فيه تمام حسن الظاهر، ولكنه كالصريح في عدم الاكتفاء بظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق.

 

[2] وسائل الشيعة: باب 34 من أبواب كتاب الشهادات، ح1.

[3] وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب كتاب الشهادات، ح12.

[4] وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب كتاب الشهادات، ح9.

[5] وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب كتاب الشهادات، ح23.

[6] وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب كتاب الشهادات، ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2042
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 17-02-2020
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18