• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 14 _ الاجتهاد والتقليد 14 .

الدرس 14 _ الاجتهاد والتقليد 14

هذا، وقد استدل بعض الأعلام على إجزاء الأمارة بناءً على الكاشفية والطريقية بعدّة أدلّة:
الدليل الأوّل: ان الأمارة الأولى حجّة إلى حين ورود الأمارة الثانية الأقوى التي ترفع حجّية الأولى من حين ورودها فحسب، لا أنها تكشف عن عدم حجّيتها من قبل، وبالتالي فإن ارتفاع حكم الأمارة الأولى يكون بارتفاع موضوعها، وليس بانكشاف خلافها.
وهذا من قبيل ارتفاع حكم التقصير بارتفاع موضوعه وهو السفر، كما لو وجب على المكلف التقصير في الصلاة لتحقق السفر الشرعي إلا أن المكلف لم يصلِّ حتى دخل بلده، فوجب عليه الإتمام لارتفاع موضوع التقصير.
وبالجملة، فإنه ما لم تصل الحجّة الثانية إلى المكلف لا تكون مانعة عن اتصاف الحجّة الأولى بالحجّية، وذلك لفرض أنها قبل وصولها لم تكن حجّة لتكون مانعة عن حجّية الأولى ورافعة لها، فإذا وصلت الحجّة الثانية كانت رافعة لحجّية الأولى من حين وصولها.
وعليه، فالحجّة الأولى حجّة في وقتها وقبل الظفر بالثانية، فلا بدّ من الالتزام بصّحة الأعمال الماضية المطابقة مع الحجّة الأولى، ولا موجب لإعادة الأعمال أو قضائها لفرض أنها صادرة عن المكلف على طبق الحجّة في ظرفها واقعاً.
وفيه: أننا نلتزم بأن الأمارة الثانية ليست حجّة قبل وصولها، وبالتالي لا ترتفع حجّية الأمارة الأولى، ويبقى إطلاق قوله تعالى: ﴿أحل الله البيع﴾ حجّة إلى حين وصول الأمارة المقيّدة له، بتحريم البيع الغرري إلا أن ذلك لا علاقة له بالإجزاء، لإن مؤدى الأمارة حكم واقعي ظنّي، فهي تكشف عن حكم لا يختص بزمن دون زمن، فالأمارة الدالّة على حرمة البيع الغرري، دلّت على بطلانه من أوّل الأمر لا من حين وصولها إلى المكلفين، ممّا يكشف عن مراد المولى من أوّل الأمر هو المقيّد، فلا يكون العمل على طبق الأمارة الأولى مجزياً، لأن الإجزاء منتزع من مطابقة المأتي به للمأمور به.
وعليه: فمع خطأ الواقع نحتاج إلى دليل يثبت إجزاء المأتي به، وهو غير المأمور به عن المأمور به، وقد عرفت: أن الأمارة الكاشفة عن الواقع كشفاً ناقصاً، ليست أحسن حالاً من القطع الذي يكشف عنه كشفاً تاماً، ومع ذلك وقع الاتفاق على عدم إجزائه عن الواقع في صورة المخالفة.

الدليل الثاني: ان الأمارة الثانية لم تكشف عن كون عمل المكلف على طبق الأمارة الأولى مخالفاً للواقع يقيناً بل كما يحتمل مخالفتها للواقع يحتمل ذلك أيضاً في حق الأمارة الثانية، وان وجب العمل على طبقها باعتبار أنها الحجّة الفعلية. وعليه، فلا موجب لإجزاء الثانية دون الأولى، وهما متساويان في الحجّية، باعتبار أن الأولى حجّة في وقتها وقبل وصول الثاني، وعليه فلو لم تكن الأوّلى مجزية للزم الترجيح بلا مرجح.
وفيه: أنه لا إشكال في كون كل من الأمارة الأولى والثانية يحتمل مخالفتها للواقع.
ومن هنا جاء الاحتياط لأجل إدراك الواقع، كما أنه لا إشكال في كون الأولى حجّة في ظرفها إلا أن ترجيح الأمارة الثانية جاء بعد أن ألغى الشارع احتمال مخالفة الواقع فيها بمجرّد وصولها، بينما رفع هذا الإلغاء في الأمارة الأولى، فكان العمل على طبق الثانية دون الأولى.
وعليه، فلا مؤمن من العقاب يوم القيامة، إذا اقتصر المكلف على ما أتى به أوّلاً، لأن الفرض ان احتمال مخالفتها للواقع لا يزال قائماً ولم يلغه الشارع.

الدليل الثالث: وهو للسيد البروجردي (رحمه الله): حيث استدل على إجزاء الأمارة -سواء بناءً على الكاشفية أم السببّية- بإطلاقات أدلة حجّية الأمارة، مثلاً لو قام الدليل على عدم جزئية السورة للصلاة فإن مقتضى حجّية الأمارة هو كون الصلاة بدون السورة هو تمام الصلاة في حال الجهل. وعليه، فلا مجال لتوهم عدم الإجزاء. وبالجملة، فلم يقيّد دليل اعتبارها بعدم انكشاف الخلاف.
وفيه: انه إذا قطعنا النظر عن كون دليل حجّية الأمارة لبيّاً وهو بناء العقلاء. وبالتالي لا إطلاق فيه ليتمسّك به، وإنما ينبغي الاقتصار فيه على القدر المتيقن، إلا أن الأدلّة اللفظية لحجّية الأمارة اللفظية غير ناظرة إلى الإجزاء عن الواقع بحال انكشاف مخالفتها له فهي مهملة من هذه الجهة، وإنما هي ناظرة إلى الحجّية فقط، وأنها قائمة مقام العلم وأنه يصّح الإسناد والاستناد إليها.
والخلاصة: أنه بناءً على طريقية الأمارة وكاشفيتها عن الواقع، لا يجزي العمل على طبقها عن المأمور به واقعاً.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1944
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 20-11-2019
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12