• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : ما يجب فيه الزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 6 _ما يجب فيه الزكاة 2 .

الدرس 6 _ما يجب فيه الزكاة 2

ويؤيِّد الحمل على الاستحباب، بل يؤكِّده صحيحة علي بن مهزيار «قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدٍ إِلى أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: وَضَعَ رَسُولُ الله (ص) الزَّكاة عَلى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ: الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالذَّهب، وَالفضَّة، وَالْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ، وَالْإِبِلِ، وَعَفَا رَسُولُ الله (ص) عَمَّا سِوى ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْقَائِلُ: عِنْدَنَا شَيْءٌ كَثِيرٌ يَكُونُ أَضْعَافَ (بأضعاف) ذلِكَ، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ لَهُ : الْأَرُزُّ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): أَقُولُ لَكَ : إِنَّ رَسُولَ الله (ص) وَضَعَ الزَّكاة عَلى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ، وَعَفَا عَمَّا سِوى ذلِكَ، وَتَقُولُ : عِنْدَنَا أَرُزٌّ، وَعِنْدَنَا ذُرَةٌ، وَقَدْ كَانَتِ الذُّرَةُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ الله (ص) فَوَقَّعَ (عليه السلام): كَذلِكَ هُوَ، وَالزَّكاة عَلى كُلِّ مَا كِيلَ بِالصَّاعِ وَكَتَبَ عَبْدُ الله: وَرَوى غَيْرُ هذَا الرَّجُلِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الحبوب، فقال: وما هي؟ فقال: السمسم والأرز والدخن، وكل هذَا غَلَّةٌ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): فِي الْحُبُوبِ كُلِّهَا زَكَاةٌ، وَرَوى أَيْضاً عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ:كُلُّ مَا دَخَلَ الْقَفِيزَ، فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ: هَلْ عَلى هذَا الْأَرُزِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْحُبُوبِ ­ الْحِمِّصِ وَالْعَدَسِ ­ زَكَاةٌ؟ فَوَقَّعَ (عليه السلام): صَدَقُوا، الزَّكاة فِي كُلِّ شَيْءٍ كِيلَ»([1])، ولا يضر جهالة الكاتب والرَّاوي بعد شهادة عليِّ بن مهزيار بأنَّ الموقّع هو الإمام (عليه السلام).

ثمَّ إنَّ وجه التَّأييد، بلِ التَّأكيد في هذه الصَّحيحة هو أنَّ تصديق الإمام (عليه السلام) لتلك الرِّوايات المتعارضة المرويَّة عنِ الإمام الصَّادق (عليه السلام) لا يتمُّ إلاَّ على القول بالاستحباب فيما عدا التِّسعة، ولا يمكن الحمل هنا على التَّقيَّة إذ لا معنى للتَّقيَّة في تصديق الخبرين المتعارضين، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: نعم يستحبُّ فيما يكال أو يوزن، عدا الخُضَر كالبِطِّيخ والقَضْبِ.

وروي: سقوطها عن الغَضِّ، كالفِرْسِك ­ وهو الخَوْخُ ­ وشبهه، وعن الأشنان، والقُطُن، والزَّعفران وجميع الثِّمار(1)  

(1) أقول: مقتضى ما تقدَّم مِنَ الرِّوايات أنَّ الموضوع للاستحباب جملة مِنَ العناوين، ففي بعض الرِّوايات: أنَّ الزَّكاة على كلِّ ما كِيْل بالصَّاع، وفي بعضها: الزَّكاة في كلِّ شيء كِيل، وفي بعضها: في الحبوب كلِّها زكاة، وفي بعضها: الصَّدقة في كلِّ شيءٍ أنبتتِ الأرض.

ثمَّ لا يخفى أنَّ هذه العناوين، وإن كانت النسبة فيما بينها هي العموم من وجه، ولكن بما أنَّها مثبتة، فلا موجب لتقييد بعضها بالبعض الآخر، بل يُؤخَذ بها جميعاً، وتحمَل على الاستحباب.

نعم، وقع الكلام في المستثنى، وقدِ استثنيت جملة من الموارد، ولا بدَّ من ذِكْر الرِّوايات التي ورد فيها الاستثناء:

منها: صحيحة زرارة المتقدِّمة «... جَعَلَ رَسُولُ الله (ص) الصَّدَقَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ، وَكُلَّ شَيْءٍ يَفْسُدُ مِنْ يَوْمِهِ»([2]).

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) «أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْخُضَرِ فِيهَا زَكَاةٌ، وَإِنْ بيعت (بِيعَ) بِالْمَالِ الْعَظِيمِ؟ فَقَالَ: لَا، حَتّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»([3]).

ومنها: حسنة الحلبي «قَاْلَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): مَا فِي الْخُضَرِ؟ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: الْقَضْبُ وَالْبِطِّيخُ، وَمِثْلُهُ مِنَ الْخُضَرِ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يُبَاعَ مِثْلُهُ بِمَالٍ، فَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَفِيهِ الصَّدَقَةُ، وَعَنِ الْغَضَاةِ (العضاة) مِنَ الْفِرْسِكِ وَأَشْبَاهِهِ، فِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَثَمَنُهُ؟ قَالَ: مَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ ثَمَنِهِ فَزَكِّهِ»([4]). القضب بالمعجمة، أو القصب بالمهملة نوع من الخضر يطعم للدواب، ويقال له أيضاً القَب بفتح القاف، ويقال له الرطبة أيضاً.

والمراد بالعضاةِ ­ بالعين المهملة ­ كل شجر له شوك، كأنه أراد بها الأشجار التي تحمل الثمار كائنة ما كانت.

والفرسك هو الخوخ وشبهه.

ومنها: حسنة محمَّد بن مسلم عن أبي جعفر أو أبي عبد الله (عليهما السلام) «فِي الْبُسْتَانِ يَكُونُ فِيهِ الثِّمَارِ مَا لَوْ بِيعَ كَانَ مَالاً، هَلْ فِيهِ صَدَقَةٌ؟ قَالَ: لَا»([5]).

ومنها: صحيحة محمَّد بن إسماعيل «قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام): إِنَّ لَنَا رَطْبَةً وَأَرُزّاً، فَمَا الَّذِي عَلَيْنَا فِيهَا؟ فَقَالَ (عليه السلام): أَمَّا الرَّطْبَةُ، فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْءٌ...»([6]).

ومنها: صحيحة عبد العزيز بن المهتدي «قَاْلَ: سَأَلْتُ أبا الحسنِ (عليه السلام) عَنِ القُطْنِ، والزَّعْفَران، عليهما زكاة؟ قَاْلَ: لَاْ»([7]).

ومنها: موثَّقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْلَ: لَيْسَ عَلَى البُقُوْل وَلَاْ عَلَى البِطِّيْخِ، وأشباهه، زكاةٌ، إلاَّ ما اجتمع عندك مِنْ غلَّتِه فبَقِيَ عندَك سَنَةً»([8]).

ومنها: رواية يونس «قَاْل: سَأَلْتُ أبا الحسن (عليه السلام) عَنِ الأشنانِ، فيه زكاةٌ؟ فَقَاْلَ: لَا»([9])، وهي ضعيفة بعدم وثاقة إسماعيل بن مرار.

ثمَّ إنَّه يستفاد من حسنة محمَّد بن مسلم المتقدِّمة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) عدم استحباب الزَّكاة في جميع ثمار الأشجار.

وكذا يستفاد ذلك من صحيحة زرارة المتقدِّمة المشتملة على عطف «كلّ شيءٍ يفسد مِنَ يومه» على الخُضَر والبُقُول.

بل يستفاد ذلك أيضاً من حسنة الحلبي المتقدِّمة؛ لما عرفت مِنْ أنَّ المراد بالغضاة كلُّ شجر له شَوْك، والمراد بها الأشجار التي تحمل الثِّمار كائنةً ما كانت.

قال في الجواهر: «لكن لم أجد مَنْ أفتى به صريحاً، عدا الأستاذ في موضع من كشفه، نعم في الدُّروس والرَّوضة نسبته إلى الرِّواية...».

أقول: لا نحتاج إلى التَّصريح بعد ظهور عبارة جملة مِنَ الفقهاء في عدم الاستحباب في الثِّمار.

نعم، قد يقال: إنَّ المراد من نفي الزَّكاة في الثِّمار في حسنة ابن مسلم المتقدِّمة «في البستان يكون فيه الثِّمار...»، هو نفي الوجوب، وهذا لا ينافي ثبوت الاستحباب فيها.

وفيه: أنَّ ظاهر صحيحة زرارة المتقدِّمة كون الثِّمار كالخُضَر في السُّقوط، بلِ الخُضَر شامل للثِّمار لغةً وعرفاً.

وأيضاً قد يُسْتَشْكل في صحيحة عبد العزيز بن المهتدي المشتملة على القُطُن والزَّعفران بأنَّ المراد من نفي الزَّكاة فيهما هو نفي الوجوب، وكذا الحال في رواية يونس المشتملة على الأشنان، فقد يقال: إنَّ المراد من نفي الزَّكاة هو نفي الوجوب.

لكنَّ الذي يهوِّن الخطب في رواية يونس: أنَّها ضعيفة، كما عرفت.

وأمَّا صحيحة عبد العزيز، فاحتمال إرادة نفي الوجوب فيها قويٌّ، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والعلس حنطة، والسُّلت شعير عند الشَّيْخ(1)

(1) ذهب الشَّيخ (رحمه الله) إلى أنَّ السُّلت كالشَّعير، والعلس كالحنطة، في الوجوب، ووافقه على ذلك جملة من الأعلام، منهم العلاَّمة في بعض كتبه، والمصنِّف في البيان، والشهيد الثَّاني في المسالك، والمحقِّق الثَّاني في جامع المقاصد، والمحقِّق الميسي، وابن إدريس في السِّرائر (قدَّس الله أسرارهم).

وذهب الأكثر إلى عدم الوجوب فيهما، بل عن كشف الالتباس والمفاتيح أنَّه المشهور، بل عَنِ الغُنْية الإجماع عليه.

واحتجَّ مَنْ ذهب إلى الوجوب، كالشَّيخ (رحمه الله)، ومَنْ وافقه، بنصِّ أهل اللُّغة على أنَّ العلس نوع من الحنطة، والسلت نوع من الشعير، ففي مجمع البحرين: «السُّلت ­ بالضَّمِّ ­ فالسكون: ضرب من الشعير لا قشر فيه» وفي القاموس العَلَس ­ محرَّكة... ­: ضَرْب مِنَ البُرِّ تكون حبَّتان في قِشْر، وهو طعام صنعاء»، وفي الصِّحاح : «العَلَس، ضرب من الحنطة حبتان في قشر، وهو طعام أهل صنعاء، وقال أيضاً: السُّلت ­ بالضَّمِّ ­: ضرب مِنَ الشَّعير ليس له قِشْر، كأنَّه حنطة»، وكذا غيرها من أقوال أهل اللُّغة.

 

([1]) صدر الصَّحيحة في الوسائل باب 8 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة ح6، وذيلها في باب9، ح1.

([2]) الوسائل باب 9 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح6.

([3]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح1.

([4]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح2.

([5]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح3.

([6]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح5.

([7]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح6.

([8]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح7.

([9]) الوسائل باب 11 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح8.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3484
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 30-03-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27