• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 203 _ تنبيهات الإستصحاب 24 .

الدرس 203 _ تنبيهات الإستصحاب 24

لا زال الكلام في جواب صاحب الكفاية (رحمه الله).

ويرد عليه: إنّ القطع بالحلّية المغياة بالغليان وإن كان يجتمع مع الحرمة المنوطة بالغليان، حيث كان العنب دائما له حلّية منوطة بعدم الغليان وحرمة منوطة بالغليان، فلا يرجع مثله إلى اجتماع الحكمين الفعليين في زمان، باعتبار أنّ الغليان الذي هو غاية للحلّية شرط للحرمة، إذا وجد انتفى الأول وثبت الثاني، إلّا أنّ القطع بالحلّية المغيّاة قبل حصول الغاية لما كان يلازم القطع بالحلّية الفعلية للعنب، فمهما شكّ في ارتفاعها ولو من جهة احتمال بقائها في الزمان اللاحق، فيجري استصحاب تلك الحلّية الفعلية، كما لو شكّ في ارتفاعها يمثل مواجهة الشمس أو الحرارة أو نحوها من محتمل الرافعية، فالمعارض لاستصحاب الحرمة التعليقية هو هذا الاستصحاب، لا استصحاب الحلّية المنوطة بعدم الغليان كي يقال: إنّ القطع ببقائها لا يضرّ فضلا عن استصحابها.

الجواب الثاني: ما عن الميرزا النائيني (رحمه الله)، وحاصله: «أن الشكّ في حلية الزبيب وطهارته الفعلية بعد الغليان وإن لم يكن مسببا عن الشكّ في نجاسته وحرمته الفعلية بعد الغليان وإنما كان الشكّ في أحدهما ملازما للشك في الآخر -بل الشكّ في أحدهما عين الشكّ في الآخر- إلا أن الشكّ في الطهارة والحلية الفعلية في الزبيب المغلي مسبب عن الشكّ في كون المجعول الشرعي هل هو نجاسة العنب المغلي وحرمته مطلقا حتى في حال كونه زبيبا؟ أو أن المجعول الشرعي خصوص نجاسة العنب المغلي وحرمته ولا يعم الزبيب المغلي؟ فإذا حكم الشارع بالنجاسة والحرمة المطلقة بمقتضى الاستصحاب التعليقي يرتفع الشكّ في حلية الزبيب المغلي وطهارته.
ثمّ أشكل (رحمه الله) بما حاصله: أنّ الأصل الجاري في الشكّ السببي إنما يكون رافعا لموضوع الأصل المسببي إذا كان أحد طرفي المشكوك فيه في الشكّ المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على المشكوك فيه بالشكّ السببي، كما في طهارة الثوب المغسول بماء مشكوك الطهارة والنجاسة، فان طهارة الثوب من الآثار الشرعية المترتبة على طهارة الماء، فان معنى حكم الشارع بطهارة الماء هو طهارة الثوب المغسول به، ولأجل ذلك كان استصحاب طهارة الماء أو قاعدة الطهارة رافعا للشك في نجاسة الثوب، فما لم يكن أحد طرفي المشكوك فيه بالشكّ المسببي من الاحكام والآثار الشرعية المترتبة على المشكوك فيه بالشكّ السببي لا يمكن أن يكون الأصل الجاري في السبب رافعا لموضوع الأصل الجاري في المسبب، وفيما نحن فيه ليس الامر كذلك، فان الشكّ في حلية الزبيب المغلي وطهارته وإن كان مسببا عن الشكّ في كيفية جعل النجاسة والحرمة للعنب المغلي، إلا أن عدم حلية الزبيب وطهارته ليس من الآثار الشرعية المترتبة على حرمة العنب المغلي ونجاسته، بل لازم جعل حرمة العنب ونجاسته مطلقا حتى مع تبدله إلى الزبيب هو عدم الحلية والطهارة عقلا، وإلا لزم اجتماع الضدين، فاستصحاب الحرمة والنجاسة التعليقية لا يثبت عدم حلية الزبيب المغلي وطهارته، لان إثبات أحد الضدين بالأصل لا يوجب رفع الضد الآخر إلا على القول باعتبار الأصل المثبت.
وأجاب (رحمه الله) عن ذلك بأنّ: هذا الاشكال إنما نشأ من الخلط بين الأصول السببية والمسببية الجارية في الشبهات الحكمية والجارية في الشبهات الموضوعية، فإنه في الشبهات الموضوعية لابد وأن يكون أحد طرفي المشكوك فيه بالشكّ المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على المشكوك فيه بالشكّ السببي مع قطع النظر عن التعبد بالأصل الجاري في السبب، فعند ذلك يكون الأصل السببي رافعا لموضوع الأصل المسببي. وأما الشبهات الحكمية: فلا يعتبر فيها أن يكون أحد طرفي المشكوك فيه بالشكّ المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على المشكوك فيه بالأصل السببي مع قطع النظر عن التعبد بالأصل الجاري في السبب، بل نفس التعبد بالأصل السببي يقتضي رفع الشكّ المسببي شرعا، لان المسبب يصير أثرا شرعيا للسبب بالتعبد بالأصل الجاري فيه...»[1]. (انتهى كلامه)

أما الرد على كلام الميرزا (رحمه الله)، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] فوائد الأصول: ج4، ص474.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1616
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 04-09-2018
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28