• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 42 _ الاجتهاد والتقليد 42 .

الدرس 42 _ الاجتهاد والتقليد 42

وأمّا من ذهب إلى عدم جواز العدول. فقد استدل له أيضاً بعدّة أدلة:
منها: دعوى الإجماع على عدم جواز العدول، كما عن المحقق القمّي (رحمه الله). وفيه: أن الإجماع المحصّل غير حاصل، لاحتمال أن يكون المدرك هو ما يأتي من الأدلّة، فلا يكون إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السّلام). وأما الإجماع المنقول فهو غير حجّة كما تقدّم.
ومنها: الاستصحاب التنجيزي، باعتبار أن الفتوى التي أخذها بتقليده للمجتهد الأوّل قد صارت حجّة فعلية في حق المقلّد، ويشك في بقائها على حجّيتها الفعلية، إذا عدل إلى المجتهد الآخر، فنستصحب حجّيتها الفعلية. ومعنى ذلك، هو عدم جواز العدول. ويرد على هذا الاستصحاب ما أوردناه سابقاً، من أنه من استصحاب الأحكام الكلّية. وقد عرفت الإشكال في جريانها.

ومنها: ان العدول إلى المجتهد الآخر ممّا يوجب المخالفة القطعية، كما إذا قلّد من أفتى بطهارة شيء ثم عدل عنه إلى من أفتى بنجاسته، وكما إذا أفتى الأوّل بوجوب القصر على من سافر أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه، فقصّر المكلّف في صلاته ثم عدل عنه إلى من أفتى بوجوب التمام في هذه المسألة فأتمّ فيها، فإنه يعلم حينئذِ ببطلان صلاته المقصورة أو صلاته التامة لعدم مطابقتها للواقع. وفيه، أوّلاً: أن هذا الإشكال لا ربط له بمسألة جواز العدول وعدم جوازه بل يجري هذا الإشكال حتى لو قلنا بوجوب العدول، كما إذا فرضنا أن المجتهد الثاني الذي عدل إليه هو أعلم من الأوّل أو أن الأوّل صار مجنوناً أو عدل عن فتواه بعدما عمل المكلّف بها. وعليه، فهذا الإشكال لا ربط له بمسألة جواز العدول وعدمه.
وثانياً: أنه يمكن حل هذا الإشكال بوجهين:
الوجه الأوّل: أنه في صورة العدول إلى المجتهد الآخر، فكما يلزم العلم بالمخالفة القطعية فكذلك هو ممّا يوجب العلم بالموافقة القطيعة، ولم يعلم ان مصلحة الموافقة القطعية هي أقل من مفسدة المخالفة القطعية إلّا على القول بأن "دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة". وقد عرفت في محلّه، أن هذه القاعدة ليست تامة على إطلاقها.
الوجه الثاني: ما ذكرناه في مبحث الإجزاء، حيث قلنا إن المكلّف إذا عدل عن مجتهد إلى مجتهد آخر، وكان الأوّل يقول بعدم وجوب السورة في الصلاة أو بعدم وجوب الترتيب بين الأيمن والأيسر في غسل الجنابة الترتيبي، وكان الثاني يقول بوجوب السورة في الصلاة أو بوجوب الترتيب بين الأيمن والأيسر في الغسل، فإن القاعدة تقتضي عدم الإجزاء، فلا بدّ من الإعادة في الوقت والقضاء خارجه إلّا إذا دلّ دليل على الإجزاء. وقد قام الدليل على عدم الإعادة فيما كان الخلل الواقع في الصلاة في غير الخمسة المستثناة في حديث" لا تعاد الصلاة إلا من خمسة" وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام)، وقد ذكرنا هذا الحديث الشريف في أكثر من مناسبة، وقلنا إنه لا يختص بالناسي بل يشمل الجاهل القاصر أيضاً، خلافاً للميرزا النائيني (رحمه الله) حيث خصّه بالناسي.

ومنها: الأصل العقلي وهو أصالة التعيين عند التردّد في الحجّية بين التعيين والتخيير. وتوضيحه: ان العقل مستقل بالأخذ بما يحتمل تعيينه، وذلك للقطع بأن الفتوى المأخوذ بها حجّة في حق المكلّف، ويشك في جواز العدول إلى المجتهد الآخر فحجّية فتوى الأوّل مقطوع بها إما تعييناً أو تخييراً، وتقليد من يريد العدول إليه مشكوك الجواز، لاحتمال تعيّن تقليد من يريد العدول عنه. ومن المعلوم، أن الشك في الحجّية يساوق القطع بعدمها. وهذا الدليل قويّ، والله العالم.

بقي الكلام عندنا في شرائط المفتي وهي ما يعبّر عنها بشرائط المرجعية للتقليد غير ما تقدم من الاجتهاد والأعلمية والحياة في التقليد الابتدائي. وهي أمور:
الامر الأوّل: البلوغ.
وقد استدل على اعتباره في المفتي بجملة من الأدلة:
منها: الإجماع. وقد ادعاه بعض الأعلام منهم الشهيد الثاني والشيخ الأنصاري. وفيه: ان الإجماع المحصل غير حاصل، لاحتمال استناد المجمعين إلى ما سنذكره من الأدلة، فلا يكون إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السّلام). وأما الإجماع المنقول فهو غير حجّة، كما عرفت في أكثر من مناسبة.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2009
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 27-01-2020
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12