• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : ما يشترط في وجوب الزكاة .
                    • الموضوع : الدرس 19 _ما يشترط في وجوب الزكاة 8 .

الدرس 19 _ما يشترط في وجوب الزكاة 8

وأمَّا الكلام عن متن الحديث: «الإسلام يجب ما قبله»، فحاصله: أنَّ الأثر إذا كان ثابتاً في الشَّريعة الإسلاميَّة، ولم يكن ثابتاً قبلها عند الكفَّار، فهذا الأمر لا يترتَّب على فِعْل الكافر، أو قوله، إذا أسلم، بل يكون فِعْله كالعدم من هذه الجهة.

وكذا الحال بالنسبة لترك الأفعال التي يلزم قضاؤها كالعبادات مثلاً، بأن ترَك الصَّلاة والصَوم والحجَّ، وغيرها، فهذه الأمور إذا تركها المسلم يجب عليه قضاؤها، وأمَّا إذا تركها الكافر، ثمَّ أسلم، فلا يجب عليه قضاؤها.

وممَّا ذكرنا تعرف أنَّ الأثر لو كان مترتِّباً على فِعْل الكافر، أو قوله، أو على ترك ذلك، بحيث كان ثابتاً في دينهم أيضاً، ولا اختصاص له بالشَّريعة الإسلاميَّة، فإنَّه لا يرتفع، كالدُّيون الماليَّة، والضَّمانات، وغيرهما مما هو ثابت في شريعتهم أيضاً.

وأمَّا المخالف الذي استبصر، فإنَّ مقتضى القاعدة هي إعادة جميع ما فاته مِنَ التَّكاليف الثَّابتة في الإسلام، ماليَّةً كانت أم بدنيَّةً.

وأمَّا التَّكاليف المأتيُّ بها على وفق مذهبه قبل استبصاره، فإنَّ القاعدة، وإن كانت تقتضي إعادتها، إلاَّ أنَّه ورد النَّصُّ الصَّحيح عن أهل البيت (عليهم السلام) بعدم وجوب إعادتها عليه سوى الزَّكاة، فإنَّه لا بدَّ من إعادتها ودفعها في مصرفها.

ففي صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) «أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي بَعْضِ هذِهِ الْأَهْوَاءِ الْحَرُورِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْعُثْمَانِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، ثُمَّ يَتُوبُ، وَيَعْرِفُ هذَا الْأَمْرَ، وَيَحْسُنُ رأيُه، أَيُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلاَّهَا، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ زَكَاةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ، غَيْرِ الزَّكاة، ولَابُدَّ أَنْ يُؤَدِّيَهَا؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ الزَّكاة فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَإِنَّمَا مَوْضِعُهَا أَهْلُ الْوَلَايَةِ»([1]).

والخلاصة إلى هنا: أنَّ الكافر إذا أسلم سقطت عنه الزَّكاة، فإذا كان النِّصاب باقياً، فيستأنف الحَوْل من حين الإسلام، كما صرَّح بذلك غير واحد من الأعلام، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: أمَّا الردَّة، فإن كانت عن فطرة انقطع الحَوْل(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّ المسلم إذا ارتدَّ عن فطرة قبل الحول، لم تجب الزَّكاة؛ لخروج أمواله عن ملكه بالرِّدَّة، وانتقالها إلى ورثته، فيستأنفون الحَوْل عند ذلك، ولا يعتبر بما مضى مِنَ الحول، كما لو مات.

وأمَّا إن كان الارتداد بعد الحَوْل، فوجبت الزَّكاة لوجود المقتضي وانتفاء المانع، ويتولى إخراجها الإمام (عليه السلام) أو القائم مقامه.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وإلاَّ فلا، ما لم يُقتل أو يمت، وفي المبسوط: أو ينتقل إلى دار الحرب(2)

(2) المعروف بين الأعلام أنَّ الارتداد إذا كان عن مِلَّة، فتجب الزَّكاة عليه عند تمام الحَوْل، إذا لم يُقْتل أو يمت، لبقاء النِّصاب على ملكه، فهو مكلَّف بها.

ولكن عن الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: «وإنْ كان قد أسلم عن كفر، ثمَّ ارتدَّ لم يزل ملكه ­ إلى أن قال: ­ فإنْ لَحِق بدار الحرب، ولا يقدر عليه، زال ملكه، وانتقل المال إلى ورثته، إنْ كان له ورثة، وإلاَّ إلى بيت المال؛ وإن كان حال عليه الحَوْل أخذ منه الزَّكاة؛ وإن لم يحل عليه لم يجب عليه شيء...».

وفيه: أنَّه لا دليل عليه، بلِ المال يبقى له، ولا ينتقل إلى ورثته.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وليس المنع مِنَ التَّصرُّف هنا مانعاً(3)

(3) المعروف بين الأعلام أنَّ المسلم إذا ارتدَّ عن ملَّة حُجِر عليه، ولم يزل ملكه.

والأقرب عندنا: أنَّ الحجر عليه بنفس الرِّدة، لا بحكم الحاكم، وينفق عليه ما دام حيّاً، والمنع مِنَ التَّصرُّف لا يمنع وجوب الزَّكاة عليه؛ لأنَّه قادر على الأَخْذ والإتلاف، وقادر على رَفْع الحجر بالعَوْد إلى الإسلام، ويتولَّى الإخراج عنه الإمام (عليه السلام) أو نائبه؛ لعدم صحَّتها منه، ولو عاد إلى الإسلام كان المأخوذ مجزئاً، وأمَّا لو أدَّاها بنفسه، فإنَّه يجب عليه إعادتها؛ لأنَّ الإسلام شرط في أدائها، كما عرفت.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: كما لا يمنع حَجْر السَّفه والمرض. وقال الشَّيخ: يمنع حَجْر المفلِس(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّ حَجْر السَّفه والمرض لا يمنع من وجوب الزَّكاة؛ لقدرته على الأخذ والإتلاف، ونحوهما، وحَجْر السَّفه لا يتوقَّف على حكم الحاكم على الأقوى.

وعليه، فإذا حصل له الرُّشد ارتفع حجره.

وكذا حَجْر المرض، على المشهور بينهم، وهو لا يتوقَّف على حكم الحاكم.

وحاصله: أنَّ المريض إذا اتَّصل مرضه بالموت، فقد وقع الإشكال بين الأعلام في أنَّ تصرُّفاته المبنيَّة على المحاباة والمجانيَّة، أو على نحو منها، كالوقف والصَّدقة والإبراء والهبة والصُّلح بغير عوض، أو بعوض أقلَّ مِنَ القيمة، والبيع بأقلَّ من ثمن المثل، ونحو ذلك، ممَّا يستوجب نقصاً في ماله، وهي المعبَّر عنها بمنجزات المريض، فهل هذه التَّصرُّفات نافذة من الأصل بمعنى نفوذها، وإن زادت على ثُلُث ماله؛ إذ هي نافذة بمقدار الثُّلث، فإذا زادت يتوقَّف صحَّتها ونفوذها في الزَّائد على إمضاء الورثة، فالمشهور بين الأعلام على الثَّاني.

والأقوى عندنا: عدم الحجر على المريض فتخرج من الأصل.

 

([1]) الوسائل باب 3 من أبواب المستحقين للزَّكاة ح2


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3498
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 26-04-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 26