• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 37 _ الاجتهاد والتقليد 37 .

الدرس 37 _ الاجتهاد والتقليد 37

أمّا الأمر الأوّل: فقد استدل للجواز فيه بعدّة أدلّة:
منها: إطلاقات الآيات الشريفة والأخبار المتقدّمة، فإن الآية الشريفة: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة...الآية﴾. المستدل بها على حجّية الفتوى تدل على وجوب العمل عند إنذار المنذر الحيّ سواء كان المجتهد باقياً على قيد الحياة حال العمل بفتواه أم لم يكن كذلك، إذا كان الشخص الآخذ بفتواه أو العامل بها أو الذي ينبغي له العمل بها معاصراً للمجتهد الحيّ بحيث أدركه وكان قابلاً للتقليد.
وبالجملة، فإن الآية الشريفة مطلقة من هذه الجهة، وكذا آية السؤال -بناءً على دلالتها على حجّية الفتوى- وكذا الروايات الآمرة بالأخذ من أشخاص معيّنين، فإنها مطلقة، حيث لم تقيّد بما إذا كان أهل الذكر أو الأشخاص المسؤولين أحياءً عند العمل بأقوالهم. والخلاصة، ان هذا الدليل جيّد.

ومنها: بناء العقل فإنه قائم على رجوع الجاهل إلى العالم فيما جهله من الفنون والعلوم.

ومنها: رجوعه إلى المجتهد في الفتاوى بلا فرق بين أن يكون العالم باقياً على قيد الحياة عند العمل بقوله أو الأخذ بفتاواه وعدمه، ولم يردع الشارع المقدّس عن هذا البناء، كما ردع عن التقليد الابتدائي، حيث تسالم الأعلام على عدم جواز التقليد الابتدائي.

ومنها: الاستصحاب، أي استصحاب حكم المفتي، وبيانه: ان المجتهد الفلاني كان يجوز الأخذ بفتواه في حال حياته أي أن فتواه حجّة لما كان حيّاً، والآن يشك في بقائها على الحجّية فيستصحب حجّيتها. ولكن يرد على هذا الاستصحاب ما أوردناه سابقاً، من أنه من استصحاب الحكم الكلّي، وقد عرفت المنع من جريانه.
نعم لا يرد عليه ما أوردناه سابقاً، من عدم صحّة استصحاب الحجّية الفعلية، حيث قلنا إن المقلّد لم يكن موجوداً في عصر المجتهد، إذ الحجّية الفعلية منوطة بوجوده في عصره. ووجه عدم ورود هذا الإشكال هنا واضح، لفرض أن المكلف أدرك المجتهد فهو موجود بالفعل.
وأمّا الإشكال من حيث عدم بقاء الموضوع فسيأتي دفعه إن شاء الله تعالى.

وأما استصحاب حكم المستفتى فيه، كاستصحاب وجوب السورة أو حرمة العصير أو نجاسة الخمر ونحو ذلك، فسيتضح حكمه ممّا سنذكره في الأمر الثاني. هذا تمام الكلام في الأمر الأول.

وأمّا الأمر الثاني: وهو فيما إذا علمنا بالمخالفة بينهما في الفتوى، فهو على صورتين:
الصورة الأولى: فيما لم يعلم أعلمّية أحدهما.
الصورة الثانية: فيما لو علم أعلمّية أحدهما.
وأمّا الصورة الأوّلى، فنقول: إنه لا يصّح الاستدلال على جواز البقاء على تقليد الميّت بالإطلاقات المتقدمة، إذ لا تشمل الفتويين المختلفتين لتكاذبهما المانع من شمول الدليل لهما، ولا لأحدهما المعيّن، لعدم جواز الترجيح بلا مرجح، وكذا لا يصّح الاستدلال ببناء العقلاء، فإنه لا يشمل صورة الاختلاف كالأدلّة اللفظية، فلم يبق إلا الاستصحاب وتقريره من وجهين:
الوجه الأول: استصحاب الحكم الوضعي أعنّي حجّية رأي المجتهد.
الوجه الثاني: استصحاب الحكم الظاهري، كاستصحاب وجوب السورة. فيقال: إن السورة كانت واجبة ظاهراً حال حياة المجتهد فهي باقية على وجوبها الظاهري بعد موته.
أما استصحاب الحكم الوضعي أعنّي الحجّية: فمع قطع النظر عن إشكال عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية. فقد يستشكل من جهة عدم بقاء الموضوع وهو الرأي، للشك في انتفائه بالموت. ومنشأ الشك في انتفائه بالموت أمران:
أحدهما: احتمال تبدّل رأيه لانكشاف الواقع لديه في تلك النشأة. ولكن يمكن أن يجاب عن هذا الإشكال، بإمكان إثبات الرأي بعد الموت بالاستصحاب أيضاً، فإذا شُك في زواله بالموت بأن احتمل تبدّل رأيه، لانكشاف الواقع لديه في تلك النشأة فيستصحب بقائه.
وبالجملة، فكما يجري استصحاب بقاء الرأي، إذا شككنا في تبدّله حال حياته، كذلك يجري فيه الاستصحاب عند الشك في زواله بالموت، ولا فرق بينهما إلّا من حيث كون منشأ الشك في تبدّل الرأي في حال الحياة هو احتمال ظهور خطأه في المدرك من حيث عثوره على ما لم يعثر عليه أوّلاً، من قرينة أو معارض أرجح بنظره، ونحو ذلك. وأمّا منشأ الشك في تبدّل الرأي بعد الموت احتمال انكشاف كون مؤدى المدرك على خلاف الواقع، لانكشاف الواقع لديه في تلك النشأة.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2004
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 14-01-2020
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12