• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : بقية احكام الزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 154 _بقيّة أحكام الزكاة 4 .

الدرس 154 _بقيّة أحكام الزكاة 4

 

وأمَّا القول الآخر الدال على جواز التعجيل، فقد استدلّ له بجملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار المتقدِّمة، حيث ورد فيها «قلتُ: فإنَّها لا تحلُّ عليه إلاَّ في المحرَّم، فيعجِّلها في شهر رمضان؟ قال: لا بأس»([1]).

ومنها: صحيحة حماد بن عثمان المتقدِّمة أيضاً عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: لا بأس بتعجيل الزَّكاة شهرَيْن وتأخيرها شهرَيْن»([2]).

ومنها: صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) ­ في حديث ­ «أنَّه سأله عن رجل حال عليه الحَوْل وحلَّ الشَّهر الَّذي كان يُزكِّي فيه، وقد أتى لنصف ماله سنة، ولنصفه الآخر ستَّة أشهرٍ، قال: يزُكِّي الَّذي مرَّت عليه سنة ويدع الآخر حتَّى تمرَّ عليه سنة، قلتُ: فإنَّه اشتهى أن يزكّي ذلك، قال: ما أحسن ذلك»([3]).

ومنها: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: سألته عن الرجل، يُعجِّل زكاته قبل المحلّ؟ فقال: إذا مضت خمسة أشهر فلا بأس»([4])، وهي ضعيفة بالإرسال، وبعدم وثاقة أبي سعيد المكاري.

ومنها: مرسلة الحسين بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: سألته عن رجل يأتيه المحتاج، فيعطيه من زكاته في أوّل السَّنة؟ فقال: إن كان محتاجاً فلا بأس»([5])، وهي ضعيفة بالإرسال.

إذا عرفت ذلك، فنقول: قد جمع الشَّيخ (رحمه الله) في التَّهذيب والاستبصار بين الرِّوايات المستدلّ بها للقول المشهور وبين الرِّوايات المستدلّ بها للقول بجواز التَّعجيل بحمل الرِّوايات الدَّالّة على جواز التَّعجيل على أنَّ التَّقديم على سبيل القرض، لا أنَّه زكاة معجَّلة.

قال (رحمه الله) في التَّهذيب: «ليس لأحد أن يقول: إنَّ هذه الأخبار مع تضادّها لا يمكن الجمع بينها؛ لأنَّه يمكن ذلك؛ لأنَّه لا يجوز عندنا تقديم الزَّكاة إلاّ على جهة القرض، ويكون صاحبه ضامناً له متى جاء وقت الزَّكاة، وقد أيسر المُعطى، وإن لم يكن أيسر فقد أجزأ عنه. وإذا كان التَّقديم على هذا الوجه فلا فرق بين أن يكون شهراً أو شهرَيْن أو ما زاد على ذلك. والذي يدلّ على هذه الجملة ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن أحمد، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن الأحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «في رجلٍ عجّل زكاة ماله، ثمّ أيسر المعطى قبل رأس السنة، قال: يُعيد المعطي الزكاة»([6])». إلى آخر ما ذكره الشيخ (رحمه الله) في التهذيب.

أقول: وجه الاستشهاد بصحيحة الأحول هو: أنَّ المدفوع قبل وقت الوجوب لو كان بعنوان الزَّكاة لكان معنى ذلك أنَّ المدفوع إليه يملك هذا المال، ولا معنى حينئذٍ للإعادة لو أيسر قبل رأس السَّنة؛ لأنَّ الدَّفع صدر من أهله ووقع في محلِّه.

نعم، إنَّما يتَّجه القول بالإعادة لو أيسر إذا كان المدفوع بعنوان القرض.

وعليه، فقوله (عليه السلام): «يُعيد المُعطى الزَّكاة» يكون شاهداً على أنَّ الدَّفع كان بعنوان القرض.

ويرد على ما ذكره الشَّيخ (رحمه الله): أنَّ الرِّوايات دلَّت على أنَّ التَّقديم إنَّما هو بعنوان الزَّكاة لا القرض، كما أنَّ التَّأخير كذلك، وإلاَّ لم يصدق أنَّه عجل زكاته، بل يُقال: أقرض.

وأيضاً لو كان التَّقديم بعنوان القرض لما كان معنى للاقتصار على الشَّهرَيْن أو الثَّلاثة ونحو ذلك؛ إذ القرض لا يتقيّد بتلك المدَّة فقط.

كما أنَّ القرض لا يتقيَّد باحتياج المُعطى، بل يجوز القرض، وإن كان المُعطى غنيّاً.

والخلاصة: أنَّ ما ذكره الشَّيخ (رحمه الله) من الحمل على كون التَّقديم بعنوان القرض ليس تامّاً.

كما أنَّ حملها على إرادة تقديم نيَّة كونها زكاةً والإجتزاء باستمرار هذا العزم إلى حصول وقت الوجوب، فتكون زكاةً حينئذٍ عند حلول الوقت؛ باعتبار حصول الدَّاعي سابقاً والاستمرار عليه ­ على نحو ما يحصل في نيَّة الصَّوم ­ ليس تامّاً أيضاً؛ لعدم الدَّليل عليه.

ومقتضى الإنصاف: حمل الرِّوايات الدَّالّة على جواز التَّعجيل على التَّقيّة؛ لأنَّ العلاَّمة (رحمه الله) في التَّذكرة حكى عن الحسن البصريّ وسعيد بن جُبير والزُّهريّ والأوزاعيّ وأبي حنيفة والشَّافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد جواز التَّعجيل مع وجود سبب الوجوب، وهو النِّصاب.

والنَّتيجة في نهاية المقام: أنَّ ما ذهب إليه جُلّ الأعلام من عدم جواز التَّقديم بعنوان الزَّكاة هو الصَّحيح، والله العالم.

 

([1]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح9.

([2]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح11.

([3]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح4.

([4]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح12.

([5]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح10.

([6]) الوسائل باب 50 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3635
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 10-05-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 26