• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة النقدين / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 55 _زكاة النقدين 1 .

الدرس 55 _زكاة النقدين 1

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: يشترط في زكاة النَّقدَيْن: الحَوْل(1)

(1) قال في المدارك: «اعتبار الحَوْل في زكاة النَّقدَيْن مجمعٌ عليه بين العلماء، والأخبار به مستفيضةٌ»، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه، بلِ الإجماع بقسمَيْه عليه، والنُّصوص دالَّة عليه عموماً وخصوصاً منهما...».

أقول: لا إشكال في اعتبار الحَوْل في زكاة النَّقدَيْن، بل تسالم عليه الأعلام، بحيث خرجت عنِ الإجماع المصطلح عليه، واتَّفق الكلُّ على ذلك قديماً وحديثاً، بحيث لم يخالف في ذلك متفقِّه فضلاً عن فقيه.

ومع ذلك، فالرِّوايات الدَّالَّة على ذلك مستفيضةٌ:

منها: صحيحة علي بن يقطين عن أبي إبراهيم (عليه السلام) «قَاْل: قلتُ له: إنَّه يجتمع عندي الشَّيء، فيبقى نحواً من سنة، أنزكِّيه؟ فقال: لَاْ، كلُّ مَاْ لَمْ يحلْ عليه الحَوْل فليس عليك فيه زكاةٌ، وكلُّ مَاْ لَمْ يكن ركازاً فلَيْس عليك فيه شيءٌ، قال: قلتُ: وما الرّكاز؟ قَاْل: الصَّامت المنقوش، ثمَّ قَاْل: إذا أردتَ ذلك فاسْبكه، فإنّه لَيْس في سبائك الذَّهب ونقار الفضَّة شيءٌ مِنَ الزَّكاة»([1])، وهي حسنةٌ بطريق الكليني، وصحيحةٌ بطريق الشَّيخ في التَّهذيب.

ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «أنَّه قَاْل: الزَّكاةُ على المالِ الصَّامت الَّذي يحول عليه الحَوْل، ولم يحرِّكْه»([2]).

ومنها: حسنة زرارة «قَاْل: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): رجلٌ كان عنده مائتا دِرْهمٍ غير درهمٍ، أحد عشر شهراً، ثمَّ أصاب دِرْهماً بعد ذلك في الشَّهر الثَّاني عشر، فكملت عنده مائتا دِرْهمٍ، أعليه زكاتها؟ قَاْل: لَاْ، حتَّى يحول عليها الحَوْل وهي مائتا دِرْهمٍ، فإن كانت مائةً وخمسين دِرْهماً فأصاب خمسين بعد أن مضىٰ شهر فلا زكاة عليه حتَّى يحول على المائتَيْن الحَوْل، قلتُ له: فإنْ كانت عنده مائتا دِرْهمٍ غير دِرْهمٍ، فمضى عليها أيّامٌ قبل أن ينقضي الشَّهر، ثمَّ أصاب درهماً، فأتى على الدَّراهم معَ الدِّرْهم حَوْل، أعليه زكاةٌ؟ قَاْل: نعم، وإنْ لم يمضِ عليها جميعاً الحَوْل فلا شيء عليه فيها...»([3])، وكذا غيرها منَ الرِّوايات.

 

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والسِّكَّة(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يشترط في وجوب الزَّكاة النَّقدين أن يكونا مضروبَيْن دنانير ودراهم منقوشَيْن بسكَّة المعاملة.

وفي المدارك: «هذا قول علمائنا أجمع، وخالف فيه العامَّة، فأوجبوا الزَّكاة في غير المنقوش إذا كان نقاراً»، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به بعضهم، بل في الغنية والتَّذكرة والمدارك ومحكيِّ الانتصار الإجماع عليه».

أقول: يدلُّ على ذلك ­ مضافاً لما تقدَّم ­ بعض الرِّوايات:

منها: صحيحة عليِّ بن يقطين المتقدِّمة، حيث ورد فيها «وكلُّ مَاْ لَمْ يكن ركازاً فلَيْس عليك فيه شيءٌ، قال: قلتُ: وما الرّكاز؟ قَاْل: الصَّامت المنقوش، ثمَّ قَاْل: إذا أردتَ ذلك فاسْبكه، فإنّه لَيْس في سبائك الذَّهب ونقار الفضَّة شيءٌ مِنَ الزَّكاة»([4])، قال في القاموس: «الصَّامت منَ المال: الذَّهب والفضَّة».

والمراد بالسَّبائك قِطَع الذَّهب غير المضروبة، وبالنَّقار مثلها من قِطَع الفِضَّة.

ومنها: مرسلة جميل عن بعض أصحابنا «أنَّه قَاْل: ليس في التِّبرِ زكاةٌ، إنَّما هي على الدَّنانير والدَّراهم»([5])، وهي ضعيفة بالإرسال، وبعليِّ بن حديد.

ومنها: ما رواه الشَّيخ بإسناده عن جميل بن درَّاج عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) «قال: ليس في التِّبر زكاةٌ، إنَّما هي على الدَّنانير والدَّراهم»([6])، وهي ضعيفة أيضاً؛ لعدم وثاقة جعفر بن محمَّد بن حكيم.

والمراد من (التِّبر) على ما حكاه الجوهري: «هو ما كان من الذَّهب غير مضروبٍ، فإذا ضُرِب دنانير فهو: عينٌ».

ثمَّ إنَّه لا يتفاوت الحال بين كون السِّكة بالكتابة، وبين غيرها من الأشكال، كما لو كان النَّقش بعمارة أو منارة ونحوها، ولا فرق أيضاً بين كونها سِكَّة الإسلام أو الكفر، ولا بين عموم رواجها في سائر البلاد أو في خصوص بلد ولو من البلاد النَّائية، ولا بين سكَّة السُّلطان وغيرها إن جرت في المعاملة.

 

 

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وإنْ هُجِرتْ(1)

(1) ذكر جماعة من الأعلام أنَّه لا فرق بين بقاء الدِّينار والدِّرْهم على ما كانا عليه من المعاملة بهما، وبين هجرهما وسقوط سكتهما عن الاعتبار، وفي الجواهر: «بل لم أرَ فيه خلافاً، كما اعترف به في محكيِّ الرِّياض؛ للاستصحاب والإطلاق، وغيرهما...».

أقول: قدِ استُدلَّ لوجوب الزَّكاة فيهما، وإن هُجرا وسقطت سِكَّتهما عن الاعتبار، بثلاثة أدلَّة:

الأوَّل: إطلاق أدلَّة وجوب الزَّكاة في الدِّينار والدِّرْهم، فإنَّه يشمل صورة هجرانهما.

وأمَّا دعوى الانصراف إلى صورة التَّعامل بهما، فعهدتها على مدَّعيها، وهو ­ في الواقع ­ انصراف خارجيٌّ لا يضرُّ بالإطلاق.

وأمَّا القول: بسقوطهما عن الاتصاف بكونهما ديناراً ودرهماً بعد الهَجْر، ففي غير محلِّه أيضاً؛ إذ يصدق عند العرف مسمَّى الدِّينار والدِّرْهم بعد الهجر وسقوط سِكَّتهما، فالتَّشكيك في ذلك في غير محلِّه.

الدَّليل الثَّاني: الاستصحاب، حيث إن الزَّكاة كانت واجبة فيهما سابقاً، فيبقى الحال على ما كان.

ويرد عليه أوَّلاً: أنَّه من الاستصحاب التَّعليقيِّ؛ إذِ الوجوب ليس فعليّاً، بل هو معلَّقٌ على تقدير حلول الحَوْل، وبقاء العين إلى آخر الحَوْل.

وعليه، فليس هو حكماً فعليّاً ومنجّزاً حتى يستصحب، وقد ذكرنا في علم الأصول الإشكال المعروف في الاستصحاب التَّعليقيِّ.

وثانياً: أنَّه من استصحاب الحكم الكلِّيِّ، وقد عرفت عدم جريانه؛ لأنَّ استصحاب الحكم المجعول معارَضٌّ باستصحاب عدم الجَعْل، فراجع ما ذكرناه.

وأمَّا الإشكال على هذا الاستصحاب: بأنَّ الموضوع قد تبدَّل ­ كما عنِ السَّيِّد الخوئيِّ (رحمه الله)، حيث قال: «أنَّ الموضوع قد تبدَّل، إذ لم يكن معروض الوجوب ذات المسكوك، بحيث يكون الاتِّصاف بالدِّرْهم أو الدِّينار من قبيل تبدُّل الحالات، بل الوصف العنواني دخيلٌ ومقوِّمٌ للموضوع، كما لا يخفى، ومعه لا مجرى للاستصحاب».

ففيه: ما ذكرناه من أنَّ الموضوع لم يتغيَّر، بل يصدق عليهما الدِّينار والدِّرْهم بعد الهجران، وهذا العرف ببابك.

 

([1]) الوسائل باب 8 من أبواب زكاة الذَّهب والفضَّة ح2.

([2]) الوسائل باب 15 من أبواب زكاة الذَّهب والفضَّة ح4.

([3]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الذَّهب والفضَّة ح1.

([4]) الوسائل باب 8 من أبواب زكاة الذَّهب والفضَّة ح2.

([5]) الوسائل باب 8 من أبواب زكاة الذهب والفضة ح3.

([6]) الوسائل باب 8 من أبواب زكاة الذهب والفضة ح5.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3534
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 19-10-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 26