• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : اصناف المستحقين للزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 105 _اصناف المستحقين للزكاة 6 .

الدرس 105 _اصناف المستحقين للزكاة 6

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويمنع مَنْ يكتفي بكسبه ولو ملك خمسين، كما لا يمنع مَنْ لا يكتفي به، ولو ملك سبعمائة درهم (1)

(1) كما عرفت سابقاً، ويدلُّ عليه بعض الرِّوايات، منها موثَّقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: قَدْ تحلُّ الزَّكاةُ لصاحب السَّبعمائة، وتُحرم على صاحب الخمسين دِرْهماً، فقلتُ له: وكَيْف يكون هذا؟ قَاْل: إذا كان صاحب السَّبعمائة له عيالٌ كثيرٌ، فلو قسّمها بينهم لم تكفِه، فليعفّ عنها نفسه، وَلْيأخذها لعياله، وأمَّا صاحب الخمسين فإنَّه تَحرْم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب منها ما يكفيه ­ إن شاء الله ­»([1])، وكذا غيرها.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وكذا ذو الصَّنعة والضَّيعة (2)

(2) أمَّا ذو الصَّنعة التي لا يفي حاصلها بمؤونته، فقد تقدَّم جواز أخذه الزَّكاة، وذكرنا أيضاً موثَّقة سماعة، فإنَّ موردها، وإن كان هو الدَّار المعدَّة للإيجار ­ والتي عبَّر عنها في الموثَّقة بدار غلَّة ­ إلاَّ أنَّه لا خصوصيَّة للدَّار، فيعمُّ غيرها من ضيعة ودكَّان وخان، ونحو ذلك.

وأمَّا ذو الصَّنعة اللاَّئقة بحاله التي تقوم بكفايته كالصِّياغة والحياكة والخياطة، ونحوها، فلا تحلُّ له الزَّكاة؛ لأنَّه كالغني، وأمَّا إن لم تقم بكفايته، فيجوز له الأخذ.

وأمَّا القدرة على الكَسْب والصَّنعة غير اللاَّئقين بحاله، فليست مانعةً عن أخذ الزَّكاة حتماً، فلا يكلف الرَّفيع والوجيه ببيع الحطب والحرث، وخدمة من دونه في الشَّرف، وأشباه ذلك ممَّا فيه مذلَّة في العرف والعادة، فإنَّ ذلك أصعب من بيع خادمه وداره، وقد عرفت عدم لزوم البيع.

ثمَّ إنَّه بقي الكلام في حال قدرته على الكسب والصّنعة اللاَّئقين بحاله، ولكنَّه لم يكتسب تكاسلاً، فهو محترف بالقوَّة.

وبعبارة أخرى: مَنْ كانت بيده صنعة وحرفة، ولكنَّه لم يكتسب تكاسلاً، فهل يجوز له أخذ الزكاة أم لا؟

قال صاحب الجواهر (رحمه الله): «أمَّا إذا لم يكن محترفاً فعلاً، إلاَّ أنَّه قابل لاكتساب ذلك، فلا يخلو من إشكال ينشأ من اختلاف عبارات الأصحاب في المقام؛ لظهور جملة منها في اعتبار كونه محترفاً فعلاً، وأخرى في الاكتفاء بقدرته على ذلك».

ثمَّ ذكر عبارات الأعلام والرِّوايات الواردة في المقام، ثمَّ اختار جواز إعطاء ذي القوَّة إذا لم يكن محترفاً فعلاً.

ومن جملة ما استُدلّ به على الجواز قوله: «والسِّيرة المستمرَّة في سائر الأعصار والأمصار على إعطائها للأقوياء القابلين للاكتساب، اللَّهمَّ إلاَّ أن يُحمل ذلك على حاجتهم الفعليَّة وإن كان ذلك بسبب تركه التَّكسُّب المقدور له، ­ إلى أن قال ­ لكنَّ الأقوى في النَّظر الجواز مطلقاً وإن كان الأولى له التنزُّه عنها إذا لم يكن مشغولاً بطلب العلم على وجه لا يمكنه الاجتماع مع الكَسْب».

أقول: ينبغي تحرير محلّ النِّزاع في المقام، فإنَّه لا إشكال في جواز أخذ الزَّكاة إذا مضى وقت الاكتساب، وكان بالفعل محتاجاً، وإن كان مضى وقت الاكتساب باختياره وإرادته، كما لو ترك المحترف الحرفة فاحتاج في زمان لا يقدر عليها، كما لو ترك العمل نهاراً، فاحتاج إلى المؤونة في اللَّيل، وكما لو ترك البنّاء عمل البناء في الصَّيف، فاحتاج في الشِّتاء، مع عدم حصول ذلك العمل له فيه ففي هذه الحالة لا إشكال في جواز أخذه للزَّكاة؛ لكونه فقيراً بالفعل، وإن كان التَّرك مستنداً إلى اختياره.

وعليه، فمحلّ النِّزاع: مَنْ كان يقدر على كسب لائق بحاله وافٍ بمؤونته، ولم يخرج وقت الاكتساب، ككثير من البطّالين وأهل السُّؤال وأشباههم ممّن لهم القدرة والقوَّة على كثير من الصَّنائع والحِرَف اللاَّئقة بحالهم ولكنَّهم تعوَّدوا على التعيُّش بأخذ الصَّدقات والصَّبر على الفقر والفاقة وتحمُّل ذلّ السُّؤال وتناول وجوه الصَّدقات والخيرات وترك الاكتساب مع عدم خروج وقته، فهؤلاء هل يأخذون الزكاة أم لا؟

وقد عرفت أنَّ جماعة من الأعلام ذهبوا إلى جواز الأخذ، منهم صاحب الجواهر (رحمه الله)، وادَّعى قيام السِّيرة المستمرَّة في سائر الأعصار والأمصار على إعطائها للأقوياء القابلين للاكتساب، وذهب المشهور إلى عدم الجواز.

وقد يُستدلّ لهم بأمرَيْن:

الأوَّل: عدم صِدْق الفقر عليهم عرفاً، بل يصدق عليهم عنوان الغنى؛ لقدرتهم بالفعل على الاكتساب مع عدم خروج الوقت.

الثَّاني: جملة من الرِّوايات:

منها: حسنة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَاْل: سمعته يقول: إنَّ الصَّدقة لا تحلُّ لِمُحْترِف، ولا لذي مرَّة سويّ قويّ، فتنزّهوا عنها»([2])، والمراد بذي مرّة: القويّ القادر على الاكتساب.

ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رسولُ الله (ص): لا تحلُّ الصَّدقة لغنيٍّ ولا لذي مرَّة سويّ، ولا لمحترف ولا لقويّ، قُلْنا: ما معنى هذا؟ قَاْل: لا يحلُّ له أن يأخذها وهو يقدر على أن يكفَّ نفسه عنها»([3]).

ومنها: رواية أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) «أنَّه كَاْنَ يَقُول: لا تحلُّ الصَّدقةُ لغنيٍّ ولا لذي مرَّة سويّ»([4])، ولكنَّها ضعيفة بأبي البُختريّ.

 

([1]) الوسائل باب 12 من أبواب المستحقّين للزَّكاة ح2.

([2]) الوسائل باب 8 من أبواب المستحقّين للزَّكاة ح2.

([3]) الوسائل باب 8 من أبواب المستحقين للزكاة ح8.

([4]) الوسائل باب 8 من أبواب المستحقين للزكاة ح11.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3584
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 18-01-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 06 / 15