• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : في المناهي / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 196_في المناهي وهي على أقسام ثلاثة (28).ثالثها: ما نهي عنه تنزيها .

الدرس 196_في المناهي وهي على أقسام ثلاثة (28).ثالثها: ما نهي عنه تنزيها

 

الدرس 196 / الخميس: 16-أيلول-2021

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وطلب الحاجة من حديث النِّعمة، (انتهى كلامه)

(1) أي مَنْ أصاب ماله حديثاً، وهو المعبَّر عنه أيضاً بمَن لم يكن فكان، وقدِ استدلَّ لكراهة طلب الحاجة من حديث النِّعمة بجملة من الرِّوايات:

منها: حسنة حفص بن البختري «قال: استقرض قهرمان لأبي عبد الله (عليه السلام) من رجلٍ طعاماً لأبي عبد الله (عليه السلام)، فألحَّ في التَّقاضي، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أَلَمْ أَنْهَك أن تستقرضَ لي ممَّنْ لم يكن له فكان»[1]f347.

ومنها: موثَّقة ظريف بن ناصح ­ بائع الأكفان وصاحب كتاب الدِّيَّات ­ «قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تخالِطوا، ولا تعامِلوا، إلاَّ مَنْ نَشَأ في الخير»[2]f348.

ومنها: رواية أبي حمزة الثُّمالي «قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنَّما مثلُ الحاجة إلى مَنْ أصاب ماله حديثاً كمثل الدِّرهم في فمِّ الأفعى أنت إليه محوج، وأنت منها على خطر»[3]f349، وهي ضعيفة بمحمَّد بن سليمان وزكريَّا المؤمن.

ومنها: رواية داود الرَّقي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل: يا داود! تُدخِل يدك في فم التِّنين إلى المرفق خير لك من طلب الحوائج إلى مَنْ لم يكن فكان»[4]f350، وهي ضعيفة أيضاً بداود الرَّقي، وجهالة أحمد بن يوسف بن عقيل، ورواها الصَّدوق (رحمه الله) بإسناده عن حمَّاد عَمْرو وأنس بن محمَّد عن أبيه، وهي ضعيفة؛ لأنَّه في إسناده إليهما عدَّة من المجاهيل، كما أنَّ حمَّاد بن عَمْرو وأنس بن محمَّد وأباه مجهولون.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والمخالف والسُّلطان، (انتهى كلامه)

(1) لم أجد ما يدلُّ على ذلك من الرِّوايات، إلاَّ بعض الوجوه الاعتباريَّة التي لا تصلح أن تكون دليلاً للحكم الشَّرعي.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وشراء الوكيل من نفسه، وبيعه على نفسه. وروى هشام، وإسحاق: المنع من الشِّراء. (انتهى كلامه)

(2) لو وكَّل زيد عَمْراً في البيع أو الشِّراء، وأطلق، ولم يفهم منه الإذن للوكيل بالبيع من نفسه ولا عدمه، فهل يكفي هذا الإطلاق في جواز بيعه من نفسه أو شرائه لنفسه، هناك خلاف بين الأعلام.

فالمشهور بين المتأخِّرين: عدم الجواز، فإذا قال الموكِّل للوكيل: اشترِ لي متاعاً، فلا يجوز له أن يعطيه من عنده، وإن كان ما عنده أحسن ممَّا في السُّوق، وكذا لو قال له الموكِّل: بع لي هذا الثَّوب، فلا يجوز أن يأخذه لنفسه، وإن زاد في ثمنه على ما في السُّوق.

وعن جماعة من الأعلام الكراهة، منهم المصنِّف (رحمه الله) هنا وأبو الصَّلاح (رحمه الله) والعلاَّمة (رحمه الله) في التَّذكرة والمختلف، قال أبو الصَّلاح: «ويُكْره لِمَنْ سأله غيره أن يبتاع له متاعاً أن يبيعه من عنده، أو يبتاع منه ما سأله، أن يبيعه له، وليس بمحرَّم...»، وقال العلاَّمة (رحمه الله) في المختلف: «للوكيل أن يبيع مال الموكل على نفسه، وكذا كلّ من له الولاية، كالأب والجدّ والوصي والحاكم وأمينه...».

أقول: قد يستدلّ لمن ذهب إلى عدم الجواز بالرِّوايات الواردة في المقام، أمَّا بالنِّسبة لعدم جواز الشِّراء لنفسه فجملة من الرِّوايات:

منها: حسنة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: إذا قَاْل لك الرَّجل: اشترِ لي فلا تعطه من عندك، وإن كان الَّذي عندك خيراً منه»[5]f351.

ومنها: موثَّقة إسحاق «قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرَّجل يبعث إلى الرَّجل، يقول له: ابتعْ لي ثوباً، فيطلب له في السُّوق، فيكون عنده مثل ما يجد له في السُّوق فيعطيه من عنده، فقال: لا يقربنَّ هذا ولا يدنس نفسه، إن الله عزّ وجلّيقول: « إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ]الأحزاب: 72[، وإن كان عنده خير ممَّا يجد له في السُّوق، فلا يعطيه من عنده»[6]f352.

ومنها: ما في الفِقه الرَّضوي: «إذا سألك رجلٌ شراء ثوب، فلا تُعطِه مِنْ عندك، فإنَّها خيانة، ولو كان الَّذي عندك أجود ممَّا عند غيرك»[7]f353، ولكنَّك عرفت في أكثر من مناسبة أنَّ ما في الفِقه الرَّضوي هو فتاوى لابن بابويه (رحمه الله)، إلاَّ ما كان بعنوان: (قال) أو (روي)، ونحوهما، فتكون روايةً مرسلةً.

ولا يخفى عليك أنَّ ظاهر النَّهي هو الحرمة، ولا موجب لحَمْله على الكراهة، وهذا هو مقتضى الإنصاف عندنا، إلاَّ إذا قامت قرينة على الجواز، فلا بأس به حينئذٍ.

ثمَّ إنَّه حكي عن ابن إدريس (رحمه الله) أنَّه علَّل عدم الجواز بأنَّ التَّاجر صار وكيلاً في الشِّراء، ولا يجوز للوكيل أن يشتري لموكِّله من نفسه؛ لأنَّ العقد يحتاج إلى إيجاب وقبول، وهو لا يصلح أن يكون موجباً قابلاً، فلأجل ذلك لم يصلح أن يشتري له من عنده.

وفيه: ما سيأتي ­ إن شاء الله تعالى ­ في باب البيع، من أنَّه لا إشكال في كونه موجباً وقابلاً، ولا استحالة في ذلك؛ لأنَّه مُوجِبٌ باعتبار كونه بائعاً، وقابلٌ باعتبار كونه مشترياً، وإذا اختلف الاعتبار لم يلزم المُحَال.

ثمَّ إنَّه يظهر من رواية ميسر أنَّ العلَّة هنا هي خوف التُّهمة «قال: قلتُ له: يجيئنى الرَّجل، فيقول: تشتري لي، ويكون ما عندي خيراً من متاع السُّوق، قال: إن أمنت أن لا يتَّهمك فأعطه من عندك، وإن خفت أن يتَّهمك فاشترِ له من السُّوق»[8]f354، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال؛ إذ لم يذكر الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في المشيخة طريقه إلى عثمان بن عيسى، وضعيفة أيضاً بالإضمار؛ هذا تمام الكلام بالنِّسبة لعدم جواز الشِّراء لنفسه.

وأمَّا بالنِّسبة لعدم جواز البيع من نفسه، فقد استدل له بروايتَيْن:

الأولى: رواية عليِّ بن أبي حمزة «قال: سمعتُ معمَّر الزَّيات يسأل أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال: جعلت فداك! إنِّي رجلٌ أبيع الزَّيت يأتيني من الشَّام، فآخذ لنفسي ممَّا أبيع؟ قال: ما أُحبُّ لك ذلك، قال: إنِّي لستُ أنقص لنفسي شيئاً ممَّا أبيع، قال: بعه من غيرك ولا تأخذ منه شيئاً، أرأيت لو أنَّ رجلاً قال لك: لا أنقصك رطلاً من دينار، كيف كنت تصنع؟ لا تقربه...»[9]f355، وهي ظاهرة جدّاً في أنَّ البيع من نفسه غير جائز، وإلاَّ فمقتضى الوكالة صحَّة البيع من نفسه، ولكنَّ الرِّواية ضعيفة بعليِّ بن أبي حمزة.



[1] الوسائل باب 21 من أبواب آداب التِّجارة ح2.

[2] الوسائل باب 21 من أبواب آداب التِّجارة ح6.

[3] الوسائل باب 26 من أبواب مقدمات التِّجارة ح1.

[4] الوسائل باب 26 من أبواب مقدمات التِّجارة ح2.

[5] الوسائل باب 5 من أبواب آداب التِّجارة ح1.

[6] الوسائل باب 5 من أبواب آداب التِّجارة ح2.

[7] المستدرك باب 6 من أبواب آداب التِّجارة ح1.

[8] الوسائل باب 5 من أبواب آداب التِّجارة ح4.

[9] الوسائل باب 6 من أبواب آداب التِّجارة ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3749
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 16-09-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 06 / 15