• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : التكسب الحرام وأقسامه / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 156_التكسّب الحرام وأقسامه (151). مسائل: الأولى: في المقاصّة المشروعة من الوديعة .

الدرس 156_التكسّب الحرام وأقسامه (151). مسائل: الأولى: في المقاصّة المشروعة من الوديعة

 

الدرس 156 / الثلاثاء: 23-آذار-2021

الأمر الثَّالث: المعروف بين الأعلام، لاسيَّما المتأخِّرون منهم، أنَّه تجوز المقاصَّة مِن الوديعة على كراهة؛ وذلك جمعاً بين ما دلَّ على الجواز، وما دلَّ على المنع، بحمل ما دلَّ على المنع على الكراهة، كما هو مقتضى الجمع العرفي.

والرِّوايات الدَّالَّة على الجواز ­ مضافاً إلى إطلاق الرِّوايات المتقدِّمة ­ هي صحيحة البقباق «أَنَّ شِهَاباً مَارَاهُ فِي رَجُلٍ ذَهَبَ لَهُ بأَلْفُ دِرْهَمٍ، وَاسْتَوْدَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فَقُلْتُ لَهُ: خُذْهَا مَكَانَ الْأَلْفِ التي (الَّذِي) أَخَذَ مِنْكَ، فَأَبَى شِهَابٌ، قَالَ: فَدَخَلَ شِهَابٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ وَتَحْلِفَ»[1]f139.

ورواية عليِّ بن سليمان «قَالَ: كَتَبَت إِلَيْهِ: رَجُلٌ غَصَبَ مَالاً أَوْ جَارِيَةً، ثُمَّ وَقَعَ عِنْدَهُ مَالٌ بِسَبَبِ وَدِيعَةٍ أَوْ قَرْضٍ، مِثْلُ خيانة أو غصب (مَا خَانَهُ أَوْ غَصَبَهُ)، أَيَحِلُّ لَهُ حَبْسُهُ عَلَيْهِ، أَمْ لَا؟ فَكَتَبَ (عليه السلام): نَعَمْ، يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَيُسَلِّمُ الْبَاقِيَ إِلَيْهِ ­ إِنْ شَاءَ الله ­»[2]f140، ولكنَّها ضعيفة بجهالة عليِّ بن سليمان فإنه مشترك وإن كان يظهر أنه البغدادي المجهول.

وأمَّا الرِّوايات الدَّالة على المنع:

فمنها: صحيحة سليمان بن خالد «قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام): عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ لِي عِنْدَهُ مَالٌ، فَكَابَرَنِي عَلَيْهِ، وَحَلَفَ، ثُمَّ وَقَعَ لَهُ عِنْدِي مَالٌ، آخذه (فآخذه) لِمَكَانِ مَالِيَ الَّذِي أَخَذَهُ، وَأَجْحَدُهُ، وَأَحْلِفُ عَلَيْهِ، كَمَا صَنَعَ؟ قَالَ: إِنْ خَانَكَ فَلَا تَخُنْهُ، وَلَا تَدْخُلْ فِيمَا عِبْتَهُ عَلَيْهِ»[3]f141.

ومنها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: قُلْتُ لَهُ: الرَّجُلُ يَكُونُ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ، فَيَجْحَدُه (فيجحدنيه)، ثُمَّ يَسْتَوْدِعُنِي مَالاً، أَلِي أَنْ آخُذَ مَالِي عِنْدَهُ؟ قَالَ: لَا، هَذِهِ الْخِيَانَةُ»[4]f142.

ومنها: رواية ابن أخي الفضيل بن يسار «قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، وَدَخَلَتِ امْرَأَةٌ، وَكُنْتُ أَقْرَبَ الْقَوْمِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لِيَ: اسْأَلْهُ، فَقُلْتُ: عَمَّاذَا؟ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي مَاتَ، وَتَرَكَ مَالاً كَانَ فِي يَدِ أَخِي، فَأَتْلَفَهُ، ثُمَّ أَفَادَ مَالاً، فَأَوْدَعَنِيهِ، فَلِي أَنْ آخُذَهُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَتْلَفَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَا، قَالَ: رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله): أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»[5]f143، وهي ضعيفة بجهالة ابن أخ الفضيل بن يسار.

وقد عرفت أنَّ مقتضى الجمع العرفي حمل الرِّوايات المانعة على الكراهة، خصوصاً بعد معلوميَّة عدم كون المقاصَّة خيانة.

وعليه، فمراد الإمام (عليه السلام) بيان نوع مرجوحيَّة، بسبب كونها في صورة الخيانة التي تأكَّد النَّهي عنها.

وعليه، فما يظهر من بعض الأعلام، مِنَ القول: بعدم الجواز، في غير محلِّه، ويظهر مِنَ المصنِّف (رحمه الله) في كتاب الدَّعوى وتوابعها التَّوقُّف فيه.

ثمَّ إنَّه مخيَّر بين أَخْذ الوديعة، إنْ كانت مساويةً لما له عليه، مع سقوط اعتبار رضا المالك، وبين جواز بيعها وقبض دينه من ثمنها، ويتولَّى هو بنفسه البيع، خلافاً لما ذهب إليه بعض الأعلام من أنَّ الحاكم الشَّرعي هو من يتولَّى البيع.

ولكنَّ الإنصاف: ما عرفت؛ لإطلاق الرِّوايات المتقدِّمة.

ثمَّ إنَّ ظاهر الرِّوايات المتقدِّمة مُلْك المقاصِّ العِوَض الذي يأخذه، وينبغي أن يلزمه انتقال مقابله إلى مُلْك الغاصب؛ لقاعدة عدم الجمع بين العِوَض والمعوض عنه، والله العالم.

الأمر الرَّابع: المعروف بين الأعلام عدم اختصاص جواز المقاصَّة بمباشرة مَنْ له الحقُّ، بل يجوز له أن يوكل غيره في ذلك، وأدلَّة الوكالة غير قاصرة عن شمول ما نحن فيه، كما أنَّه لو كان للصَّغير أو المجنون مال عند آخر، فجحده، جاز لوليهما المقاصَّة منه.

ومن هنا يجوز للحاكم الشَّرعي أن يقتصَّ من أموال مَنْ يمتنع عن أداء الحقوق الشَّرعية من خمس أو زكاة، ونحو ذلك، إلاَّ إذا لزم عنوان آخر مُوجِب للتَّوهين، كما يجوز للحاكم الشَّرعي أن يصالح على الحقِّ أو على بعضه إذا رأى مصلحةً في ذلك؛ لأنَّه وليُّ الفقراء، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وكذا يكره لأحد الشَّريكين إذا خانه الشَّريك مقابلته بفِعْله، إلا بإذنه؛ للرِّواية. (انتهى كلامه)

(1) وهي موثقة الحسين بن المختار «قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الشَّرِيكُ، فَيَظْهَرُ عَلَيْهِ، قَدِ اخْتَانَ شَيْئاً، أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي أَخَذَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ؟ فَقَالَ: شَوْهٌ، إِنَّمَا اشْتَرَكَا بِأَمَانَةِ الله تَعَالَى، وَإِنِّي لَأُحِبُّ لَهُ إِنْ رَأَى شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ عِلْمِهِ»[6]f144، وإنَّما حُمِلت على الكراهة لوجَهْين:

الأوَّل: ما تقدَّم مِنَ الجواز مطلقاً.

الثَّاني: ذَيْل الموثَّقة، فإن قوله (عليه السلام): «ومَاْ أُحِبُّ»، ظاهر في الكراهة، والله العالم.



[1] الوسائل باب 83 من أبواب ما يكتسب به ح2.

[2] الوسائل باب 83 من أبواب ما يكتسب به ح9.

[3] الوسائل باب83 من أبواب ما يكتسب به ح7.

[4] الوسائل باب83 من أبواب ما يكتسب به ح11.

[5] الوسائل باب83 من أبواب ما يكتسب به ح3.

[6] الوسائل باب 5 من أبواب كتاب الشَّركة ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3704
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 23-03-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27