• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : اوصاف المستحقين للزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 144 _اوصاف المستحقين للزكاة 19 .

الدرس 144 _اوصاف المستحقين للزكاة 19

 

وقدِ استدلّ للقول بالتَّفصيل الَّذي ذهبنا إليه ­ وقلنا: إنَّه مقتضى القاعدة ­ بحسنة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ­ في حديث ­ «قال: قلتُ له: رجلٌ عارف أدَّى زكاته إلى غير أهلها زماناً، هل عليه أن يؤديِّها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال: نعم، قال: قلتُ: فإن لم يعرف لها أهلاً فلم يؤدِّها، أو لم يعلم أنَّها عليه فعلم بعد ذلك؟ قال: يؤدِّيها الى أهلها لما مضى، قال: قلتُ له: فإنَّه لم يعلم أهلها فدفعها إلى مَنْ ليس هو لها بأهل، وقد كان طلب واجتهد، ثمَّ علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال: ليس عليه أن يؤدّيِها مرَّة أخرى»([1]).

وحسنة زرارة المروية في التَّهذيب، وهي مثل حسنة عبيد بن زرارة غير أنَّه قال: «إنِ اجتهد فقد برئ، وإن قصر في الاجتهاد والطَّلب فلا»([2]).

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ هاتَيْن الحسنتَيْن أجنبيتان عن محلِّ النِّزاع؛ لأنَّ المراد بغير الأهل في قوله: «أدّى زكاته إلى غير أهلها زماناً» هو المخالف، بقرينة وصف الدَّافع بالعارف «قلتُ له: رجل عارف»، وقد فرض أنَّه فحص عن أهل المعرفة، فلم يجد فدفع بعد اليأس إلى مَنْ يعلم أنَّه ليس بأهل، وهو المخالف.

وعليه، فلا يصلحان للدلالة على ما نحن فيه.

والخلاصة إلى هنا: أنَّ المتعيّن هو العمل على مقتضى القاعدة، وقد عرفت ما هو مقتضى الإنصاف فيها.

بقي الكلام في الفرق فيما لو ظهر الآخذ غير مستحقّ بين كونه غير فقير، وكونه كافراً أو فاسقاً ­ بناءً على اعتبار العدالة ­ أو ممَّنْ تجب نفقته، أو كونه هاشميّاً، وكان الدَّافع من غير قبيله.

ومقتضى الإنصاف: عدم الفرق؛ لاتّحاد الجميع في الدخول تحت ما تقدّم من الأدلّة.

ولكن يظهر من بعض متأخِّري المتأخِّرين إطباق الأصحاب على عدم الضَّمان فيما لو ظهر كونه كافراً، أو فاسقاً، أو ممَّنْ تجب نفقته، أو هاشميّاً وكان الدَّافع من غير قبيله.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ هذا الإجماع في غير محلِّه؛ لعدم حُجِّيّته.

وعليه، فلا فرق بين تخلُّف وصف الفقر وغيره من الأوصاف المعتبرة من الإيمان وغيره.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو ظهر عبده لم يُجزئ، بخلاف ما لو ظهر واجب النَّفقة كالزَّوجة(1)

(1) قد عرفت أنَّه لا فرق بين تخلُّف وصف الفقر، وتخلُّف غيره من الأوصاف المعتبرة.

ولكنِ استثنى غير واحد من الأعلام ­ ومنهم المصنِّف (رحمه الله) هنا ­ مسألة ما لو ظهر المدفوع إليه أنَّه عبد للمالك، فإنَّ الإعادة فيه واجبة مطلقاً؛ لأنَّ المال لم يخرج عن ملك المالك بذلك.

واستشكل جماعة من الأعلام على هذا الاسثناء، وذكروا أنَّه لا فرق بينه وبين غيره، منهم صاحب المدارك (رحمه الله)، حيث قال: «بأنَّ ذلك آتٍ بعينه في سائر الصُّور، فإن غير المستحقّ لا يملك الزَّكاة في نفس الأمر سواء كان عبد المالك أو غيره، والجواب عن الجميع واحد وهو تحقُّق التَّسليم المشروع المقتضي للإجزاء».

وأشكل صاحب الجواهر (رحمه الله) على كلام صاحب المدارك (رحمه الله)، قال: «وفيه: أنَّه يمكن الفرق بين العبد وغيره بأنَّ الدَّفع إليه ليس إيتاءً، بخلاف الدَّفع إلى غيره، فإنَّه إيتاء، إلاَّ أنَّه فقد شرط الصِّحّة في الواقع، لا الملك وعدمه حتَّى يتّجه عليه ما ذكره، والمراد بعدم الخروج عن ملك المالك أنَّه وقع المال في يد ماله ­ يقصد بماله، عبده لأنه مال المولى ­، فهو كما لو عزله وجعله في صندوق ونحوه، ولعلَّه لذا خصّ الاستثناء في عبد الدَّافع لا مطلق العبد...».

ولكنَّ الإنصاف: أنَّه لا وجه لمنع صدق الإيتاء مع صرفها عليه، كصرفها على غيره من الفقراء.

والخلاصة: أنَّ هذا الاستثناء في غير محلِّه، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وفي الزَّوجة مع عدم إنفاقه عليها نظر(1)

(1) والإنصاف: أنَّ الزَّوجة مع عدم الإنفاق عليها، وإن كانت تملك النَّفقة في ذمَّة الزَّوج، إلاَّ أنَّه إذا لم يمكن إجباره على الدَّفع تكون فقيرةً، وتستحقّ الزَّكاة، فلا يُقال: إنَّ الآخذ ظهر أنَّه غير مستحقّ.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: نعم، لا يرتجع منها مع التَّلف، ولو قلنا: بعدم الإجزاء(2)

(2) تقدَّم الكلام فيها عند قولنا: وأمَّا إن كانت تالفةً، وأمكن إرجاع مثلها أو قيمتها، فراجع، فإنَّه مهم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو دفع زيادة عن النَّفقة الواجبة ارتجعت إن أمكن، وإلاَّ أجزأت(3)

(3) قدِ اتَّضح حكمها ممَّا تقدَّم، فلا حاجة للإعادة.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو صرف الغارم والغازي وابن السَّبيل في غير سبب استحقاقه ارتجع(4)

(4) لأنَّ هؤلاء إنَّما يملكون المال ليصرفوه في وجه مخصوص، فلا يسوغ لهم صرفه في غيره.

وعليه، فإذا تمكَّن المالك من إرجاعه جاز له ارتجاعه، بل وجب عليه ذلك حسبةً؛ لأنَّه مال يصرف في جهة خاصَّة، فلا يصرف في غيرها.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا حجر على الباقين(5)

(5) المعروف أنَّه لا حجر على الباقين من الفقراء والمساكين وباقي الأصناف؛ إذ لهم التّصرُّف فيه كيف شاؤوا، فالفقير لا يحتكم عليه فيما يأخذه من الزَّكاة بأن ينفقه.

نعم، وقع الكلام في سهم الرِّقاب، فلو صرفه في غيره، فهل إذا تمكَّن المالك من إرجاعه يجوز له إرجاعه، أو لا يرتجع؛ لأنَّه ملكه بالقبض، فكان له التّصرُّف فيه كيف شاء؟

تقدَّم الكلام في هذه المسألة عند الكلام عن سهم الرِّقاب، حيث قال المصنِّف (رحمه الله) سابقاً: «ولو دفعه في غيرها ارتجع»، حيث قلنا هناك: إنَّ الزَّكاة التي تصرَف في أداء مال الكتابة يتعيّن صرّفها في هذا الوجه، سواء أعطيت بيد السّيِّد أو بيد العبد ليفكّ بها رقبته، ولا يملكها العبد بقبضها ملكاً طلقاً، بحيث لو فرض حصول العتق بدونه يبقى المال في ملكه، بل يُرتجع في مثل الفرض؛ لأنَّها لم تصرّف في الرِّقاب، فراجع ما ذكرناه، فإنَّه مهمّ؛ هذا كلُّه إذا دفع إليه من سهم الرِّقاب.

وأمَّا إذا دفع إليه من سهم الفقراء، ولم يصرفه في أداء مال المكاتبة، فقد ذكرنا ما هو الصَّحيح في المقام، فراجع.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو فضل عن الغرم أو السَّفر أعاده(1)

(1) أمَّا أنَّه يعيد ما فضل عن الغُرم: فلما عرفت من أنَّ المال يصرف في هذه الجهة فقط، فإذا فضل منه شيء يُرتجع؛ لأنَّه لم يملكه ملكاً طلقاً، فإذا لم يحتج إليه في هذه الجهة ارتُجع.

وأمَّا وجه الإعادة فيما يفضل عمَّا يُعطى لابن السَّبيل: فلأن الصَّدقة لا تحلّ لغنيّ، وقد أبيحت لابن السَّبيل ­ الذي هو غنيّ في بلده ­ لمكان حاجته الفعليّة العارضة له في أثناء الطَريق، وهي لا تقتضي إباحتها له إلاَّ بمقدار حاجته في وقت احتياجه، فلو دفع إليه أزيد من مقدار حاجته، أو بمقدار حاجته، ولكنَّه لم يصرفه في حاجته حتَّى وصل إلى بلده، فقد صار إلى حال لا تحلّ الصَّدقة له فيها، فعليه إيصال ما بقي عنده من الصَّدقة إلى مستحقّها.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: بخلاف ما يفضل مع الغازي(1)

(1) لا خلاف بين الأعلام في أنَّه إذا غزا لم يرتجع ما بقي منه عنده، بل عن العلاَّمة (رحمه الله) في التَّذكرة أنَّه موضع وفاق بين العلماء؛ لأنَّه ملكه بالقبض، وكونه كالإجارة له في عمله، أو كالنَّفقة التي لا ريب في ملك ذيها ما يفضل منها بما يُضيِّق على نفسه، فلا يسترد.

نعم، إن لم يغزُ أو رجع من الطَّريق استُعيد؛ لأنَّه إنَّما ملكه ليصرفه في الوجه المخصوص، ولم يحصل، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا يُشترط فيه ولا في العامل الفقر(2)

(2) أمَّا عدم اشتراط الفقر في ابن السبيل، فللاتفاق بينهم على أنَّه يُعطى وإن كان غنيّاً، وإنَّما يُعطى قدر كفايته على حسب حاله شرفاً وضِيعةً، وحسب قرب المسافة وبعدها.

وأمَّا عدم اشتراط الفقر في العامل، فقد تقدَّم الكلام عنه عند الكلام عن سهم العاملين، وقلنا: إنَّه لا يُشترط فيه الفقر، فراجع.

 

([1]) الوسائل باب 2 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.

([2]) الوسائل باب 2 من أبواب المستحقين للزكاة ح2، والتهذيب ج4 ­ 103/291.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3624
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 31-03-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27