الدرس 199 / الأربعاء: 22-أيلول-2021
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: في آداب التِّجارة: وهي التَّفقُّه فيما يتولاَّه، (انتهى كلامه)
(1) لا إشكال عند الأعلام في استحباب التفقُّه:
أوّلاً: للتَّسالم بينهم، ولما سيأتي إن شاء الله تعالى من الرِّوايات، ويكفي في التفقُّه التَّقليد، ولا يشترط الاجتهاد.
وبالجملة، فإنَّ التفقُّه إنَّما هو لأجل معرفة كيفيَّة الاكتساب، ولكي يميّز بين العقود الصَّحيحة والفاسدة، ويعرف ما أحلّه الله وحرَّمه، وليتمكَّن بذلك من الاحتراز عمَّا حرَّم عليه من ذلك، لاسيَّما الرِّبا وبيع المجهول وثراءه ممَّا يشترط فيه الوزن والكيل، ونحو ذلك.
ولا يخفى عليك أنَّ الاستحباب إنَّما هو قبل الدُّخول في الواقعة والاحتياج إليها في خصوص المعاملة، وإلاَّ فيكون التفقُّه واجباً من باب وجوب المقدِّمة.
ولا يخفى عليك أيضاً عدم المعارضة بين ما دلَّ على وجوب طلب العلم، وبين ما دلَّ على طلب الرِّزق والأمر بالسَّعي في أسبابه؛ ضرورة إمكان الجمع بينهما.
ومن المعلوم أنَّ التوكُّل الخالص والانقطاع التَّام إلى الله عزّ وجلّمن أعظم أسباب الرِّزق، فإنَّ «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا "وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ ]الطلاق: 23[.
ثمَّ إنَّ هناك جملة من الرِّوايات دالَّة على التَّرغيب في التفقُّه والتَّحذير مَنْ تركه:
منها: موثَّقة الأصبغ بن نباتة «قَاْل: سمعتُ أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول على المنبر: يا معشر التُّجار! الفِقْه ثمَّ المتجر، الفِقْه ثمَّ المتجر، الفِقْه ثمَّ المتجر، والله! للرِّبا في هذه الأُمَّة أخفى من دبيب النَّمل على الصَّفا، شُوْبوا أيمانكم بالصِّدق، التَّاجر فاجر، والفاجر في النَّار إلَّا مَنْ أخذ الحقَّ وأعطى الحقَّ»[1]f383، وهي، وإن كانت ضعيفة في الفقيه؛ لأنَّ في إسناد الشَّيخ الصَّدوق إلى الأصبغ بن نباتة، عَمْرو بن ثابت، وهو غير موثَّق، إلاَّ أنَّها موثَّقة في الكافي، فإنَّ عثمان بن عيسى وأبا الجارود موثَّقان.
ومنها: رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): مَنْ اتَّجرَ بغيرِ علمٍ ارتطمَ في الرِّبا ثمَّ ارتطمَ»[2]f384، وهي ضعيفة بعدم وثاقة طلحة، كما أنَّها ضعيفة في المقنعة بالإرسال.
ومنها: مرسلة الكليني «قال: وكانَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) يَقُوْلُ: لا يقعدنَّ في السُّوقِ إلَّا مَنْ يَعْقِلُ الشِّراءَ والبيعَ»[3]f385، وهي ضعيفة بالإرسال، كما أنَّها ضعيفة في الفقيه بالإرسال.
نعم، رواها الشَّيخ (رحمه الله) في التَّهذيب مسندة إلاَّ أنَّها ضعيفة بعدم وثاقة طلحة بن زيد.
ومنها: مرسلة الشَّيخ المفيد (رحمه الله) في المقنعة «قال: قال الصَّادق (عليه السلام): مَنْ أراد التِّجارة فَلْيتفقَّه في دينِه ليعلم بذلك ما يحلُّ له ممَّا يحرم عليه، ومَنْ لم يتفقَّه في دينه، ثمَّ اتَّجر تورَّط (في) الشُّبهات»[4]f386، وهي ضعيفة بالإرسال.
[1] الوسائل باب 1 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
[2] الوسائل باب 1 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
[3] الوسائل باب 1 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
[4] الوسائل باب 1 من أبواب آداب التِّجارة ح4.
|