• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث أحكام السهو في الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 790 _ احكام السهو في الصلاة 18 .

الدرس 790 _ احكام السهو في الصلاة 18

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والأحوط: متابعة المأموم إمامه فيهما لو خلا عن السّبب، ووجوبهما عليه، وإن خلا الإمام عن السّبب، وفي الخلاف يتحمّل الإمام سهو المأموم إجماعاً في المختلف إن كان شكًّا، جمعاً بين خبري منهال بوجوبهما على المأموم وحفص بعدمه*
أقول: يقع الكلام في أمرين: الأمر الأوّل: فيما لو اختصّ الإمام بالسّهو. الأمر الثاني: ما لو اختصّ المأموم بالسّهو.
وأما الأمر الثالث: وهو ما لو اشتركا فيه، فلوضوحه لا نتكلّم عنه.

أمّا الأمر الأوّل: فإذا صدر من الإمام ما يوجب سجود السّهو عليه، فهل يكون ذلك موجباً للسّجود على المأموم أيضاً تبعاً لسهو الإمام؟
المشهور بين الأعلام: اختصاص الإمام بحكم السّهو.
وذهب الشّيخ في المبسوط، وكذا ابن حمزة (رحمه الله) في الوسيلة، وابن إدريس (رحمه الله) في السّرائر: إلى أنّه يجب على المأموم متابعته في سجود السّهو وإن لم يعرض له السّبب، وبهذا القول قال أكثر العامّة.

وقد يستدل للمشهور: بأنّ الأصل عدم الوجوب على المأموم لعدم الموجب له؛ إذ لم يعرض له السّبب.
وأمّا ما قيل: من أنّه يجب على المأموم؛ لعموم ما دلّ على وجوب متابعة المأموم الإمام، ففي غير محله؛ لعدم شموله لمثل سجود السّهو لخروجه عن الصّلاة.

وقد استدلّ لوجوب متابعة المأموم للإمام بموثّقة عمّار: «عن الرّجل يدخل مع الإمام، وقد صلّى الإمام ركعةً أو أكثر، فَسَها الإمام كيف يصنع الرّجل؟ قال: إذا سلّم الإمام فسجد سجدتي السّهو».[1] وفيه -مع موافقته للمشهور بين العامّة، بل في المنتهى: أنّه مذهب فقهاء الجمهور كافةً-: أنّه محتمل لاشتراكهما في السّهو، فيخرج عن محلّ الاستدلال. ومن هنا، قال صاحب الوسائل (رحمه الله): «أقول: المفروض هنا اشتراك الإمام والمأموم في السّهو». (انتهى كلامه). ولكن مع ذلك فالأحوط وجوباً متابعة المأموم للإمام في السّجود.

أما الأمر الثاني: إذا اختصّ المأموم بالسّهو.
فالمشهور: أنّه يجب عليه الإتيان بسجدتي السّهو.
وذهب الشّيخ (رحمه الله) في الخلاف والمبسوط إلى أنّه لا حكم لسهو المأموم هنا، ولا يجب عليه سجود السّهو بل ادّعي عليه الإجماع. واختاره السّيّد المرتضى (رحمه الله) ونقله عن جميع الفقهاء إلّا مكحولاً. كما أنّه يظهر ذلك من المصنّف (رحمه الله) في الذّكرى، حيث قال: «ولا حكم لسهو المأموم الموجب لسجدتي السّهو في حال الانفراد، بمعنى أنّه لو فعل المأموم موجب سجدتي السّهو، كالتكلّم ناسياً أو نسيان السّجدة أو التّشهّد، لم يجبا عليه وإن وجب قضاء السّجدة والتّشهّد. (إلى أن قال): وذلك كلّه ظاهر قول الشّيخ في الخلاف وفي المبسوط، واختاره المرتضى، ونقله عن جميع الفقهاء إلّا مكحولاً، ورواه العامّة عن عمر».
(انتهى كلام الشهيد في الذكرى).
أقول:
حكي عن المشهور: أنّه يجب على المأموم أن يسجد سجدتي السّهو. وفي الرياض: «أنّه الأشهر بين المتأخّرين».
(انتهى كلامه).
وحكي عن كشف الالتباس: «أنّ المشهور هو عدم الوجوب على المأموم، بل في الخلاف الإجماع عليه». (انتهى كلامه).

وقد استدلّ للقول الأوّل -أي وجوب سجدتي السّهو على المأموم- بثلاثة أدلّة:
الدليل الأوّل: ما دلّ على وجوب سجدتي السّهو بأسبابها من غير تفصيل، وقد تقدّمت الرّوايات الدّالّة على ذلك، فلا حاجة لإعادتها.
الدليل الثاني: صحيحة عبد الرّحمان بن الحجّاج قال: «سألت أبا عبد الله (عليه ‌السّلام) عن الرّجل يتكلّم ناسياً في الصّلاة، يقول: أقيموا صفوفكم؟ فقال: يتمّ صلاته، ثمّ يسجد سجدتين ...».[2] والظّاهر أنّ الرّجل مأموم.
الدليل الثالث: رواية منهال القصّاب، قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): أسهو في الصّلاة وأنا خلف الإمام؟ قال: فقال: إذا سلّم فاسجد سجدتين، ولا تهب‌».[3] وهي ضعيفة بجهالة منهال القصّاب.
ومعنى: لا تهب: إمّا بمعنى لا تقم من مكانك حتّى تأتي بهما، قال في القاموس: «الهَبّ: الانتباه من النوم، ونشاط كلّ ساير، وسرعته».
(انتهى كلامه). وإمّا بمعنى عدم الخوف من تشنيع النّاس عليه بالسّهو في الصّلاة، أو عدم الخوف من المخالفين للخلاف بينهم في ذلك.

وأمّا القول الآخر -أي عدم الوجوب على المأموم- فقد استدلّ له بثلاثة أدلّة أيضاً:

الدليل الأوّل: الإجماع المدّعى. وفيه -ما ذكرناه في أكثر من مناسبة-: أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد يصلح للتأييد فقط، لا سيّما مع احتمال كونه مدركيّاً.
الدليل الثاني: موثّقة عمار عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «سألته عن رجلٍ سها خلف إمامٍ بعدما افتتح الصّلاة، فلم يقل شيئاً، ولم يكبّر، ولم يسبّح، ولم يتشهّد، حتّى يسلّم؟ فقال: جازت صلاته وليس عليه إذا سها خلف الإمام سجدتا السّهو؛ لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه».[4]
والإنصاف: أنّه يمكن الجمع بين هذه الموثّقة وبين صحيحة عبد الرّحمان بن الحجّاج، ورواية منهال -مع قطع النّظر عن ضعف السّند- بحمل الرّوايتين على الاستحباب، ولا معنى لحمل الموثّقة على التقيّة؛ إذ لا تعارض بينهما.
الدليل الثالث: حسنة حفص المتقدّمة عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «ليس على الإمام سهو، ولا على من خلف الإمام سهو».[5] وفيه: ما عرفته سابقاً من أنّ المراد من السّهو في الحديث الشّكّ، بقرينة قوله (عليه السّلام): «وليس على الإمام سهو» فالمراد من نفي السّهو هو نفي الشّكّ عن كلٍّ من الإمام والمأموم مع حفظ الآخر، لا مطلقاً.
والخلاصة: أنّ الأقوى استحباب سجود السّهو على المأموم المختصّ بموجب السّهو، ولا يجب عليه ذلك، والله العالم بحقائق أحكامه.
هذا تمام الكلام بما يتعلّق بسجدتي السّهو، ويليه -إن شاء الله تعالى- البحث عن صلاة المسافر.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح7.

[2] وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح1.

[3] وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح6.

[4] وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح5.

[5] وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح30.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1940
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 29-10-2019
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19